وفيما ساد الاعتقاد أن دخول الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” على الخط سيحل أزمة الفراغ الإداري المدقع في اتحاد الكرة وحالة الجمود والتخبط التي تعيشها الأوساط الكروية في تونس، عادت بوادر أزمة عميقة لتظهر من جديد وذلك بعد الإعلان عن تأجيل انطلاق الدوري التونسي الممتاز إلى موعد غير محدد، وذلك بعد أن كان اتحاد الكرة حدد رسميا موعد الجولة الأولى من المسابقة ليوم 17 أغسطس الجاري.
وطفت على سطح الأحداث الكروية في تونس خلال الأسبوع الجاري قضية جديدة اعتبرها الكثير من المتابعين بمثابة عقبة أخرى على طريق استقرار الأوضاع في كرة القدم التونسية وذلك باستمرار حالة الفراغ الإداري وعدم تعيين هيئة تصريف أعمال مؤقتة تتولى تسيير شؤون الكرة داخل الاتحاد وتنظم الدوري بمختلف درجاته وخصوصا دوري المحترفين الأول.
أزمات متلاحقة وديون متراكمة
وقرر الاتحاد الدولي لكرة القدم في 15 يوليو الماضي إنهاء مهام المكتب المؤقت لاتحاد الكرة، قبل أن يعلن في 23 من الشهر ذاته، عن تعيين لجنة تسوية أوضاع لحل أزمة الاتحاد التونسي تتكون من أعضاء تعينهم “الفيفا” بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم “كاف” وتكون مهمتهم التسيير المؤقت لدواليب الكرة في تونس وتنظيم المسابقات الرسمية بجانب الإشراف على منتخبات تونس في كل الفئات وخصوصا المنتخب الأول.
وكان من المنتظر أن تبدأ لجنة التسوية عملها في الأول من أغسطس الجاري ولمدة تصل إلى 6 أشهر بحد أقصاه يوم 31 يناير المقبل، إلا أن حالة التخبط الإداري والخلافات بين بقايا اتحاد الكرة والأعضاء المرشحين للإشراف على لجنة التسوية حال دون بدء مهام إنقاذ الكرة التونسية وتأمين بداية المسابقات الرسمية.
كما أثيرت قضية الديون الثقيلة التي تحاصر اتحاد كرة القدم والمتمثلة في مستحقات حكام مباريات الدوري للمواسم الثلاثة الأحيرة، حيث أشارت عديد المصادر داخل الاتحاد إلى أن ديون الحكام البالغة أكثر من 3 ملايين دينار (ما يفوق 1 مليون دولار) ستكون بدورها أكبر خطر يهدد بداية دوري الدرجة الأولى للمحترفين للموسم الجديد.
وقدمت إدارة الحكام في الاتحاد التونسي لكرة القدم مذكرة رسمية لوزارة الرياضة تطالب فيها بخلاص أجور الحكام المتخلدة بذمة الاتحاد للموسمين الماضيين، لكن الإشكالات القانونية وعدم وجود هيكل رسمي حال دون تسوية أزمة ديون حكام الدوري.
يشار إلى أن الدوري التونسي لكرة القدم سيلعب رسميا دون اعتماد تقنية حكم الفيديو المساعد “الفار” والتي تم العمل بها لأول مرة منذ 3 سنوات، ويعود قرار إلغاء العمل بحكم الفيديو بسبب تراكم ديون اتحاد الكرة لفائدة الشركة المشرفة على تجهيز تقنية (فار) وفق ما أكده رئيس لجنة الحكام بالاتحاد يوسف السرايري.
وقال السرايري في تصريحات إعلامية أن أزمة الديون لفائدة الحكام أكبر خطر يهدد عودة الحكام للنشاط في الموسم الجديد وذلك رغم التعهد بتسوية أزمة المستحقات من قبل الهياكل المشرفة.
وأضاف رئيس لجنة الحكام: “تم الاتفاق على تسوية أزمة مستحقات الحكام وقدمنا مذكرة لوزارة الرياضة لكن حتى الآن لم يتم تنفيذ أي اتفاق بعد أن وصل حجم الديون إلى 3 ملايين دينار وذلك بسبب عدم وجود هيكل كروي رسمي مشرف على الكرة التونسية في الوقت الراهن”.
خطر محدق بالأندية والمنتخب
ووجهت الأمانة العامة للاتحاد التونسي لكرة القدم يوم الثلاثاء مراسلة عاجلة إلى الفيفا للمطالبة بالحصول على ترخيص قانوني استثنائي لإعطاء إشارة انطلاق الدوري وسحب روزنامة الموسم الجديد، وهو شرط أساسي يستوجب توفره في ظل عدم وجود هيكل إداري رسمي مشرف على الاتحاد المحلي وفق ما أكده الخبير في القانون الرياضي أنيس بن ميم.
وقال بن ميم لسكاي نيوز عربية إن “الفشل في إجراء الجمعية العمومية لانتخابات اتحاد الكرة في مناسبتين هو الدافع الأساسي وراء القرارات المتلاحقة التي اتخذها الاتحاد الدولي للعبة بسبب ما اعتبره الأخبير استهتارا في إعادة الأمور إلى طبيعتها وعودة الاستقرار لأجواء الكرة التونسية”.
وأضاف بن ميم للموقع: “الوضع يزداد غموضا في ضوء استمرار حالة الفراغ والتخبط والتداعيات ستكون كبيرة على انطلاق الدوري وعلى مشاركات الأندية التونسية في مسابقتي دوري أبطال أفريقيا وكأس الكونفدرالية الإفريقية بجانب مباريات المنتخب التونسي في تصفيات كأس العالم 2026 وتصفيات كأس أمم إفريقيا 2025.”
ويشار إلى أن الملعب التونسي والاتحاد المنستيري يبدآن مشوارهما في المسابقتين الإفريقيتين خلال الأسبوع المقبل، فيما يشارك أيضا الترجي التونسي حامل لقب الدوري والنادي الصفاقسي ثالث ترتيب الدوري في المسابقتين بداية من الدور الثاني خلال شهر سبتمبر المقبل.
ويبدأ منتخب نسور قرطاج مشواره في تصفيات كأس أمم إفريقيا المغرب 2025، في الخامس من الشهر المقبل بمواجهة منتخب مدغشقر على ملعب رادس ضمن الجولة الأولى قبل أن يلاقي منتخب غامبيا في 8 من الشهر ذاته لحساب المجموعة الأولى.
ومنذ أكتوبر 2023، دخلت كرة القدم في تونس مربع الفوضى وشهدت حالة من الأزمات بعد الفشل في تأمين الانتخابات في مناسبتين الأولى في 9 مارس والثانية في 11 مايو من العام الحالي وذلك بعد وجود إخلالات بالجملة في ملفات المترشحين ما أدى إلى إسقاط كل القائمات والإعلان رسميا عن تأجيل الانتخابات لأجل غير مسمى.