كما رأيتم على الأرجح، فقد تصدرت شركة ستاربكس عناوين الأخبار الرئيسية بعد استقطابها للرئيس التنفيذي لشركة تشيبوتلي براين نيكول، وعرضت عليه راتبًا بقيمة 113 مليون دولار ومكتبًا يديره عن بعد في نيوبورت بيتش.
بعد هذا الإعلان، أضافت ستاربكس أكثر من 20 مليار دولار إلى قيمتها السوقية.
ولكن القصة لا تقتصر على مجرد تغييرات في القيادة.
أظهرت نتائج ستاربكس الأخيرة أن الشركة قد تواجه صعوبة في بيع القهوة، ولكنها تزداد نجاحًا في بيع العملاء الحق في شراء القهوة في المستقبل.
بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون الكثير عن ستاربكس الذي تأسس في عام 1971، فأن صانع القهوة العالمي قد يكون يعمل فعليًا مثل البنك من خلال تلقي قروض خالية من الفائدة من العملاء عند شراء بطاقات الهدايا أو إيداع الأموال في حساباتهم في ستاربكس، بحسب تقرير على ماركت وتش، اطلعت عليه سكاي نيوز عربية.
أعلنت ستاربكس أن العملاء لديهم 1.77 مليار دولار مخزنة في بطاقات هدايا غير مستخدمة، بزيادة 9 بالمئة عن العام السابق، وفقًا لنتائجها المالية للربع الثالث.
الأفضل من وجهة نظر ستاربكس هو أن جزءًا كبيرًا من هذا المبلغ البالغ 1.77 مليار دولار لن يتم استخدامه أبدًا، وبالتالي فإن التكلفة الوحيدة التي تتحملها ستاربكس هي التكلفة البسيطة لتحميل البطاقة البلاستيكية وتسويقها.
في العام الماضي، سجلت سلسلة المقاهي ما يسمى بإيرادات البطاقات غير المستخدمة بقيمة 196.1 مليون دولار للمتاجر التي تديرها الشركة، بالإضافة إلى 18.9 مليون دولار من المتاجر المرخصة.
على الرغم من أن معظم بطاقات الهدايا التي تصدرها لا تنتهي صلاحيتها، إلا أن ستاربكس تسجل هذه الإيرادات، لأن الغالبية العظمى من بطاقات القيمة المخزنة يتم استردادها خلال عام واحد.
وكنسبة مئوية من إجمالي بطاقات الهدايا، كانت هذه النسبة 13.7 بالمئة – وهو ما يمثل فعليًا معدل فائدة سلبي على الودائع.
من المؤكد أن ستاربكس تواجه خطر أن يصبح العملاء أكثر وعياً، ولكن حتى الآن لم يحدث ذلك. قبل عامين، سجلت الشركة أيضًا إيرادات من بطاقات الهدايا غير المستخدمة بقيمة 196 مليون دولار للمتاجر التي تديرها الشركة، بالإضافة إلى 16.7 مليون دولار من المتاجر المرخصة.
تأثير مذهل
على مر السنين أصبحت “ستاربكس” اسماً مشهورا وجزءاً من الثقافة الأميركية، ونمت لدرجة أنها أدت إلى ظاهرة تسمى “تأثير الفرابتشينو”.
وتأثير الفرابتشينو هو ظاهرة أدت إلى ارتفاع أسعار العقارات بشكل كبير عندما يكون مقهى ستاربكس قريباً من العقار، وقد لوحظت هذه الظاهرة في العديد من المدن حول العالم.
ووفقاً لما ذكره موقع Usurumarthi محلل الخدمات الاستشارية العقارية، فإنّ سعر العقار في الولايات المتحدة على سبيل المثال يبلغ 137 ألف دولار في حال كان قريباً من مقهى ستاربكس، بينما سيكلف 102 ألف دولار في حال لم يكن هناك “ستاربكس” قريب.
وبالمثل، بلغت نسبة تقدير العقارات القريبة من “ستاربكس” 96 بالمئة، بينما بلغت النسبة 65 بالمئة كموقع عادي.
متى حدث التحول؟
بعد سنوات من الركود والخسائر بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، قررت “ستاربكس” الاستعانة بأول مسؤول تقني في تاريخ شركتها، إذ تعاقدت مع المدير التنفيذي السابق لشركة Adobe Systems Inc، جيري مارتن-فليكينجر، لقيادة فريقها التكنولوجي.
وكانت أول إنجازاته إطلاق بطاقة “ولاء ستاربكس” على شكل تطبيق إلكتروني يحمّل على الهواتف الذكية.
ووفقاً لما ذكره موقع ScroogeMarketer، فإن نسبة 30 بالمئة من مبيعات “ستاربكس” تتم من خلال هذا التطبيق الذي أطلق لأول مرة في عام 2015.
هذا التطبيق الذي عمل على تغيير الطريقة التي يدفع بها المستهلكون مقابل القهوة، جعل “ستاربكس” تستفيد من أموال عملائها كما لو أنها بنك نظامي.
ويعمل هذا التطبيق من خلال استراتيجية سهلة جداً، وهي أن كل شخص يمتلك في تطبيقه محفظة خاصة به، تستخدم هذه المحفظة لشراء ما تريده من أي مقهى لـ”ستاربكس” في البلد الذي حملت به التطبيق.
على سبيل المثال، بدلاً من أن تدفع بشكل نقدي عند شراء كوب قهوتك، وبدلاً من أن تستخدم بطاقتك البنكية، بات بإمكانك تحويل مبلغ من المال إلى محفظتك في “ستاربكس” واستخدامها في أي وقت تريد.
طريقة ذكية
تمكن ستاربكس من جعل الناس يحتفظون ببعض أموالهم في حسابات “ستاربكس” على التطبيق، مع العلم أنهم قد يستخدمونها خلال يوم واحد، أو خلال عدة أيام، أو هناك بعض الناس الذين يضعون مبلغاً مخصصاً لمشروبات “ستاربكس” كل شهر.
ووفقاً لموقع ماركت وتش، فإنّ البيانات التي تم جمعها أكدت أنّه في نهاية عام 2017 كان لدى “ستاربكس” نحو 1.2 مليار دولار في رصيد عملائهم على التطبيق، وهذا أعلى من الودائع التي يحتفظ بها العملاء في بنك “Green Dot” نحو 780 مليون دولار.
مع نهاية عام 2019، بلغ رصيد العملاء في حسابات ستاربكس 1.5 مليار دولار، وعلى الرغم من أن هذا المبلغ ليس كبيراً، فإنه يمثل مبلغاً كبيراً عندما تعرف أنّ أكثر من 3900 بنك ومصرف في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية وكندا لديها أصول أقل من مليار دولار واحد.
وبهذه الفكرة العبقرية، حققت “ستاربكس” كثيراً من الأموال من خلال العملاء الذين قدموا عن غير قصد لسلسلة القهوة قرضاً بقيمة 1.5 مليار دولار، بفائدة 0 بالمئة. من أجل كسب أرباح مجانية، يمكن لـ”ستاربكس” استثمار تلك الأموال في السوق أو إنفاقها على التوسع في أسواق جديدة.
وهناك في الواقع أكثر مما يبدو عليه، إذ تشير التقديرات إلى أن 10 بالمئة من هذه الأموال سوف تُنسى أو تضيع ولن يتم استخدامها أبداً، فيما يعرف باسم الكسر.
وتُظهر بعض التقارير أنه في السنوات المالية 2017 و2018 و2019، حققت “ستاربكس” 125 مليون دولار و155.9 مليون دولار و104.6 مليون دولار من دخل الكسر.