جدد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، هجومه الحاد على الرئيس جو بايدن، ونائبته المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، كامالا هاريس، محذراً من أن الأخيرة من شأنها “تدمير الاقتصاد” إذا ما فازت في تلك الانتخابات.
جاء ذلك خلال مقابلة أجراها مع الرئيس التنفيذي لشركة تسلا الملياردير الأميركي إيلون ماسك، عبر منصة “إكس” وتابعها نحو مليوني شخص واستمرت لقرابة الثلاث ساعات، بعد أن تأخر انطلاقها عن موعدها المحدد بنحو ما يزيد عن 30 دقيقة، بسبب ما زعم ماسك أنه “هجوم سيبراني” محتمل من خلال هجوم من نوع (DDoS) استهدف المنصة، والتي تم إخضاعها إلى اختبار تجريبي مع ثمانية ملايين مستمع يوم الاثنين لتفادي الأخطاء.
استحوذت الملفات الاقتصادية على شق واسع من الحديث بين ترامب وماسك، كذلك احتل ملف “الهجرة” مكاناً رئيسياً ضمن الملفات التي تصدرت المقابلة المُطولة، والتي استهلها ترامب بحديث موسّع عن عملية محاولة اغتياله التي وقعت في شهر يوليو الماضي.
كما تطرق الحوار إلى الاضطرابات الجيوسياسية والصراعات القائمة، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا وحرب غزة، والتهديدات الإيرانية الحالية، في وقت جدد فيه ترامب تحذيراته من خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة، متهماً إدارة بايدن بالسماح بمثل تلك الاضطرابات.
الملفات الاقتصادية
فيما يخص الملفات الاقتصادية، اعتبر ترامب أن ما يُهم الناخب الأميركي هو “الاقتصاد” والتضخم، لا سيما في ضوء ارتفاع معدلات التضخم بشكل واسع خلال السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أن تلك هذا الملف يتقدم على الملفات الأخرى في تقييمات الناخب الأميركي.
وقال ترامب: “الانتخابات قادمة والناس يريدون سماع أخبار الاقتصاد.. إن أسعار المواد الغذائية في ارتفاع… وهذه الإدارة الغبية سمحت بحدوث هذا الأمر.. إنه لأمر مخز. وهذا هو الشيء الذي يهتم به الناس أكثر من أي شيء آخر في رأيي”.
وهاجم ترامب إدارة بايدن التي حمّلها مسؤولية إذكاء معدلات التضخم على ذلك النحو، من خلال حزم الإنفاق والأموال الطائلة التي أنفقها بايدن بدون داعٍ، بما تسبب في تفاقم أزمة التضخم الذي “يستنزف دخل الأسرة الأميركية” ويقلص من قدرتها على الادخار.
ووصف ترامب ذلك الوضع الاقتصادي بأنه “وضع سيء” لم يكن موجوداً في عهده خلال الفترة الرئاسية التي قضاها في البيت الأبيض.
وفي خضم اتهامه لسياسات بايدن بمفاقمة أزمة التضخم، شدد الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، على ضرورة أن تكون هنالك خطة لخفض الإنفاق الحكومي. فيما دعا ماسك إلى ضرورة أن تكون هنالك لجنة “كفاءة حكومية” تضمن إنفاق أموال الضرائب بشكل صحيح، وأضاف: سأكون سعيداً بالمشاركة في هذه اللجنة.
وحذّر ترامب في السياق ذاته من أن فوز كامالا هاريس في الانتخابات يعني “خراب الاقتصاد الأميركي”، على حد وصفه، إذ يرى أن إدارة نائبة الرئيس الأميركي الحالية من شأنها أن تدمر الاقتصاد، مستشهداً في ذلك خلال الحوار بما وصل إليه الاقتصاد الأميركي في عهد الديمقراطيين وبناءً على سياسات بايدن التي أججت الأزمات.
ويشار إلى أنه في معرض حديثه أثناء المقابلة، تشكك ترامب في أن يكون بايدن قد انسحب للأسباب المعلنة من السباق الانتخابي (..) وزعم أن انسحاب بايدن من السباق كان “انقلابًا”.
وقد كان ترامب متقدمًا على بايدن في العديد من استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة التي من المرجح أن تكون حاسمة لنتيجة انتخابات 5 نوفمبر، لكنه الآن يتخلف عن هاريس في بعض الولايات نفسها.
وهاجم الرئيس السابق هاريس ووصفها بأنها “ليبرالية من سان فرانسيسكو” غيرت موقفها بشأن قضايا مختلفة من بينها إلغاء تمويل الشرطة. وزعم أن هاريس ستعود إلى مواقف أكثر ليبرالية إذا انتُخبت في نوفمبر.
الوضع العالمي المضطرب
تناول الحوار تقييماً عاماً من جانب ترامب للمشهد الدولي المفهم بالاضطرابات الواسعة، فيما اعتبر أن الحرب في أوكرانيا (التي بدأت في الرابع والعشرين من شهر فبراير من العام 2022) لم تكن لتحدث إن كان موجوداً في البيت الأبيض حينها، كذلك هجمات السابع من أكتوبر 2023 وحرب غزة، مشيراً إلى أن إدارة جو بايدن هي من سمحت بكل هذا التدهور لأن يحدث على ذلك النحو.
وأفاد الرئيس الأميركي السابق بأن “الوضع سيء بالنسبة للولايات المتحدة” وأن كل ذلك لم يكن يحدث تحت إدارته. في الوقت الذي حذر مجدداً من سيناريوهات الانجرار إلى حرب عالمية ثالثة.
وعن التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما منذ بدء الحرب في غزة، ومع التهديدات الإيرانية الراهنة باستهداف إسرائيل بعد الاغتيالات الأخيرة، أوضح الرئيس الأميركي السابق خلال الحوار مع إيلون ماسك على منصة “إكس” ليل الاثنين بتوقيت الولايات المتحدة الأميركية، أن طهران لن تهاجم، واصفاً إياها بـ “المفلسة”. وفيما يخص حزب الله اللبناني، قال إنه لا توجد تدفقات مالية له، في إشارة لضعف الجبهتين في تقديره.
واستعرض المرشح الجمهوري للانتخابات الأميركية، خلال المقابلة المُطولة مع الملياردير الأميركي إيلون ماسك، الوضع إبان رئاسته للولايات المتحدة الأميركية، وقال إنه تعامل بقوة مع إيران وكذلك مع وكلائها في منطقة الشرق الأوسط، كما أنه تعامل بقوة مع بكين، وحذرها من شراء النفط من طهران، وقد كان جاداً في عدم التعامل معها (مع بكين) حال خالفت ذلك.
وعلى ذكر الصين، فقد شهد الحوار تأكيدات من جانب ترامب على تسارع وتيرة تطوير الأسلحة النووية في الصين، وذلك في معرض حديثه عن ملف السلاح النووي. كما قال: “لا نريد انتشار التسليح النووي”.
واعتبر الرئيس الأميركي السابق أن المشكلة الرئيسية في هذا السياق هو ما يتعلق بالقوة النووية، لا سيما في ظل وجود عدد من الدول التي تمتلك قوة نووية تدميرية هائلة.
الحرب في أوكرانيا
فيما يخص الملف الأوكراني، وصف ترامب الرئيس الأميركي الحالي بأنه “قد لا يكون لديه معدل ذكاء على الإطلاق فيما يتصل بالملف الأوكراني”. وانتقد ترامب الرئيس بايدن بسبب أسلوبه في هذا الشأن.
وقال ترامب: “هذا الرئيس (بايدن) لديه معدل ذكاء منخفض.. منخفض للغاية.. كان معدل ذكائه منخفضًا قبل 30 عاماً أيضاً بالمناسبة.. ولكن الآن قد لا يكون لديه معدل ذكاء على الإطلاق”.
وانتقد الرئيس السابق بايدن على وجه التحديد لقوله إن أوكرانيا قد تصبح دولة عضوًا في الناتو، وادعى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يكن ليذهب إلى أوكرانيا بدون أسلوب بايدن.
وبينما اعتبر أن الحرب في أوكرانيا لم تكن لتحدث في عهده، فقد استدل على ذلك بقوله: “عندما غادرت بدأوا في تشكيل جيوش كبيرة على الحدود مع أوكرانيا”.
ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه “مفاوض جيد”، مستطرداً: “أعتقد بأنه كان يفعل ذلك من أجل التفاوض”.
وفي سياق متصل، أشاد ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينج والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، وقال إنهم جميعا من الزعماء الأقوياء “المستبدين” باعتبارهم “في قمة قوتهم”، على حد قوله.
محاولة الاغتيال
وخلال المقابلة، روى دونالد ترامب محاولة اغتياله بتفاصيل حية، وقال “لو لم أحرك رأسي، لما كنت أتحدث إليك الآن (إلى ماسك)”. وقال إن التفاته لرسم بياني حول الهجرة أثناء إطلاق النار كان عاملاً أسهم في نجاتهم من أن تصل الرصاصة إلى رأسه. فيما أسهب ماسك في بداية الحوار في الثناء على ترامب وشجاعته ورد فعله.
وقال ماسك “هناك بعض الشخصيات القوية.. وإذا لم يعتقدوا أن الرئيس الأمريكي قوي، فسوف يفعلون ما يريدون فعله”.
ملف الهجرة
وأسهب ترامب في الحديث عن ملف الهجرة خلال المقابلة، كما شن هجوماً لاذعاً على هاريس ومسؤوليتها عن الحدود.
ووعد الرئيس الأميركي السابق بتنفيذ أكبر عملية ترحيل في تاريخ البلاد إذا تم انتخابه في انتخابات نوفمبر المقبل.
وقال المرشح الجمهوري في هذا السياق إن دولاً أخرى تعمل على إفراغ سجونها ومؤسساتها العقابية وإرسال هؤلاء الأفراد إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وأن بعض القادمين إلى الولايات المتحدة يتحدثون لغات لم يسمع بها أحد، على حد وصفه.
وفي هذا السياق أيضاً، زعم ترامب أيضاً -محاولاً تأكيد وجهة نظره- أن معدل الجريمة في فنزويلا انخفض بنسبة 72 بالمئة بسبب ما وصفه بـ “هجرة المجرمين إلى الولايات المتحدة”.
وحذر الرئيس السابق من وصفهم بـ “الأشخاص العنيفين” الذين يحاولون دخول البلاد عبر الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. وقال: ب “هؤلاء أشخاص في السجن بتهمة القتل وغير ذلك من الجرائم، وهم يطلقون سراحهم في بلادنا”.
وواصل ترامب مهاجمة منافسته كامالا هاريس ووصفها بأنها “قيصرة الحدود” في إدارة بايدن. كما سخر منها أكثر م مرة في المقابلة بوصفها ديمقراطية “راديكالية” “دمرت” كاليفورنيا عندما شغلت منصب المدعي العام للولاية ثم عضو مجلس الشيوخ.
كما هاجم ترامب ضمن تعليقاته ديمقراطيين آخرين، بما في ذلك حاكم ولاية إلينوي جيه بي بريتزكر، ووصفه بالخاسر الحقيقي، علاوة على النائب عن ولاية كاليفورنيا آدم شيف.
السيارات الكهربائية
شهدت المقابلة إشادات متبادلة بين طرفيها، ففيما أسهب ماسك في الثناء والإشادة بترامب، فإن ترامب من جانبه تحدث عن ماسك بإيجابية، لا سيما باعتباره داعم له في الانتخابات الأميركية، بعد أن أعلن عن موقفه بعد عملية اغتيال ترامب مباشرة. وقال ترامب إنه يحتاج إلى شخص مثل ماسك لتطوير التعليم.
كما قال ترامب في إشارة إلى ميل ماسك إلى تنفيذ عمليات تسريح جماعي للموظفين : “سأحب ذلك من أجلك. أنت أعظم قاطع”.
وفي هذا السياق، تحدث ترامب عن السيارات الكهربائية، وشركة تسلا التابعة لإيلون ماسك، معتبراً أن سياراتها “منتج رائع”، فيما شدد على أنه لا يتعين على جميع الناس امتلاك سيارة كهربائية. وقد أشاد بسيارات تسلا لعدم استهلاكها كميات من الوقود في ظل ارتفاع الأسعار.
المناخ
وفيما يتعلق بأزمة المناخ، شدد الرئيس الأميركي السابق على أن التهديد الأكبر ليس الاحتباس الحراري العالمي، حيث سيرتفع مستوى المحيط بمقدار ثُمن بوصة على مدى الأربعمائة عام القادمة، بينما إن التهديد الأكبر هو الاحتباس الحراري النووي، على حد وصفه.
ويشار إلى أن الحوار في معظمه لم يحمل جديداً في لهجة الرئيس الأميركي السابق ومواقفه الأكثر وضوحاً بالنسبة للقضايا الأساسية، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية.
وشكلت المقابلة فرصة لعودة زخم ترامب إلى منصة “إكس” التي توقف عند التدوين بها منذ عودته إليها قبل أكثر من عام بعد عودة ماسك وبعد إيقاف حسابه لمدة عامين (في أعقاب هجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول الأميركي).
ولم يستخدم ترامب حسابه كثيرًا منذ إعادة تفعيله، حيث اختار بدلاً من ذلك النشر على منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به تروث سوشيا، لكنه نشر سلسلة من المنشورات قبل ساعات من المقابلة يوم الاثنين للترويج لحملته وتصوير هاريس على أنها “راديكالية سان فرانسيسكو”.