في ظل الظروف الاقتصادية الحالية وتغيرات سوق العمل، قد يكون مغادرة وظيفتك السابقة أمراً لا بد منه، ولكن ذلك لا يجب أن يكون على حساب استقرارك المالي. بل، يمكن أن تكون هذه اللحظة فرصة لتحسين شروط خروجك وضمان تعويض مناسب يتماشى مع حقوقك واحتياجاتك المستقبلية.
لتحقيق ذلك، من الضروري تتبع استراتيجيات مدروسة، بدءاً من تقييم وضعك المالي الحالي وجمع المعلومات حول حقوقك القانونية، وصولاً إلى التحضير الجيد للمفاوضات مع صاحب العمل. يتطلب الأمر أن تكون دقيقاً في تحديد مطالبك وتوقعاتك، وأن تكون قادراً على تقديم مبررات قوية لما تطلبه.
من خلال التفاوض بذكاء واحترافية، يمكنك ضمان انتقال سلس وتحقيق مكاسب مالية تحمي مصالحك وتعزز استقرارك المالي.
نصائح ثمينة
تقرير حديث لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية، نقل مجموعة من النصائح عن مؤسس شركة Financial Samurai، سام دوغين، وهو صاحب تجربة خاصة عندما ترك عمله قبل سنوات طويلة.
يقول دوجين “لا تترك وظيفتك أبداً”.. وهذا ما فعله بنفسه منذ أكثر من عقد من الزمان. فبدلاً من الرحيل، خطط لتسريحه من العمل، الأمر الذي مكنه من الحصول على ثلاثة أشهر من راتبه الأساسي بالإضافة إلى مكافأة نهاية الخدمة التي بلغت ستة أرقام. وقد سمح له هذا المال، إلى جانب 80 ألف دولار أميركي سنوياً كان يكسبها في شكل دخل سلبي في ذلك الوقت، بالانتقال إلى التقاعد المبكر.
وفي هذا السياق، يقدم المليونير دوجين نصائح إذا كنت تفكر في ترك وظيفتك، لتتبع خطواته في هذا الصدد.
تعتمد كيفية إدارة ترك وظيفتك على ظروفك الخاصة. فبالنسبة لدوجين، كان العام 2012 بمثابة نهاية حياته المهنية بعد 13 عاماً في صناعة الخدمات المصرفية الاستثمارية. وقد بنى دخلاً سلبياً كافياً خارج إطار العمل ليشعر بالراحة في المغادرة، وكان يعلم أنه يريد المغادرة.
كما كان يعرف نوع السلطة التي كان يتمتع بها كموظف في طريقه إلى ترك العمل. ويقول: “بصفتي مسؤولاً سابقاً، فإن أسوأ شيء يمكن أن يحدث هو عندما يستقيل موظف ذو قيمة ويعطيك إشعاراً بترك العمل قبل أسبوعين أو أقل”. وفي هذا السياق، يحدد سبل الاستفادة من هذه القوة في الحصول على الوظيفة التي تريدها.
التعبير عن عدم سعادتك!
يقول دوجين إن عليك تحريك الأمور من خلال إخبار الأشخاص المناسبين (المديرون) بأنك غير سعيد بدورك الحالي، مضيفاً: “في الأساس، يتعين عليك التحدث إلى قسم الموارد البشرية أو إلى رئيسك المباشر.. قل: أنا لست سعيداً هنا، وأود إجراء بعض التغييرات.. في النهاية، أود المغادرة إذا لم يتم تنفيذ هذه التغييرات”.
ومن خلال القيام بذلك، فإنك تخلق وضعاً مربحاً للجانبين، كما يقول دوجين، لأن هناك فرصة لأن يكون رؤسائك على استعداد لتلبية احتياجاتك”.
ويضيف: قد يمنحونك زيادة في الراتب، وقد يمنحونك ساعات عمل أكثر مرونة.. إنه أمر رائع.. إذ لا يريد أي صاحب عمل شخصاً لم يعد مهتماً به”.
عرض لتسهيل عملية الانتقال
إذا لم تتمكن شركتك من تلبية مطالبك، فقم بتحويل المحادثة نحو إمكانية مغادرتك مع تسهيل الحياة على صاحب العمل الخاص بك.. وفي هذا السياق يمكنك أن تقول: “دعنا نتوصل إلى حل؛ أنا على استعداد للبقاء لأطول فترة ممكنة للمساعدة في إتمام عملية الانتقال.. ولكن في ضوء ذلك، دعنا نتحدث عن مكافأة نهاية الخدمة”.
بقي دوجين لمدة شهرين بعد إجراء هذه المحادثة مع رئيسه في العام 2012، وقضى ذلك الوقت في تدريب الموظف المبتدئ وتعريفه بعملائه.
إذا كنت على استعداد للقيام بشيء مماثل، ففي أغلب الأحيان، سوف يعمل صاحب العمل معك – وخاصة إذا كنت موظفًا أفضل من المتوسط، كما يقول دوجين.
التفاوض
اسأل عما إذا كانت شركتك تخطط لإجراء جولة من عمليات التسريح، وما إذا كان من الممكن إدراجك في هذه الجولة.. يقول دوجين إن التفاوض على تسريح العمال، بدلاً من الاستقالة، يتجاوز مجرد الحصول على دفعة نقدية، فإذا تم تسريحك من العمل، فإنك تحصل على إعانات البطالة. وتحصل على مكافأة نهاية الخدمة، وتعويض مؤجل، ورعاية صحية مدعومة. وتحصل على الكثير من الأشياء التي تمنحك دفعة مالية ضخمة لمساعيك التالية.
لا تترك وظيفتك!
من جانبه، قال مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، بلال شعيب، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تشهدها المنطقة والعالم، مع ارتفاع معدلات البطالة وتباطؤ النمو الاقتصادي، قد تبدو فكرة ترك الوظيفة الحالية مغرية للكثيرين. ومع ذلك، فإن سوق العمل الحالي تشهد تحديات كبيرة تجعل البحث عن وظيفة جديدة أمراً صعباً.
وأضاف شعيب قائلاً: بدلاً من ترك الوظيفة الحالية بشكل مفاجئ، يمكن اتباع استراتيجيات أكثر واقعية، مثل:
- الجمع بين الوظيفة الحالية والعمل الحر، فمع تطور التجارة الإلكترونية وزيادة فرص العمل الحر، يمكن الاستفادة من الوقت المتاح لتطوير مهارات جديدة والعمل على مشاريع شخصية.
- التدريب والتطوير الذاتي، إذ يُفضل الاستثمار في تطوير المهارات الحالية واكتساب مهارات جديدة لتلبية متطلبات سوق العمل المتغيرة.
- التخطيط الاستراتيجي، ذلك أنه قبل اتخاذ أي قرار، يجب وضع خطة واضحة تحدد الأهداف المرجوة والخطوات اللازمة لتحقيقها.
وأشار شعيب إلى أن “العصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة”، لذا من الأفضل أن يكون لديك مصدر دخل ثابت أثناء البحث عن فرص أفضل.
وخلص شعيب إلى نصيحته قائلاً: “لا تستعجل في اتخاذ قرارات مصيرية.. قم بتقييم جميع الخيارات المتاحة بعناية قبل اتخاذ أي خطوة.”
تحديات مهنية
بدورها، قالت خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:
- يواجه الشباب في بداية حياتهم المهنية عديداً من التحديات؛ أهمها كيفية الاستفادة من مهاراتهم وقدراتهم لتحقيق النجاح.
- بالنسبة للشباب الموهوبين، يمتلك هؤلاء فرصاً أكبر للنجاح، ولكن من المهم أن يكونوا حذرين من مغادرة وظائفهم بشكل متسرع.
- التجربة العملية التي يكتسبونها في السنوات الأولى تلعب دوراً حاسماً في تطوير مهاراتهم وبناء سيرة ذاتية قوية. لذا، يُنصح بالبقاء في الوظيفة الحالية لمدة عامين على الأقل، حتى وإن كانت روتينية.
وأضافت رمسيس: أما رواد الأعمال، فإذا كان لدى الشاب فكرة مشروع مبتكر، فإنه يمكنه الاستفادة من الدعم المتزايد لرواد الأعمال في عديد من الدول التي تشجع تلك المشاريع.. ومع ذلك، يجب عليه التخطيط جيداً قبل الانطلاق في هذه المغامرة، وتقييم المخاطر والمكافآت بشكل واقعي.
وأشارت إلى أن “السفر للخارج قد يكون خطوة جيدة لتطوير المهارات واكتساب خبرات جديدة، ولكن يجب على الشاب دراسة الفرص المتاحة والتكاليف المرتبطة بالسفر، وأن يكون مستعداً للتحديات التي قد يواجهها بعيداً عن أهله وأصدقائه.”
وفيما يخص الشباب الذين يفتقرون للمهارات، قالت: “لا يجب أن ييأس هؤلاء الشباب، فالصبر والمثابرة يمكن أن يعوضا نقص الخبرة. كما أن تطوير مهارات جديدة ممكن من خلال الدورات التدريبية والبرامج التعليمية المتاحة.”
وخلصت رمسيس إلى نصيحة عامة قائلة: “على جميع الشباب أن يعملوا على تطوير مهاراتهم الشخصية والمهنية، وأن يسعوا باستمرار لتعلم أشياء جديدة. يجب عليهم أيضاً وضع خطط مستقبلية واضحة وأن يكونوا مستعدين للتكيف مع التغيرات التي قد تطرأ على سوق العمل.”