في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتصاعد حدة التوترات بين موسكو والغرب، وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة جريئة لقادة أوروبا، مفادها بأن روسيا جاهزة لتحدٍ تكنولوجي وعسكري غير مسبوق.
التصريح الأخير لبوتين حول صاروخه الجديد “أوريشنيك” لا يعكس مجرد استعراض للقوة، بل يحمل في طياته إشارات واضحة إلى استراتيجيات روسيا الجديدة في مواجهة التكتل الأوروبي، وفقًا لرئيس تحرير “صوت الضفتين”، نزار الجليدي.
رسالة بوتين الحاسمة
بوتين دعا الغرب، صراحة، إلى اختبار صاروخ “أوريشنيك” ضد أنظمة الدفاع الغربية، مشددًا على أنه مستعد لاستهداف منشأة في كييف يحددها الغرب ليكون مسرحًا لهذا التحدي.
وعلق الجليدي على هذه الدعوة قائلًا: “بوتين يبعث رسالة واضحة، مفادها أن روسيا قادرة على مواجهة أي تصعيد تقني أو عسكري. إنها محاولة لإعادة ضبط قواعد اللعبة على أساس الواقع الجديد”.
على الجانب الآخر، انعكست تصريحات القادة الأوروبيين خلال قممهم المتتالية في بروكسل على حالة من التردد والتناقض. وبينما أكدوا التزامهم بدعم أوكرانيا، أشار الجليدي إلى أن هذا الدعم يأتي على حساب الاقتصاد الأوروبي، الذي بات يعاني من أزمات متفاقمة. “اقتصادات كبرى مثل ألمانيا وفرنسا تواجه تحديات غير مسبوقة، والانقسام السياسي الداخلي يضعف من قدرتها على اتخاذ قرارات حاسمة”، وفقًا لتصريحاته.
في المقابل، يبدو أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بدأ يدرك حدود الدعم الغربي، خاصة مع اقتراب تغيير الإدارة الأميركية. الجليدي وصف زيلينسكي بأنه “في رحلة بحث جديدة عن الدعم الغربي، لكنه يواجه واقعا يفرض عليه إعادة تقييم استراتيجيته”.
وأضاف: “زيلينسكي يدرك أنه لا يستطيع استعادة دونباس أو شبه جزيرة القرم بالقوة العسكرية، ومع ذلك، يسعى إلى الحفاظ على قنوات الدعم مفتوحة”.
هل من نهاية قريبة؟
بحسب الجليدي، فإن أوروبا اليوم في موقف أشبه بـ”رقصة الديك المذبوح”، حيث تستمر في اجتماعاتها المكثفة دون أن تحقق تقدما حقيقيا نحو حل مستدام.
وأضاف: “بوتين لم يغلق باب السلام، لكنه وضع شروطا ترتكز على الحقائق الميدانية، في حين أن الأوروبيين يواصلون رهانهم على خيارات عسكرية لن تؤدي إلا إلى إطالة أمد الأزمة”.
التصعيد الأخير في التصريحات بين موسكو وأوروبا يعكس حالة من الاستقطاب الحاد، في وقت بات فيه الجميع يدرك أن الحلول العسكرية لن تكون كافية لإنهاء الأزمة. صاروخ بوتين الجديد ليس فقط اختبارا تكنولوجيا، بل هو أيضا رسالة سياسية تهدف إلى إعادة تشكيل النظام العالمي في مواجهة الغرب. كما يقول نزار الجليدي: “العالم الجديد الذي يتشكل لن يكون برأس واحد، وروسيا تسعى جاهدة لتأكيد مكانتها ضمن هذا النظام”.