بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في لبنان، تواجه الحكومة اللبنانية تحديات اقتصادية هائلة وسط آمال بتحقيق استقرار سياسي واقتصادي.
في حلقة خاصة من برنامج بزنس مع لبنى، ناقشت الزميلة لبنى بوظة مع وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام خطة إعادة الإعمار وآفاق التعافي الاقتصادي، في ظل الضغوط الداخلية والخارجية.
الهدنة: فرصة أم عبء؟
افتتحت “لبنى بوظة” الحلقة بتسليط الضوء على أهمية تثبيت الهدنة لضمان استقرار الوضع الداخلي، وسألت الوزير عن رؤيته لمدى تأثير وقف إطلاق النار على الاقتصاد اللبناني.
أوضح أمين سلام أن الهدنة تعد خطوة إيجابية، لكنها ليست كافية وحدها.
كما أكد قائلا: “تثبيت وقف إطلاق النار سيمنح لبنان فرصة لالتقاط الأنفاس، ولكن يجب أن يكون مقرونًا بخطوات عملية لإعادة الإعمار والإصلاح الاقتصادي.”
وأشار إلى أن التهدئة تمثل نافذة للبدء في إصلاحات اقتصادية طال انتظارها.
إعادة الإعمار: الخطط والتحديات
تحدث الوزير عن خطة الحكومة لإعادة الإعمار، مشيرًا إلى أنها تركز على ثلاث أولويات رئيسية:
- تثبيت الأمن: عبر تعزيز وجود الجيش اللبناني في الجنوب والمناطق الحدودية.
- دعم المتضررين: تأمين العودة السريعة للنازحين إلى منازلهم وإصلاح الأضرار الأساسية.
- الإصلاحات الاقتصادية: تنفيذ تغييرات هيكلية لجذب الاستثمارات الدولية وتعزيز الشفافية.
وأكد الوزير أن نجاح هذه الخطوات يعتمد على الدعم الدولي، مشددًا على أهمية استعادة ثقة المجتمع الدولي في قدرة لبنان على إدارة ملفاته الاقتصادية.
التحديات المالية والتمويل
حول تمويل إعادة الإعمار، أشار الوزير إلى أن لبنان يواجه نقصًا كبيرًا في الموارد المالية، ما يتطلب شراكات دولية وإقليمية. وقال: “لبنان بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي، ولكن هذا الدعم لن يأتي دون التزام حقيقي بالإصلاحات، خصوصًا في مجال مكافحة الفساد وإدارة المال العام.”
كما دعا إلى ضرورة تعزيز التعاون مع الدول العربية، مؤكدًا أن “العلاقات الجيدة مع الدول الخليجية ستكون مفتاحًا أساسيًا لتأمين التمويل اللازم.”
الأرقام الصادمة: حجم الخسائر الاقتصادية
ناقشت الحلقة الخسائر التي تكبدها الاقتصاد اللبناني جراء الحرب الأخيرة، حيث كشف الوزير أن التقديرات الأولية تشير إلى خسائر تتراوح بين 15 و20 مليار دولار، تشمل الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والمنازل.
وأضاف: “هذه الأرقام مرشحة للارتفاع بعد الانتهاء من تقييم الأضرار بشكل دقيق. الأولوية الآن هي لتأمين التمويل لإعادة إعمار المناطق الأكثر تضررًا.”
الخصخصة أم الاحتياطي الذهبي؟
فيما يتعلق بالخيارات المتاحة لتأمين التمويل، رفض الوزير أي مساس بالاحتياطي الذهبي، معتبرًا إياه خطًا أحمر. لكنه أبدى انفتاحًا على خصخصة قطاعات اقتصادية مثل الموانئ والمطارات، قائلاً: “الخصخصة المدروسة يمكن أن تكون حلاً مستدامًا. يجب أن نركز على تطوير المرافق الحيوية مثل الموانئ لجعل لبنان مركزًا لوجستيًا في المنطقة.”
الإصلاحات السياسية: مفتاح الدعم الدولي
على الجانب السياسي، أشار الوزير إلى أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة مستقرة هما شرطان أساسيان لجذب الدعم الدولي.
“المجتمع الدولي ينتظر من لبنان أن يقدم إشارات واضحة على التزامه بالإصلاح السياسي والاقتصادي. هذه الخطوة ستعيد الثقة وتجذب الاستثمارات.”
وأكد أن الحكومة تعمل على تسريع هذه العملية لتحقيق تقدم ملموس في أقرب وقت.
نظرة مستقبلية: لبنان إلى أين؟
اختتمت الحلقة بسؤال الوزير عن رؤيته للمستقبل الاقتصادي للبنان في ظل الظروف الراهنة. أكد أمين سلام أن البلاد أمام فرصة ذهبية لتحقيق الاستقرار، لكنه حذر من إهدارها.
“لبنان يملك الإمكانيات اللازمة للتعافي، لكن النجاح يعتمد على قدرتنا على اتخاذ قرارات جريئة وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة. إذا فشلنا الآن، قد نخسر ثقة المجتمع الدولي لسنوات طويلة.”
تحديات كبيرة وآمال قائمة
رغم التحديات الكبيرة، يبقى لبنان أمام فرصة حقيقية لتحقيق التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، شرط الالتزام بالإصلاحات والتعاون مع المجتمع الدولي.