يحاول المستثمرون في أوروبا الحيطة ضد التقلبات التي من المرجح أن تشهدها الأسواق حال أن تحقق سيناريو فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، التي ستحسم خلال ساعات.
وذكر تقرير لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية، أن المستثمرين في أوروبا لديهم خيارات عدة في حال عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
التقرير عن استراتيجيي بنك باركليز، قولهم إن الأسهم الأوروبية قد تواجه صعوبات كبيرة في حال فوز ترامب بالرئاسة، مرجعين ذلك إلى احتمالية فرض تعريفة جمركية وسياسات حمائية.
الأسواق الأوروبية تتداول بالفعل مع علاوة مخاطر قبل احتمال فوز ترامب، لكن يعتقد البنك الاستثماري بأن التأثير الكامل قد لا يكون واضحاً في التقييمات الحالية.
الأسهم الأكثر تعرضًا للتعريفات الجمركية
وتحدث باركليز عن الأسهم الأكثر تعرضًا لاحتمالية فرض التعريفات الجمركية، وذكر أنها سجلت أداء أقل من السوق الأوسع بنسبة تقارب 15 بالمئة منذ بداية أبريل.
بالنسبة للمستثمرين الذين يتطلعون إلى حماية محافظهم من المخاطر السلبية، أوصى باركليز بعدد من استراتيجيات التحوط، منها تفضيل خيارات البيع على مؤشرات الأسهم الأوروبية الكبرى مثل “يورو ستوكس 50” أو “داكس” الألماني.
توقعات الاقتصاد الأوروبي
وبحسب التقرير، قدّر اقتصاديون في باركليز أنه:
- إذا قام ترامب بتنفيذ تعريفة جمركية عالمية بنسبة 10 بالمئة وتعريفة بنسبة 60 بالمئة على السلع الصينية، فقد يتعرض الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو لانخفاض بنسبة 0.7بالمئة.
- على الرغم من أن هذا التأثير أقل من التأثير المتوقع على كل من الصين والولايات المتحدة، إلا أنهم حذروا من أنه قد يكون أكثر استمرارية بالنظر إلى الاقتصاد الأوروبي المفتوح نسبيًا.
- في ظل هذا السيناريو، حذر استراتيجيو باركليز من أنه لن يكون لدى المستثمرين مكان يختبئون فيه، وقالوا: “لكن بينما من المحتمل أن تتأثر أوروبا، فإننا لا نعتقد أن الأسهم الأميركية ستكون محصنة”.
فوز ترامب ليس سيئًا لأوروبا
وبيّن التقرير أن رئاسة ترامب ليست كلها أخبارًا سيئة لأوروبا، حيث عرض الاستراتيجيون أيضًا الجوانب الإيجابية للأسواق الأوروبية إذا استعاد الرئيس السابق السيطرة على البيت الأبيض.
وأوضح الاستراتيجيون أنه على الرغم من أنه أمر افتراضي في هذه المرحلة، فإن أحد العوامل المحتملة الإيجابية التي يمكن لأوروبا أن تتطلع إليها في حال فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية هو نهجه في حرب روسيا وأوكرانيا، مؤكدين أن أي تحرك نحو إنهاء النزاع قد يقلل من علاوة المخاطر التي تثقل حاليًا على الأصول الأوروبية.
أدوات التحوط المحتملة
من جهته أكد رئيس الأسواق العالمية في “Cedra Markets”، جو يرق ، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن وصول الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض يمثل تخوفًا للمستثمرين في أوروبا، خاصة بعد أن تحدث خلال حملته الانتخابية عن تطبيق ضريبة 10 بالمئة على الواردات من الخارج.
وأشار إلى ارتباط أوروبا بالولايات المتحدة الأميركية، والحجم الكبير للتبادل التجاري بينهما الذي وصل إلى التريليون دولار، موضحًا أن جزءاً كبيراً من المنتجات الأوروبية يتم تصديره إلى أميركا، وهو ما يرجح أنه سيكون لفوز ترامب أثرًا سلبيًا كبيرًا على الاقتصاد الأوروبي والشركات الأوروبية.
وأضاف أن فوز ترامب من شأنه أن يؤثر على الأسواق، مستدلًا على ذلك بأنه بعد أن ارتفعت حظوظ ترامب خلال أكتوبر الماضي وتقدمه عن هاريس، شهدت سوق الأسهم الأوروبية أداءً سلبياً هو الأسوأ خلال العام، وهو ما يعني أن فوز لترامب سيكون ضاغط على الأسواق.
وقال إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستكون لها آثار سلبية، وأوضح:
- هناك توقعات بتخارج المستثمرين في أوروبا من الأسهم.
- حدوث انهيارات وخسائر كبيرة في كل القطاعات الأوروبية، لذا يحاول المركزي الأوروبي تجنب ذلك، خاصة في ظل الأداء الضعيف للاقتصاد الأوروبي
وأفاد بأن المستثمرين يمكنهم التحوط ضد فوز ترامب من خلال الأدوات المالية عبر شراء الملاذات الآمنة، إضافة إلى التحوط بشراء عقود الخيارات على الأسهم الأوروبية، ففي حال هبطت الأسهم الأوروبية سيمكنهم الربح بالخيارات التي تم شراؤها.
أزمة الرسوم الجمركية
وأكد المدير التنفيذي بشركة VI Markets، أحمد معطي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن المستثمرين الأوروبيين لديهم مخاوف كبيرة بشأن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية خاصة بعد تعهده بفرض رسوم جمركية على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 10 بالمئة والتي من الممكن أن تصل إلى 20 بالمئة.
وسلط الضوء على بعض الأزمات الاقتصادية التي تتسبب في تزايد مخاوف المستثمرين الأوروبيين، ومنها:
- استمرار التبعات والتأثيرات الاقتصادية السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية.
- أزمة زيادة الهجرة بفعل توترات الشرق الأوسط.
- حالة الانكماش التي يعاني منها الاقتصاد في أوروبا والمشكلات التي يتعرض لها.
- البيانات الاقتصادية الأخيرة التي تعكس وجود حالات إغلاق وإفلاس كثيرة في الاتحاد الأوروبي.
فرض العقوبات والحروب الاقتصادية
فيما أوضح الرئيس التنفيذي لمركز “كروم للدراسات الاستراتيجية” طارق الرفاعي في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن ترامب سيتبع نفس سياسته نحو أوروبا والاتحاد الأوروبي التي اتبعها أثناء فترة ولايته الأولى، وهو ما يؤثر على الأسواق ويجعلها أكثر توترًا تجاه سيناريو فوزه.
وأوضح أن سياسة ترامب الاقتصادية تتجه نحو العقوبات والحروب الاقتصادية، مشيرًا إلى الحرب التجارية بين أميركا والصين والتي فازت خلالها أميركا، مرجحًا أن يقوم ترامب باتباع نفس السياسة تجاه أوروبا بالضغط على الدول لعقد اتفاق تجاري يفيد الاقتصاد الأميركي أو يقوم بفرض عقوبات أو ضرائب أكبر، على سبيل المثال إجبار دول الاتحاد على الإنفاق بشكل أكبر على ميزانية حلف شمال الأطلسي.
الأفكار الحمائية لترامب
بدوره، أوضح أستاذ العلاقات الدولية، أيمن سمير، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن ترامب لديه مجموعة من الأفكار الحمائية المتعلقة بالتجارة تحديدًا، والتي من شأنها أن تؤثر على اقتصاد أوروبا والشركات، وقال:
- إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض من جديد سيقوم بفرض بعض الرسوم الجمركية على بعض الصادرات الأوروبية، وهو ما يقلل من حجم المبيعات والصادرات الأوروبية وتقليل مكاسب الشركات، خاصة الألمانية والفرنسية.
- ترامب يريد من الدول الأوروبية أن تنفق أموالًا أكثر على الشؤون الدفاعية وشراء الأسلحة.. ما قد يقلل من الحزم الاجتماعية ودعم الحكومات لفاتورة الطاقة أو الإجراءات والخدمات التي من الممكن أن تقدم للمواطنين فيها، وهو ما يمثل قلقًا خاصًا لدى المستثمرين.
واستعرض بعض سبل التحوط التي من الممكن أن يتم لجوء أوروبا لها، من بينها محاولة للحصول على مصادر طاقة بعيدة عن الولايات المتحدة، خاصة وأنه في الفترة من 2022 حتى 2023 أوروبا استيراد الغاز الأميركي المنقول عبر السفن والغاز المسال الذي تعد تكلفته أعلى من المنقول عن طريق الأنابيب من نورد ستريم من روسيا، علاوة على تأمين مصادر جديدة لأسواق للبضائع الأوروبية حتى تستوعب أي نقص في تصدير المنتجات الأوروبية التي تحصل عليها أميركا.
كما شدد على أهمية أن يكون لأوروبا مسار تجاري واقتصادي أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة الأميركية، لا سيما فيما يتعلق بالعلاقة مع الصين، بعد أن خضع الأوروبيين لخطط الرئيس الحالي جو بايدن باتخاذ إجراءات حمائية فيما يتعلق بالعلاقة التجارية مع الصين.