وارتفع مؤخرا الطلب على الإيجارات في مناطق متفرقة من لبنان ما أدى إلى بروز مخاوف من أن يستخدم عناصر من حزب الله المندسين وسط النازحين هذه العقارات للاختباء.
ويثير هذا الموضوع القلق وسط السكان من احتمال شن إسرائيل هجمات جوية على هذه المناطق في حال تصاعدت العمليات العسكرية بين الجانبين.
ويوم السبت، استهدفت غارة إسرائيلية شقة سكنية في منطقة برجا في جبل لبنان، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص.
ونفى رئيس بلدية برجا في اقليم الخروب العميد حسن سعد، في بيان، ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن استهداف مركز لـ”حزب الله” في البلدة بالغارة الاسرائيلية، مؤكدا أنه “ما من مكتب للحزب في البلدة، وما تم استهدافه شقة سكنية مأهولة”.
دعوات لمنع التأجير
وبرزت دعوات من بعض البلديات، مثل فالوغا في المتن الأعلى، (جبل لبنان) وكذلك مدينة البترون شمال لبنان، لمنع تأجير المنازل دون التأكد من هوية المستأجرين وموافقة البلدية، خوفا من أي تهديد أمني محتمل.
وعلى إثر الغارات الإسرائيلية المتكررة، يتم استهداف مناطق يعتقد أنها تحتوي على مقرات أو قيادات عسكرية لحزب الله، وهو ما يعتبر انتهاكا للقانون الدولي الإنساني الذي يفرض حماية المدنيين.
“رعب وفوضى”
يقول وجدي أبو محمود وهو عامل في القطاع الخاص ومن سكان مدينة عاليه في محافظ جبل لبنان لموقع “سكاي نيوز عربية”: “رفضت تأجير منزلي لأن المستأجر رفض إبراز هويته للتأكد من أنه ليس من حزب الله”.
بدوره يقول وسام المولى (رب أسرة) وهو من سكان بلدة الدبية في قضاء الشوف لـ”موقع سكاي نيوز عربية” إن “من كان لديه منزلا شاغرا هنا اختار تأجيره لأحد أقربائه أو أصدقاء، على درجة عالية من الثقة”.
ويتابع المولى أن: “الجميع يعيش حالة من القلق من وجود عناصر لحزب الله بيننا”.
وعن تجربته لاستئجار منزل في الآونة الأخيرة يؤكد محمد فيشير إلى أنه حاول قبل أيام القيام بحجز تمهيدي “أونلاين” لإحدى الشقق السكنية في منطقة ذات أغلبية مسيحية قريبة من سوق مدينة البترون السياحي، لينتقل إليها مع عائلته هربا من دوي القصف الإسرائيلي في العاصمة بيروت.
ويحكي محمد أنه وعند محاولته إتمام الخطوات الأخيرة من الحجز ودفع مبلغ 1700 دولار أميركيا مسبقا كإيجار شهري، طلبت الموظفة المسؤولة الهوية، وبمجرد أن راودتها الشكوك حول الإسم العائلي والمنطقة التي ينتمي إليها (جنوب لبنان)، ألغت الحجز مباشرة وقالت إن الشقة محجوزة.
وفي منطقة الأشرفية شرق العاصمة بيروت ذات الغالبية المسيحية، قال الموظف في شركة الإتصالات، مهران عبدو لموقع “سكاي نيوز عربية”: “اضطررت للإستعانة بأحد الزملاء من نفس المنطقة ليعرف عني حتى أتمكن من استئجار شقة صغيرة في حي الأشرفية لمدة شهرين”.
إجراءات احترازية وتصدي للتمييز
وتؤكد مصادر خاصة من مدينة البترون والقرى المجاورة لها في شمال البلاد أن “الخوف سيد الموقف هناك إلا أن ثمة إجراءات إحترازية قامت بها فعاليات المدينة من خلال التنسيق ما بين الأجهزة الأمنية ورؤساء البلديات منذ اليوم الأول للحرب “.
وتضيف المصادر أن “خلية متخصصة في هذا الشأن تشكلت وتتابع كل التفاصيل لحماية المدنيين”.
في السياق، علم موقع “سكاي نيوز عربية” من مصادر أن” ثمة تقارير عن تحفظ بعض المالكين أو الوسطاء العقاريين على تأجير ممتلكاتهم لأشخاص من بلدات تعتبر حاضنة لحزب الله، وذلك خوفا من ارتباط المستأجرين بجماعات عسكرية”.
وقال محمود من بلدة سبلين (الشوف) لموقع سكاي نيوز عربية إنه “على الرغم من هذه المخاوف، هناك محاولات من بعض الجمعيات المدنية والمنظمات غير الحكومية للتصدي خاصة للتمييز الطائفي، بما في ذلك مبادرات لتعزيز الحوار المجتمعي وللتأكيد على أهمية العيش المشترك، وحق كل مواطن في اختيار مكان إقامته دون تمييز”.
خوف مبرر؟
وقد أثار هذا الوضع انقسامات وسط اللبنانيين، حيث أن هناك من يرى في هذه التدابير حماية لأمنهم ومن يعتبروها تمييزا ضد فئات معينة من السكان، لا سيما المنتمين لحزب الله.
يقول المحلل السياسي بشارة خير الله أنه يمكن فهم الخوف السائد بين السكان المدنيين من تأجير المنازل للغرباء عن المناطق ويمكن وصفه بما يشبه الـ”فوبيا “التي تسيطر على المواطنين في معظم المناطق في لبنان.
واعتبر خير الله في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” أن هذا الخوف يدخل ضمن ما يسمى ب”الأمن الاستباقي”، حيث بدأ المواطنون في “اتخاذ هذا الإجراء كإجراء احترازي، خصوصا بعد الغارات الإسرائيلية على منطقة الكولا والنويري في بيروت”.
أما رئيس الحراك المدني في شمال لبنان رائد الخطيب فيؤكد قيام الفعاليات المدنية بجولات على الفنادق التي استقبلت النازحين ومراكز الإيواء في المدارس. مبرزا أن ” الشرط الوحيد لوجود النازح في طرابلس هو عدم حيازته السلاح مشيرا إلى أن غالبية النازحين هم من النساء والأطفال “.
وتابع لـ”سكاي نيوز عربية”: “لا أعتقد أن التدقيق قائم على معرفة هوية المستأجر أو النازح خاصة في مراحل النزوح الأولى لكن الشرط يبقى عدم حمل السلاح”.