شهد شهر سبتمبر الحالي انطلاقة صعبة للمستثمرين، حيث عانت الأسواق خلال الأيام الأولى من الشهر، من تقلبات أثرت بشكل كبير على المزاج العام المستثمرين.
ورغم الظروف غير المريحة التي مرّت بها الأسواق، يرى كبار المحللين في وول ستريت، أنه يمكن للأسهم ذات العوائد المنتظمة، أن توفّر نوعاً من الاستقرار وتخفف من حدة التقلبات، مما يساعد على تحسين أداء المحفظة الاستثمارية في ظل الظروف المتقلبة، فالمستثمرون الذين لديهم أفق استثماري طويل الأجل، يمكنهم تجاهل الضوضاء قصيرة الأجل، من خلال التركيز على الأسهم التي تملك القدرة على تحقيق مزيج من توزيعات الأرباح وارتفاع في السعر.
وقد لجأ تقرير أعدته “CNBC” واطلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أراء كبار الخبراء المحترفين في وول ستريت، لمعرفة توصياتهم بشأن الأسهم التي تملك أساسات قوية، وقادرة على دفع أرباح ثابتة، حيث اختار هؤلاء 3 أسهم تنطبق عليها هذه المواصفات، علماً أن الخبراء الذين استمزج التقرير أراءهم بشأن هذا الموضوع، تم انتقاؤهم بناءً على التقييم الممتاز الذي يحظون به، على منصة TipRanks التي تُصنّف المحللين استناداً إلى أدائهم السابق.
وفيما يلي الأسهم التي اختارها كبار المحللين في وول ستريت، والقادرة على تحقيق مزيج من توزيعات الأرباح وارتفاع في السعر:
سهم شركة MPLX
شركة MPLX، هي شركة نفط وغاز تمتلك وتدير بنية تحتية مرتبطة بالطاقة، ويمكن أن يقدم سهمها عائداً جذاباً يقارب 8 في المئة.
ومؤخراً، أكدت المحللة إلفيرا سكوتو من البنك الاستثماري RBC Capital تصنيف سهم MPLX بسعر مستهدف يبلغ 47 دولاراً، مقارنة بنحو 44 دولاراً حالياً.
وحافظت المحللة على تقديرها لتوزيع الأرباح لكل سهم من MPLX عند 3.57 دولاراً لعام 2024 و3.84 دولاراً لعام 2025.
وتنظر سكوتو إلى سهم MPLX باعتباره واحداً من أكثر الفرص الجذابة في مجال تحقيق الدخل بين أسهم الشركات ذات القيمة السوقية الكبيرة، وذلك بفضل العائد القوي الذي تحققه الشركة، إضافة إلى استمرار و زيادة التدفق النقدي الحر لدى الشركة، ما سيساعد MPLX على الاستمرار في تنمية أعمالها، وتعزيز عوائد المساهمين.
كما سلّطت المحللة الضوء على أن MPLX تعمل على توسيع أصولها من الغاز وسوائل الغاز الطبيعي عبر شبكتها المتكاملة من خلال المشاريع العضوية ومصالح المشاريع المشتركة وعمليات الاستحواذ الإضافية.
ورفعت سكوتو تقديراتها لأرباح MPLX لعامي 2024 و2025، مع تجاوز أرباح الشركة التقديرات بنسبة 3 في المئة خلال الربع الثاني من 2024.
وتحتل إلفيرا سكوتو المرتبة 18 بين أكثر من 9000 محلل تتبعهم منصة TipRanks. وتُظهر البيانات أن تقييماتها كانت مربحة بنسبة 69 في المئة من الوقت، حيث حققت عائداً متوسطاً بنسبة 20.8 في المئة.
سهم CHRD أو Chord Energy
شركة Chord Energy هي شركة للنفط والغاز، دفعت مؤخراً توزيعات أرباح أساسية قدرها 1.25 دولار لكل سهم من الأسهم العادية، وتوزيعات أرباح متغيرة قدرها 1.27 دولار لكل سهم.
في 4 سبتمبر، أعاد المحلل سكوت هانولد من البنك الاستثماري RBC Capital تأكيد تصنيف شراء سهم CHRD بسعر مستهدف يبلغ 200 دولار، مقارنة بأكثر من 136 دولار حالياً.
وزاد المحلل تقديراته لأرباح السهم والتدفق النقدي لكل سهم لعامي 2024 و2025 بنحو 3 في المئة.
ويتوقع المحلل توزيعاً ربع سنوياً يتراوح بين 4.50 إلى 5.00 دولار لسهم CHRD في النصف الثاني من عام 2024. كما يتوقع أن يصل التدفق النقدي الحر للشركة إلى 1.2 مليار دولار و1.4 مليار دولار في عامي 2024 و2025 على التوالي.
ويحتل سكوت هانولد المرتبة 27 بين أكثر من 9000 محلل تتبعهم منصة TipRanks. وكانت تقييماته ناجحة بنسبة 63 في المئة من الوقت، حيث حقق عائداً متوسطاً بنسبة 25.4 في المئة.
سهم ماكدونالدز أو MCD
ماكدونالدز هي سلسلة شهيرة من مطاعم الوجبات السريعة، تمكنت من رفع أرباحها لمدة 47 عاماً متتالياً، ويمكن أن يقدم سهمها عائداً على الأرباح بنسبة 2.3 في المئة.
في 3 سبتمبر، كرر المحلل المالي Tigress Ivan Feinseth تصنيف الشراء على سهم MCD ورفع هدف سعر السهم إلى 360 دولاراً من 355 دولاراً.
ورغم الخلفية الصعبة التي يرى البعض أنها تخيّم على سلسلة المطاعم، لا يزال Feinseth متفائلاً بشأن ماكدونالدز بسبب مبادراتها التكنولوجية المستمرة والابتكار والتركيز على القيمة، لتدعم هذه العوامل نموذج أعمالها المرن وإمكانات النمو على المدى الطويل.
وأوضح Feinseth إلى أن الشركة تركز على تعزيز قدراتها، مشيراً إلى العديد من العروض القيمة التي قدمتها ماكدونالدز مؤخراً، بما في ذلك عرض وجبة بقيمة 5 دولارات، والذي ساعد في تحسين صورتها كسلسلة مطاعم للوجبات السريعة تقدم القيمة وبأسعار معقولة.
وعلاوة على ذلك، أشار Feinseth إلى الميزة التنافسية التي تتمتع بها ماكدونالدز، والتي تدعمها حقوق ملكية العلامة التجارية القوية وبرنامج الولاء والمبادرات الرقمية.
كما أشار المحلل إلى أن ماكدونالدز تقوم باستثمارات رأسمالية، تتراوح بين 2 مليار دولار و2.5 مليار دولار سنوياً لتوسيع بصمة متاجرها وتحسين تكنولوجيتها، بما في ذلك من خلال تعزيز قدراتها على الطلب من خلال الذكاء الاصطناعي الصوتي الآلي.
بشكل عام، يثق Feinseth في إمكانات النمو الطويلة الأجل لشركة ماكدونالدز، وقدرتها على تعزيز عائدات المساهمين من خلال توزيعات الأرباح وإعادة شراء الأسهم. ويتوقع أن تعلن ماكدونالدز عن زيادة في الأرباح في أكتوبر المقبل، على غرار الزيادة بنسبة 10 في المئة، التي تم الإعلان عنها العام الماضي.
ويحتل Feinseth المرتبة 210 بين أكثر من 9000 محلل تتبعهم منصة TipRanks. وكانت تقييماته مربحة بنسبة 60 في المئة من الوقت، حيث حقق عائداً متوسطاً بنسبة 11.9 بالمئة.
سبب اختيار هذه الأسهم الثلاثة
ويقول الرئيس العالمي لقسم الأبحاث والتعليم في مجموعة CFI جورج خوري، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن المستثمرين الذين لديهم توجه استثماري متوسط أو طويل الأجل، يبحثون من خلال استثماراتهم في الأسهم عن أمرين واضحين، الأول هو العائد الناتج من القيمة السوقية أي “الماركت كابيتال” للشركة، فكلما ارتفعت القيمة السوقية للشركة، ينعكس ذلك ارتفاعاً في قيمة استثمار الأفراد، فمثلاً إذا ارتفع سهم الشركة بقيمة 10 في المئة يعني أن الاستثمار الذي قام به الفرد ارتفع بنسبة 10 في المئة فعلياً أو بحسب عدد الأسهم التي يمتلكها في الشركة.
وبحسب خوري فإن الأمر الثاني الذي يبحث عنه المستثمرون ذات التوجه الاستثماري متوسط أو طويل الأجل في عالم الأسهم، هو المدخول الناتج عن الربحية أي حصة الربح التي يحصل عليها المستثمر من الشركات التي يستثمر بها، ومن هنا فإن الأسهم الثلاثة التي اختارها كبار محللي وول ستريت هي من فئة “أسهم القيمة” وتتبع لشركات تدفع للمستثمرين حصة من الأرباح، مشيراً إلى أن “أسهم القيمة” هي التي سيتم التركيز عليها في المرحلة المقبلة، وحتى بداية 2025، خصوصاً أن هناك اشارات تنذر بحدوث تباطوء اقتصادي في أميركا، والبيانات التاريخية تُظهر انه عادة عندما يحدث انكماش في الاقتصاد، ينعكس ذلك بشكل سلبي على الأسهم ذات المخاطر العالية مثل أسهم شركات التكنولوجيا المعروفة بـ “أسهم النمو” في حين تتجه الأنظار نحو “أسهم القيمة”.
عوامل تدعم الأسهم التي تم اختيارها
ويرى خوري أن هناك عدة عوامل تدعم اختيار كبار محللي وول ستريت لأسهم شركات ماكدونالدز و Chord Energy و MPLX، فمثلاً سهم ماكدونالدز استفاد من تغيّر أنماط المستهلكين في قطاع الأغذية والمشروبات، والذي ظهر مع ارتفاع التضخم في بداية 2023، حيث توجه المزيد من الناس نحو سلاسل مطاعم الوجبات السريعة، بدلاً من المطاعم الفاخرة، وساعد على تحقيق هذا الأمر أيضاً الانتشار الجغرافي الكبير، الذي تحظى به مطاعم ماكدونالدز، وبالتالي فإن الطلب على وجبات ماكدونالدز انعكس إيجاباً على ربحية الشركة على المدى الطويل، علماً أن سلسلة المطاعم الأميركية تستثمر أيضاً في العقارات، إذ أنها عادة ما تقوم بشراء العقارات التي تؤسس بها مطاعمها، ومع ارتفاع أسعار العقارات في العالم زادت قوة الشركة وقيمتها.
أما بالنسبة لسهم شركة MPLX فيقول خوري في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الشركة ستعلن عن أرباحها في 5 نوفمبر 2024، حيث تشير التوقعات إلى أن الأرباح ستبلغ 1.06 دولار للسهم وفي حال تحقق ذلك، يعني أننا سنكون أمام ارتفاع في الربحية بنسبة 19.1 في المئة على صعيد سنوي، وهذا يدلّ على أن الشركة تحقق ربحاً كبير جداً ينعكس إيجاباً على سعر السهم، وعلى توزيع الارباح الذي قد يحصل في نهاية 2024، مشيراً إلى أن “مكرر الربحية” للشركة يبلغ 10.22 في المئة، ما يعني أن هناك مجالاً كبيراً لتسجيل هذه النسبة مزيداً من الارتفاعات، وهو الأمر الذي يعتبر دافعاً للاستثمار بـ MPLX.
وفيما يتعلق بـ Chord Energy يرى خوري أن سهم هذه الشركة، يرتكز بشكل عام على أسعار الطاقة التي نرى أنها تتراجع نسبياً بسبب مخاوف من انكماش الاقتصاد في عام 2025، وهذا الأمر يجب أن يحذر منه المستثمرون، فرغم الآمال الجميلة المتعلقة بسهم Chord Energy ولكن احتمال استقراره ليس كبيراً مقارنة باسهم ماكدونالدز وMPLX.
أسهم أخرى ينتظرها مستقبل جيد
ويكشف خوري أن الأسهم الأخرى القادرة على تعزيز عائدات محفظة المستثمرين على المدى الطويل من خلال دفع أرباح ثابتة وتحقيق ارتفاع في السعر، تنتمي أيضاً لفئة “أسهم القيمة”، التي تواجه مخاطر أقل من قطاعات أخرى، أبرزها سهم شركة جونسون آند جونسون، التي تعد من أكبر الشركات الموجودة في قطاع الرعاية الصحية، والتي تتمتع بنمط ربحي جيد، ظهر على مدار السنوات الماضية، وأيضاً سهم كوكاكولا الذي يستفيد من التوجه الذي استفاد منه سهم ماكدونالدز، إضافة إلى سهم شركة بروكتر آند غامبل المعروفة تاريخياً بتوزيع الارباح، فسهم هذه الشركة كان على مدار السنوات من أكثر الأسهم التي تحقق ربحية منتظمة في الأيام الجيدة، وهبوط سلس في الأوضاع غير الجيدة.