من المتوقع على نطاق واسع أن يلتزم بنك اليابان بحملته لتشديد السياسة النقدية، لكن العديد من المشاركين في السوق لا يزالون منقسمين بشأن توقيت الزيادة التالية.
من المتوقع على نطاق واسع أن يلتزم بنك اليابان بحملة تشديد السياسة النقدية في ظل الضغوط التضخمية في طوكيو، والتي تؤكد التوقعات الاقتصادية للبنك. لكن المشاركين في السوق ما زالوا منقسمين بشأن توقيت الزيادة التالية.
وقال الخبير الاقتصادي البارز في موديز أناليتيكس، ستيفان أنجريك: “أراهن على زيادة أخرى في أسعار الفائدة في أكتوبر”؟ كما توقع أن يتبع هذه الزيادة رفع آخر على الأقل في العام 2025، ربما في وقت مبكر من يناير 2025، بحسب التصريحات التي نقلتها عنه شبكة “سي إن بي سي” الأميركية في تقرير اطلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”.
ووفق أنجريك فإن اليابان من المرجح أن يستمر في رؤية التضخم “المتقلب” في الأمد القريب، مشيراً إلى الجهود التي تبذلها الحكومة لتقليص دعم الطاقة.
وفي حين تعهد رئيس الوزراء، فوميو كيشيدا، بتمديد الدعم لفواتير المرافق المنزلية، إلا أنه أقر بأن هذه التدابير “لا يمكن أن تستمر إلى الأبد”.
لكن المسؤول السابق في بنك اليابان والمسؤول الاقتصادي التنفيذي الحالي في شركة ميزوهو للأبحاث والتكنولوجيا، كازو ماما، يتوقع أن يبقي البنك على أسعار الفائدة دون تغيير في أكتوبر.
تتضمن فرضيته الأساسية رفع أسعار الفائدة في يناير إلى 0.5 بالمئة ثم زيادة أخرى إلى 0.75 بالمئة في يوليو، موضحاً أن هذا من شأنه أن يدفع السياسة النقدية اليابانية إلى موقفها النهائي في هذه الدورة من التشديد.
وأظهرت بيانات صادرة نهاية الأسبوع الماضي أن التضخم الرئيسي في طوكيو تسارع إلى 2.6 بالمئة في أغسطس مقارنة بالعام السابق، أسرع من ارتفاع بنسبة 2.2 بالمئة في يوليو.
ارتفع معدل التضخم الأساسي، الذي يستبعد تكاليف الأغذية الطازجة المتقلبة، بنسبة 2.4 بالمئة مقارنة بالعام الماضي. وهذا أسرع من متوسط توقعات السوق وقراءة يوليو البالغة 2.2 بالمئة، متسارعًا للشهر الرابع على التوالي.
ومع ذلك، قال ماما إن “الزخم ليس قوياً بما يكفي حتى الآن لكي يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة”. وفي حين يراقب البنك المخاطر التي تواجه الأسواق المالية العالمية، قال إن بنك اليابان “ليس لديه سبب وجيه للتسرع في هذه اللحظة”.
وقال أنجريك إن البيانات الشهرية المتفائلة لمؤشر أسعار المستهلك تتأثر بـ “تقلبات السياسات” الأخيرة، وذلك في إشارة إلى عديد من السياسات غير الفعالة.
وأوضح أن الحكومة تقدم بعض الإعانات، في حين تخفض تدابير الدعم الأخرى. وهذا، في رأيه، يُظهر “إحجامًا عن تقديم الدعم الفعال”.
وأفاد بأن ضغوط الأسعار المدفوعة بالطلب ظلت ضعيفة وأن ظروف التوظيف آخذة في التحسن، مشيرا إلى أن انتخابات الحزب الديمقراطي الليبرالي المقبلة تضيف المزيد من عدم اليقين إلى مسار السياسة المستقبلية.
وارتفع معدل البطالة في اليابان في يوليو إلى 2.7 بالمئة، بزيادة 0.2 نقطة مئوية عن يونيو، وفقا لبيانات حكومية نشرت يوم الجمعة الماضي. وكان خبراء اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم توقعوا أن يبلغ معدل البطالة في يوليو 2.5 بالمئة.
وتابع أنجريك: “في أفضل الأحوال، فإن زيادات أسعار الفائدة الإضافية ستكون بمثابة عبئا إضافيا على النمو، وفي أسوأ الأحوال، قد تؤدي إلى تسريع تباطؤ أوسع نطاقا”.
ويعد مؤشر أسعار المستهلك في طوكيو مؤشرا رائدا للاتجاهات الوطنية، وقد بدأ في الارتفاع مع ارتفاع الأجور على مستوى البلاد ومحاولات الحكومة التخلص تدريجيا من دعم الطاقة، إلى جانب ضعف الين.
لكن رئيس قسم آسيا والمحيط الهادئ في كابيتال إيكونوميكس، مارسيل ثيليانت، كتب في مذكرة للعملاء أن التضخم الأساسي من المتوقع أن ينخفض إلى ما دون 2 بالمئة خلال الأشهر المقبلة.
وفاجأ بنك اليابان الأسواق في يوليو برفع أسعار الفائدة إلى 0.25 بالمئة، وهو أعلى مستوى في 15 عاما، ووضع خطط لتقليص برنامجه الضخم لشراء السندات.
قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا أخيراً للبرلمان إن البنك المركزي مستعد لرفع تكاليف الاقتراض بشكل أكبر إذا استمر التضخم في الارتفاع فوق هدفه البالغ 2 بالمئة.
محاور مؤثرة
من جانبه، أكد كبير الاقتصاديين في شركة “ACY” الأسترالية، الدكتور نضال الشعار، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، على عدد من النقاط والمحاور التي ترتبط بتوجهات المصرف المركزي الياباني، مشيراً إلى أن:
- كل المؤشرات تدل على أن المصرف المركزي الياباني قد يلجأ إلى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى بعد الزيادة التي حدثت في يوليو الماضي. ويأتي ذلك في إطار جهود البنك لمحاربة التضخم الذي يتجاوز 2 بالمئة، وتحقيق استقرار في سعر صرف الين الياباني.
- طبيعة التضخم في اليابان.. التضخم في اليابان هو تضخم مستورد، ناجم عن الحرب في أوكرانيا والتطورات الجيوسياسية، وارتفاع أسعار الطاقة والمستوردات. على عكس الولايات المتحدة الأميركية، فإن التضخم في اليابان لا يرتبط بزيادة الطلب وتحسن معدلات البطالة.
- الفائدة من انخفاض الين: لا يمكن تجاهل الفوائد التي حققتها الشركات اليابانية من انخفاض سعر صرف الين، مما أدى إلى زيادات كبيرة في أحجام التصدير وتكوين احتياطيات رأسمالية كبيرة. هذه الاحتياطيات قد تكون حاسمة في المستقبل عند رفع أسعار الفائدة وانخفاض الطلب، رغم أن حجم التصدير كان يمكن أن يكون أكبر لولا المشاكل في البحر الأحمر وارتفاع تكاليف الشحن.
- تكاليف الإقراض والديون: رفع أسعار الفائدة سيؤدي إلى زيادة تكاليف الإقراض للمستهلكين وقطاع الأعمال، وسيزيد من عبء الديون الداخلية والخارجية.. ومع ذلك، فإن نصف هذه الديون مملوك للمصرف المركزي الياباني، الذي يمتلك الأدوات والخبرات للسيطرة عليها.
- توقعات السياسة النقدية: مع تحسن سعر صرف الين مؤخراً، يُتوقع أن يعود المصرف المركزي الياباني إلى سياسة انتظار بيانات التضخم قبل اتخاذ أي قرار نهائي.
ويعتقد الشعار بأن السياسة النقدية اليابانية قد تحولت من توسعية إلى تشددية، ولكن من غير المتوقع أن تستمر طويلاً، خاصة وأن الثقافة اليابانية لا تدعم سياسات نقدية تشددية طويلة الأمد (في إشارة إلى أن التاريخ الاقتصادي والسياسي لليابان يميل إلى تفضيل سياسات نقدية توسعية بدلاً من التشددية). لذا، فإن السياسات التشددية الحالية قد تكون مؤقتة لمعالجة مشكلة محددة.
محددات أساسية
من جانبه يقول رئيس الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: أن بنك اليابان الأسواق في يوليو/تموز قام برفع أسعار الفائدة ومفاجئة الأسواق.
أضاف أن الأسواق حاليًا يتم تسعيرها برفع 1 بالمئة قبل نهاية العام الجاري أو بداية العام القادم، ضمن سياسات التشديد النقدي من قبل البنك المركزي الياباني، مشيرًا إلى أن أرقام التضخم الصادرة الجمعة جاءت فوق المتوقع وفوق مستهدفات المركزي الياباني.
وأوضح أن رئيس المركزي الياباني صرح أمام البرلمان، أنه من المقرر الإتجاه إلى رفع معدلات الفائدة في حال تجاوز التضخم مستويات 2 بالمئة.
وأشار إلى أنه على الرغم من العوامل المميزة للفائدة المنخفضة والتي قد تكون داعمة للاقتصاد الياباني والأسهم، إلا أنها بمثابة عامل ضغط على العملة اليابانية والتي وصلت إلى مستويات متدنية.
وأكد أن قرارات المركزي الياباني تتأثر بقرارات المركزي الأمريكي وبداية خفض فترة التشديد النقدي، لدعم أداء الاقتصاد الياباني الذي يشهد أداء جيد ومستويات جيدة للمؤشر نيكي، لذلك سيكون هناك حذر وتأني لخطوات المركزي الياباني، ومتوقع الإتجاه لرفع الفائدة وفقًا لأرقام التضخم وتوجهات البنوك المركزية الأخرى سواء في ديسمبر أو يناير القادم.
رفع الفائدة
من جانبه، أوضح رئيس الأسواق العالمية في “Cedra Markets”، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن بنك اليابان فاجأ الأسواق في يوليو الماضي برفع أسعار الفائدة، مما أثار ردود فعل كبيرة في الأسواق المالية.
وأشار أن الأسواق حالياً تُسعِّر احتمال رفع أسعار الفائدة بنسبة قد تصل إلى 1 بالمئة قبل نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل، في إطار سياسات التشديد النقدي التي يتبناها بنك اليابان. وأضاف أن بيانات التضخم الصادرة يوم الجمعة جاءت أعلى من المتوقع وأعلى من مستهدفات البنك المركزي الياباني.
ولفت يرق إلى تصريحات رئيس البنك المركزي الياباني أمام البرلمان، حيث أكد أن البنك مستعد لرفع معدلات الفائدة إذا استمر التضخم في تجاوز مستوى 2 بالمئة.
ورغم أن أسعار الفائدة المنخفضة تشكل ميزة للاقتصاد الياباني وتدعم سوق الأسهم، إلا أنها تمثل عامل ضغط كبير على العملة اليابانية، التي وصلت إلى مستويات متدنية في الفترة الأخيرة.