يحظى مشروب الـ”بابل تي” bubble tea (أي “شاي الفقاعات”) بشعبية واسعة في أوساط الشباب في الصين، لحلاوة مذاقه وتوافره بألوان مبهجة ونكهات مختلفة، لكنهم مع ذلك باتوا يترددون في طلبه نظرا إلى أسعاره في ظل التباطؤ الاقتصادي.
وشهدت الصين في يوليو الفائت ارتفاعا ملحوظا لمعدل البطالة في صفوف الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 16و24 عاما، إذ وصل إلى 17.1 في المئة، وهو أعلى مستوى له منذ بداية السنة، وفقا للأرقام الرسمية.
وكان للوضع في الدولة التي يحتل اقتصادها المرتبة الثانية عالميا تأثير سلبي عموما على استهلاك الأسر، فأحجمت عن بعض المشتريات وباتت تعطي الأفضلية للمنتجات الأدنى سعرا، وفقا لتقرير وكالة فرانس برس.
وليست المشروبات القائمة على الشاي في منأى عن هذا المنحى، رغم شعبيتها الواسعة، مما قد يؤدي إلى إضعاف هذا القطاع ذي القدرة التنافسية كبيرة والذي بلغت قيمته العام المنصرم أكثر من 21 مليار دولار.
وتُعَدّ هذه المشروبات الممزوجة بالحليب أو الفاكهة مباشرة، ويُضاف إليها السكر أو الجيلي أو الكريما أو حتى العصير، وتبطن بمادة التابيوكا النشوية التي تشكّل الأساس في “شاي الفقاعات” الشهير. وتُقدّم في أكواب بلاستيكية كبيرة مع القشّة.
وسُجِلت في المدن الكبرى ومراكز التسوق زيادة كبيرة في وقت قياسي للمحال التي توفر هذه المشروبات ولنقاط بيعها.
وباتت السوق “مشبَعَة”، على ما لاحظت الخبيرة في الجيل الجديد من أنواع الشاي ستايسي تشين التي يبلغ عدد متابعيها على شبكات التواصل الاجتماعي الصينية نحو 180 ألفا.
وفي مقاطع الفيديو التي تنشرها هذه الشابة، تظهر دائما أمام مجموعة مختارة من المشروبات، فتختبرها وتقارنها وتعلّق عليها.
منافسة شرسة
ولاحظت الشابة التي التقتها وكالة فرانس برس في مدينة هانغجو القريبة من شنغهاي أن ثمة في هذا المجال “الكثير من العلامات التجارية والمنتجات الجديدة في السوق (…) لدرجة يستحيل تصويرها كلها”.
ورأت أن “خفض الأسعار” هو السبيل الوحيد لتمكّن العلامات التجارية من الاستمرار في ظل تراجع ميل المستهلكين إلى الإنفاق.
وأشارت نجمة شبكات التواصل خلال بحثها عن نكهات جديدة في أحد المتاجر إلى أن “سعر كوب كبير من الشاي الحلو هو أربعة يوانات فقط، أي نحو 55 سنتا من الدولار”.
وعرف قطاع “شاي الفقاعات” الذي يضم نحو 500 ألف نقطة بيع وعددا لا يحصى من العلامات التجارية، بعضها مُدرج في البورصة، نموا سريعا في السنوات الأخيرة.
ومن الشركات الأكثر خفضا للأسعار علامة “ميكسيو بينغتشينغ” Mixue Bingcheng التي أسسها شقيقان عام 1997 وكانت في الأصل مجرّد شركة للمثلّجات (آيس كريم).
وذكّرت إيفلين تشانغ من شركة التسويق “تشاينا سكيني” بأن “ميكسيو” كانت “أول من استثمر في مجال الشاي بالحليب المنخفض السعر”.
وهذا الخيار الذي اعتمدته الشركة يؤتي ثماره اليوم نظرا إلى الوضع الاقتصادي.
وبات الشعار البصري للشركة، وهو عبارة عن رجل ثلج مبتسم يحمل مخروط آيس كريم، حاضرا بكثافة في مختلف أرجاء الصين.
منتج فاخر بأسعار منخفضة
ولاحظت غوو جون (21 عاما) أن “ثمن أنواع الشاي الأخرى مرتفع جدا”.
وحصلت الشابة التي تعيش في بكين على حسم أتاح لها التلذذ بالليموناضة المثلجة بسعر زهيد جدا هو 2.8 يوان (نحو 40 سنتا من الدولار).
وشرحت غوو جون أن “الضغط في العمل كبير، ووضع الاقتصاد ليس جيدا، والرواتب ليست عالية، لذلك يتصرف (الشباب) بعقلانية كبيرة” عندما يستهلكون.
وأفادت إيفلين تشانغ من “تشاينا سكيني” بأن “الكثير من المقاهي والمطاعم تتكيف (وبالتالي) وتخفض أسعارها”.
حتى أن مقاهي “ستاربكس” الأميركية التي كان الصينيون يعتبرونها أمكنة عصرية توفر منتجات عالية الجودة، باتت اليوم تواجه صعوبات بسبب لجوء سلاسل محلية عدة إلى خفض الأسعار.
وقالت نجمة الشبكات الاجتماعية ستايسي تشين التي اشتهرت بما تنشره عن شاي الفقاعات: “في السابق، كان الجميع (في الصين) يرون في القهوة منتجا مستوردا وفاخرا”.
وأضافت “أستطيع اليوم شراء المنتج الفاخر نفسه لقاء 9.9 يوان”، أي نحو دولار واحد و38 سنتا.
وسألت “لماذا يجب أن أدفع أكثر من 20 يوانا لشراء الشاي بالحليب؟”.
#الصين
#اقتصاد عالمي