فأي اتفاق يتطلب توقيع رجلين: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزعيم حماس يحيى السنوار.
هما عدوان لدودان، ومفاوضان شديدا الصرامة، يعلمان جيدا أن نتائج المحادثات سوف تسجل في تاريخهما بشكل عميق، وفي حالة السنوار، قد يعني ذلك حياة أو موتا.
وكلاهما لديه حوافز قوية لإنهاء الحرب، لكن كلاهما يعتقدان أنهما سيستفيدان من الصمود لفترة أطول قليلا، وأن الحرب أفضل من التوصل إلى اتفاق لا يلبي مطالبهما.
ماذا يريد نتنياهو؟
وعد نتنياهو بتحقيق “النصر الكامل” على حماس وإعادة جميع الرهائن المحتجزين من غزة، وهما هدفان يعتقد كثيرون أنهما غير متوافقين.
يتعرض نتنياهو لضغوط كبيرة من عائلات الرهائن وقطاع كبير من الإسرائيليين لحمله على التوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن، حتى لو كان ذلك يعني استمرار وجود حماس.
وبدورها تضغط واشنطن، التي قدمت مساعدات عسكرية ودعما دبلوماسيا كبيرا لإسرائيل، من أجل التوصل إلى مثل هذا الاتفاق.
لكن الائتلاف الحاكم الذي يتزعمه نتنياهو يعتمد على وزراء يمينيين متطرفين يريدون إعادة احتلال غزة بشكل دائم، وقد هددوا بإسقاط الحكومة في حال قدم نتنياهو تنازلات كبيرة.
وإذا سقطت الحكومة فستجرى انتخابات مبكرة قد يضطر نتنياهو بموجبها إلى التخلي عن السلطة في وقت يحاكم فيه بتهم فساد.
كما أن من شأن ذلك أيضا أن يسرع عملية محاسبة بشأن الإخفاقات الأمنية المحيطة بهجوم 7 أكتوبر، حين قتل مسلحون بقيادة حماس حوالي 1200 شخص في جنوب إسرائيل، واحتجزوا حوالي 250 آخرين كرهائن.
ويرفض نتنياهو دعوات لإجراء تحقيق في هذه الإخفاقات حتى تنتهي الحرب.
إذا، كلما طال أمد الحرب، كلما زاد احتمال تحقيق إسرائيل لما يشبه الانتصار، قتل السنوار وتحرير المزيد من الرهائن، وكلما أتيحت لنتنياهو فرصة أكبر لاصلاح وضعه السياسي.
لكن طول أمد الحرب يحمل معه أيضا مخاطر، حيث يرتفع عدد الجنود القتلى يوميا تقريبا، وتتزايد عزلة إسرائيل دوليا بسبب وحشية تعاملها مع الفلسطينيين.
اختلف نتنياهو مع وزير دفاعه بشأن نهاية اللعبة، وضجت وسائل الإعلام الإسرائيلية بتقارير نقلا عن مسؤولين أمنيين بارزين لم تسمهم يعبرون عن إحباطهم من طريقة تعامل نتنياهو مع الحرب، خاصة مطلبه بالسيطرة الدائمة على محورين استراتيجيين في غزة، وذهب البعض إلى حد اتهامه بإفساد المفاوضات.
تقول كل من إسرائيل وحماس إنهما قبلتا من حيث المبدأ نسختين مختلفتين من مقترح وقف إطلاق النار المدعوم أميركيا، واقترح كل منهما تعديلات، وتبادلا الاتهام بتقديم مطالب غير مقبولة.
ماذا يريد السنوار؟
يريد السنوار إنهاء الحرب، ولكن بشروطه.
فقد أدى الهجوم الإسرائيلي إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص، وفق مسؤولي صحة محليين، ونزوح 90 بالمئة من سكان غزة، وتدمير مدنها.
كما فقدت حماس آلاف المقاتلين، والكثير من بنيتها التحتية المسلحة.
ورقة المساومة الوحيدة التي يملكها السنوار هي حوالي 110 رهائن ما زالوا محتجزين في غزة، يعتقد أن حوالي ثلثهم قد مات.
وهو بحاجة إلى أكثر من مجرد توقف مؤقت للقتال إذا كان يأمل في تحقيق ما يشبه الانتصار جراء هجوم 7 أكتوبر الذي ساهم في التخطيط له.
تبدأ مطالبه بضمانات بألا تستأنف إسرائيل الحرب بمجرد إطلاق سراح بعض أو جميع الرهائن، كما يطالب بانسحاب إسرائيل من قطاع غزة بأكمله لضمان ألا تكون نتيجة هجوم 7 أكتوبر هي إعادة احتلال دائم للقطاع.
كذلك فإن إطلاق سراح الشخصيات البارزة بين الأسرى الفلسطينيين هو قضية مقدسة بالنسبة للسنوار، الذي كان هو نفسه سجينا قضى فترة طويلة في سجون إسرائيلية، وأطلق سراحه في صفقة تبادل.
كما يطالب بضمانات بأن يتمكن الفلسطينيون من العودة إلى ديارهم وإعادة بنائها.
هل يمكن أن تساعد الضغوط الخارجية؟
لعبت مصر وقطر دور وساطة رئيسيا مع حماس، لكن تأثيرهما كان محدودا.
ومن غير المرجح أن يكون لأي ضغط على قيادة حماس تأثير كبير على السنوار، الذي تم تعيينه زعيما لحماس بعد مقتل إسماعيل هنية في إيران.
ويعتقد أن السنوار قضى معظم الأشهر العشرة الماضية في أنفاق تحت الأرض في غزة، لذا فمن غير الواضح مدى اتصالاته مع العالم الخارجي.
قدمت الولايات المتحدة دعما عسكريا كبيرا لإسرائيل طوال فترة الحرب، وقامت بحمايتها من دعوات دولية لوقف إطلاق النار.
في وقت سابق من العام، أوقف الرئيس الأميركي جو بايدن مؤقتا شحنة بمئات القنابل التي تبلغ زنة كل منها 900 كيلوغرام للضغط على إسرائيل حتى لا تغزو مدينة رفح جنوبي القطاع – وهو ما قامت به إسرائيل على أية حال في نهاية المطاف.
ويمكن لاعتبارات الانتخابات الأميركية أن تخفف الضغط الأميركي، إذ لم يظهر بايدن ميلا يذكر للضغط على نتنياهو، ولم تعرض نائبة الرئيس كامالا هاريس أي تغييرات ملموسة في هذه السياسة.
وحث دونالد ترامب إسرائيل على إنهاء هجومها، لكن من المرجح أن يكون أكثر إرضاء لنتنياهو، كما كان خلال فترة رئاسته.
وتراجع احتمال أي حظر أميركي على الأسلحة عندما واجهت إسرائيل تهديد ضربة انتقامية محتملة من إيران بسبب مقتل هنية، بل بدلا من ذلك، دفعنت واشنطن بأصول عسكرية إلى المنطقة.