ويعتقد محللون ومراقبون أن الإسرائيليين اعتادوا تكرار التعامل مع مثل هذه الأوقات الصعبة، وبشكل خاص منذ هجوم السابع من أكتوبر، إذ اتخذوا الكثير من الإجراءات الوقائية ببناء الملاجئ حتى داخل منازلهم، وسافر بعضهم إلى الخارج، لكنهم في الوقت ذاته يتخوفون من تصعيد من دون أفق لإنهائه.
وتستعد إسرائيل لهجوم “متعدد الجبهات” يضع منظومتها الدفاعية تحت وطأة إنهاك كبير، خاصة مع تأكيد إيران على السعي لـ”معاقبة إسرائيل”، فضلا عن مضي أذرعها في التجهيز لعمليات انتقامية، على وقع اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، والقيادي البارز بحزب الله فؤاد شكر في بيروت.
ماذا فعلت إسرائيل؟
على وقع تلك التهديدات، اتخذت السلطات الإسرائيلية عددا من الإجراءات السريعة، على رأسها فتح الملاجئ في عدد من مناطق البلاد، مثل تل أبيب وشارون وروش هاعين وكريات أونو، وإلغاء بعض الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن أكثر من 100 ألف إسرائيلي باتوا عالقين في الخارج، بسبب إلغاء الرحلات الجوية إلى إسرائيل.
وفي إطار الإجراءات التحضيرية، تم كذلك إجراء تمرين تدريبي في غرفة عمليات نجمة داوود الحمراء، الخدمة الطبية الرسمية في إسرائيل، وفق صحيفة “معاريف” التي ذكرت أن التحضيرات شملت تمرينا على عمليات التبرع بالدم في حالات الطوارئ.
وأشارت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، إلى أن السلطات اتخذت تدابير وقائية تحسبا لأي تصعيد محتمل، كإخلاء المناطق الصناعية من المواد الخطرة.
لكن الوضع بدا مختلفا في مدينة حيفا، التي من المرجح أن تتعرض للصواريخ والمسيّرات إذا تصاعدت الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله.
وتضم حيفا، التي يقطنها نحو 280 ألف نسمة، 110 ملجأ عاما بحالة جيدة، إضافة إلى مئات الملاجئ الخاصة داخل المباني السكنية، فمنذ أحداث 7 أكتوبر بنى العديد من السكان ملاجئ خاصة في منازلهم.
ومع بداية الموجة الأخيرة من الصراع، هرع الإسرائيليون لتخزين المؤن والمستلزمات وغيرها من السلع المتعلقة بالطوارئ، ومع ذلك يبدو أن هذا التهافت على التخزين قد تراجع مؤخرا.
وبالموازاة، أعلنت قيادة الجبهة الداخلية للجيش الإسرائيلي استكمال التجارب على نظام جديد لإرسال رسائل تحذير عامة قائمة على تحديد المواقع، الذي يعتمد على تقنية البث الخلوي، وهي طريقة لإرسال رسائل قصيرة إلى مستخدمين متعددين للهواتف في منطقة محددة.
وسيُمكن النظام من “استلام رسالة في حالات الطوارئ واسعة النطاق، مثل إطلاق الصواريخ على إسرائيل”، وفق الجيش الإسرائيلي.
ترقب حذر
يقول المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو غانور إن المجتمع الإسرائيلي “يعيش حالة من الترقب واليقظة، لكنه يواصل حياته شبه العادية معتمدا على الثقة أنه في حال تغير الأوضاع ستصدر قيادة الجبهة الداخلية التعليمات الموثوقة بالنسبة للتدابير اللازم اتخاذها”.
وأضاف غانور لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “المواطن العادي يثق بقدرات الجيش الإسرائيلي، حتى إن هناك تزايدا للأصوات المطالبة بتوجيه ضربة استباقية، وعدم إطالة فترة الانتظار التي قد ترهق الأعصاب وتعطل البرامج الشخصية وتقضي على ما تبقى من موسم الصيف للرحلات والاستجمام”.
وشدد على أن “الإسرائيلي غير مستعد لتغيير برامجه الشخصية لفترة الصيف، مهما كانت الأوضاع الأمنية أو الاقتصادية في البلاد، وهذا ما ثبت في الحروب وحالات التوتر الأمنية السابقة التي عادة ما تقع في أشهر الصيف”.
وعن رحلات السفر للخارج، قال غانور إن “الملاحظ ضغط الإسرائيليين الذين غادروا قبل التوتر الحالي والمتواجدين في الخارج، على الحكومة لتأمين إمكانية العودة بسرعة إلى إسرائيل، بعد قرارات شركات الطيران الأجنبية تعليق رحلاتها”.
وعن رأي الشارع الإسرائيلي تجاه استعدادات المؤسسات الأمنية، قال المحلل السياسي إن “القوات الإسرائيلية حسب التقارير الرسمية والمطلعين، أكملت استعدادات لمواجهة أي هجوم من إيران أو حزب الله، سواء كان منفردا أو جماعيا”.
تخوفات.. وغياب استراتيجية الحكومة
بصورة أكثر عمقا للمشهد من الداخل الإسرائيلي، قال المحلل السياسي الإسرائيلي يوآب شتيرن لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “هناك حالة تأهب وترقب بالداخل الإسرائيلي، وهناك من يخشى تداعيات الحرب وما ستؤول إليه الأمور”.
وأضاف: “دائما ما نرى مثل هذه الأمور في الحروب، لكن ما يختلف في إسرائيل أن هذا ليس مخفيا. الموضوع يُبحث في وسائل الإعلام وبين الناس”.
واعتبر شتيرن أن ارتفاع معدل السفر للخارج يرتبط بالتخوفات الكبيرة من التصعيد غير المحسوب، وفي مثل هذه الحالات تغادر بعض العائلات إسرائيل سواء إلى أوروبا أو الولايات المتحدة، ومنهم من يبقى لمدة طويلة، أما الباقي فسرعان ما يعودون لديارهم.
لكن رغم اعتقاد المحلل الإسرائيلي أن الجيش قام بما يلزم للتصدي للهجوم المحتمل من إيران، فقد أكد أن “المشكلة الأكبر تتمثل في غياب استراتيجية سياسية من جانب الحكومة”.