وصباح الأحد، ارتفع مستوى التصعيد بين الطرفين، إذ أعلنت تل أبيب أن جيشها أطلق نحو 100 طائرة حربية ضد أهداف لحزب الله في عملية استباقية، و”دمَّرت وهاجمت هذه الطائرات آلاف المنصات التابعة لحزب الله التي كانت على أهبّة إطلاق صواريخ نحو شمالي إسرائيل ووسطها”.
في المقابل، أعلن حزب الله أنه أطلق 320 صاروخ كاتيوشا وطائرات مسيرة نحو أهداف في إسرائيل، منها قاعدة “غليلوت” الاستخبارية القريبة من تل أبيب، وعدة ثكنات وقواعد شمالي إسرائيل والجولان؛ للانتقام لمقتل فؤاد شكر، أحد كبار قادته.
ويوضّح خبراء عسكريون، لموقع “سكاي نيوز عربية”، الحجم الحقيقي الذي وصل إليه التصعيد بين الجانبين، وتأثيره على تحركاتهما خلال الأيام المقبلة، خاصة مع حرص كل منهما على تصوير أن ما فعله اليوم تقدم كبير له.
“عادية ومكررة”
الخبير الأميركي ريتشارد وايتز، مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون، وصف “الضربات الاستباقية”، التي وجهتها إسرائيل لحزب الله، بـ”العادية”، مشيرا إلى أن مثل هذه الضربات تتكرر في المواجهات بين إسرائيل والحزب.
وعن هدف إسرائيل من توجيه هذه الضربات “العادية”، يرى وايتز أنها “تحاول إحباط أي تحرك لحزب الله وإيران، للرد على الاغتيالات المنسوبة لإسرائيل في لبنان أو طهران”، في إشارة إلى مقتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران، وفؤاد شكر، القيادي الكبير في حزب الله في بيروت، يوليو الماضي.
وبشأن إمكانية تجاوز قواعد الاشتباك المعهودة بين إسرائيل وحزب الله خلال التصعيد، يقول الخبير الأميركي إنه ما يزال من المبكر توقع هذا الأمر.
“ردع متوازن”
الخبير العسكري اللبناني، العميد ناجي ملاعب، يلفت إلى أنه “ليس صدفة أن يحضر رئيس الأركان الأميركي قبل يومين إلى المنطقة، مما يشير إلى أنه تم الاستعلام عن تحضيرات مسبقة يقوم بها حزب الله، ونُسِّق لشن الطيران الإسرائيلي العملية الاستباقية في شمال الليطاني، و عرب90الأماكن التي يمكن أن يطلق حزب الله منها الصواريخ، مستفيدا من التقنيات التي تؤمنها مراكز الاستعلام الأميركية والبريطانية في أجواء المنطقة”.
إلا أن ملاعب يشير أيضا إلى قدرات حزب الله التي ظهرت في استهدافه المراكز العسكرية المعلومة للحزب في الجبهة المقابلة بـ320 صاروخ كاتيوشا؛ لإشغال القبة الحديدية بهذه الصواريخ، وإعطاء الفرصة لمرور المسيرات إلى أهدافها داخل إسرائيل.
ولم تُعرف هذه الأهداف بدقة، إلا أن ملاعب يقول إن المهتمين “بانتظار الإعلان عن الأهداف من جانب إسرائيل، وحتى إذا لم تعلنها رسميا، فالإعلام الإسرائيلي لن يسكت، أو أن حزب الله سيعلنها، وربما يبث مقاطع التقطتها المسيرات للأهداف”.
وكتقييم أولي، فإنه “رغم كل هذا الاستعداد الإسرائيلي، ورغم كل التقنيات التي أفادت إسرائيل من الوجود الأميركي في الأجواء، ورغم العمل الاستباقي منذ أسبوعين حتى اليوم بكل الوسائل المدفعية والصاروخية والطيران والمسيرات الإسرائيلية، فإن حزب الله استطاع إرسال صواريخه التي تسمح بمرور المسيرات إلى هدفها؛ مما يعني أنه ما تزال لديه القدرة على تحقيق الردع المتوازن”.
استنزاف قدرات
يتفق الخبير العسكري، العقيد مالك الكردي، في أن حزب الله ما يزال يمتلك وسائل تدفع إسرائيل لإبقاء ردودها عليها في إطار “الرد المتوازن” حتى الآن، ومن هذه الوسائل:
- الحزب حرص طوال سنوات على تخزين قدرات صاروخية كبيرة وطائرات مسيرة في مستودعات حفرها بعمق الجبال.
- عدد هذه الصواريخ يمكن أن يمطر كل متر مربع من إسرائيل.
- يعتمد حزب الله على تكتيك حفر الأنفاق في مناطق جبلية واسعة؛ مما يزيد من قدرته على المواجهة والصمود أمام الضربات الإسرائيلية، وعلى التخفي والمناورة.
كل هذا، حسب الكردي “يجعلنا نقول إن تأثير الضربات الإسرائيلية على الحزب، ما يزال محدودا، ولا أتصور أن تغامر إسرائيل بشن حرب على الحزب إلا بعد استمرار طويل في حرب الاستنزاف لإفراغ المنطقة من سكانها، ثم استخدام أسلحة غير تقليدية، ذات قدرة تدميرية كبيرة جدا لأنفاق حزب الله، وهي أسلحة مكلفة جدا لاقتصاد إسرائيل”.
أما عن سبب شن حزب الله هجومه هذا الصباح، فيراه الخبير العسكري أنه “في إطار الرد المتبادل، وتذكير إسرائيل بترسانة الحزب وقدرته على إرسال مزيد من الصواريخ والمسيرات التي تغطي سماء إسرائيل، وتُرغم الإسرائيليين على البقاء في الملاجئ لفترة طويلة، وزيادة معدل الهجرة إلى خارج إسرائيل”.
أما إسرائيل، فالهدف من ضرباتها لحزب الله هو “أن تستنزف قدراته، وتدمر له الكثير من العتاد والذخائر في المستودعات والعمق، وتقتل قياديين له؛ لإضعافه ولإحداث فوضى بين صفوفه، وإفقاد عناصره الثقة بحزبهم، وإفقادهم بالتالي الثقة في جدوى وقوع حرب برية مع إسرائيل”.
ويرجح الخبير العسكري، بناء على ما سبق، أنه “رغم أن إسرائيل تجاوزت حدا من قواعد الاشتباك، لكن حتى الآن يمكننا القول إنها ما تزال في التزام نسبي بالرد المتوازن على ضربات الحزب”.