وأشار تقرير نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” إلى تعرض محطتين -بقيمة مليارات الدولارات- قيد الإنشاء على ساحل تكساس، تدعمهما شركتي إكسون موبيل وتوتال إنرجيز، لانتكاسات جديدة هذا الشهر، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى تأخيرات.
وأكد التقرير أن هذه المشكلات زادت من حالة عدم اليقين بشأن نمو الإمدادات المستقبلية التي تسببت فيها سياسة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن المتعلقة بتجميد التصاريح الجديدة للتصدير، وأكدت على تعقيد إطلاق مشاريع الغاز الطبيعي المسال الكبرى.
ونقلت الصحيفة عن المدير الإداري لشركة ClearView Energy Partners، كيفين بوك، أن محطات الغاز الطبيعي المسال هي بنية تحتية للطاقة، وأن بناء بنية تحتية للطاقة في أميركا اليوم “أمر صعب”.
- شهدت صناعة الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة انتعاشًا في السنوات الأخيرة وسط زيادة الطلب من الخارج، خاصة مع سعي أوروبا الابتعاد عن الاعتماد على الغاز الروسي بعد الحرب في أوكرانيا.
- تجاوزت الولايات المتحدة أستراليا في العام 2023 لتصبح أكبر مصدر في العالم، حيث شحنت 11.9 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز الطبيعي المسال – وهو ما يكفي لتلبية احتياجات الغاز المشتركة لألمانيا وفرنسا – وللصناعة خطط طموحة لمضاعفة الصادرات بنهاية العقد.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من الطلب على الغاز الأميركي، فإن التحديات في إدخال محطات جديدة بتكلفة عشرات المليارات من الدولارات إلى الخدمة تتفاقم وتتعقد.
توقف المشروعات
أرجأت شركتا إكسون موبيل وقطر للطاقة هذا الشهر بدء مشروع غولدن باس Golden Pass البالغة تكلفته 11 مليار دولار في تكساس لمدة ستة أشهر إلى نهاية العام المقبل بعد صراع مع المقاول الرئيسي شركة زاكري هولدينغز (التي كانت قد تقدمت بطلب حماية من الإفلاس في مايو)حول التكاليف المتزايدة في المشروع.
وأشارت الصحيفة إلى أن التسوية التي تم التوصل إليها مع زاكري في الأسابيع الأخيرة أدت إلى تمكين المالكين من تعيين مقاول رئيسي جديد واستئناف البناء.
ونقلت الصحيفة عن رئيسة الشؤون المالية في إكسون، كاثي ميكيلز، ترحيبها بالتسوية، قائلة إنها ستسمح للشركة بـ “المضي قدمًا لإكمال المشروع”.
كذلك تعرض مشروع ريو غراندي الذي تبلغ تكلفته 18 مليار دولار لشركة نيكست ديكيد لضربة قوية هذا الشهر بعد أن رفضت المحكمة موافقة تنظيمية رئيسية في أعقاب تحدي قانوني من قبل جماعات بيئية ومجتمعية.
وتعهدت الشركة – التي تمتلك فرنسا 17 بالمئة من أسهمها – باتخاذ “جميع الاجراءات القانونية والتنظيمية المتاحة” لضمان الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع، المقرر إطلاقه في عام 2027، في الوقت المحدد وعدم “تأخير المراحل اللاحقة بشكل غير مبرر””. وانخفضت أسهم نيكست ديكيد بنحو 40 بالمئة منذ صدور الحكم.
ونقلت فايننشال تايمز عن الرئيس التنفيذي لشركة نيكست ديكيد، مات شاتزمان، في بيان له:
- أن هذا القرار له تداعيات بعيدة المدى تتجاوز هذا المشروع.
- إذا بقي الحكم كما هو، فإن السوابق التي ستنشأ عن إجراء المحكمة لديها القدرة على التأثير على جدوى جميع المشاريع التي تحصل على تصاريح فيدرالية لأنه سيكون من الصعب على هذه المشاريع جذب الاستثمارات الرأسمالية حتى تتلقى تصاريح نهائية غير قابلة للاستئناف.
- عندما تعمل بكامل طاقتها، من المقرر أن تصل الطاقة التصديرية المجمعة لمرافق جولدن باس وريو غراندي إلى ما يصل إلى 5.9 مليار قدم مكعب يوميا، وهو ما يقرب من نصف الحجم الذي شحنته الولايات المتحدة العام الماضي.
- أن التأخيرات في تشغيل المشاريع الأميركية تهدد بمزيد من الضغط على سوق ضيقة بالفعل ودفع الأسعار إلى الارتفاع.
ووفقاً لشركة وود ماكنزي، فإن تأخير مشروع غولدن باس من شأنه أن يزيل 2.3 مليون طن من الإمدادات من السوق العام المقبل و5.2 مليون طن في عام 2026.
مصاعب
وتضاف الانتكاسات الأخيرة إلى مصاعب صناعة شهدت توسعًا سريعًا منذ 2016، وهو التوسع الذي واجه عقبة هذا العام بعد أن أوقفت إدارة بايدن في يناير التصاريح الجديدة للتصدير للمحطات بينما تقوم وزارة الطاقة بمراجعة الفوائد.
وشهدت الموافقات على المشاريع تباطؤًا ملحوظًا منذ ذلك الحين، في العام الماضي، وصلت ثلاثة مشاريع بقدرة إجمالية قياسية بلغت 37.5 مليون طن سنويًا إلى المرحلة الحاسمة للقرار الاستثماري النهائي، وفقًا لوود ماكنزي. هذا العام، لم تصل أي مشاريع إلى هذه المرحلة.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من أن قاضيًا فيدراليًا حظر وقف بايدن الشهر الماضي، إلا أنه لم يتم إصدار أي تصاريح جديدة منذ ذلك الحين ولا يتوقع اللاعبون في الصناعة أي تغيير قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.
وقال المحلل في وود ماكنزي، مارك بونوني، إن المطورون ومشترو الغاز الطبيعي المسال ينتظرون توضيحات من المحاكم والانتخابات الأميركية لإزالة عدم اليقين.
ومن المتوقع أن تنتهي مراجعة وزارة الطاقة بحلول مارس 2025، حيث قال المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب إنه سيبدأ في إصدار التصاريح على الفور إذا أعيد انتخابه، بينما يتوقع المحللون أن تنهي المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس التجميد بسرعة أيضًا.
وتوقعت الصحيفة أن تواجه هاريس مقاومة قوية من الجماعات البيئية والنشطاء المحليين حول أي تحرك لتسريع التصاريح لصناعة يزعمون أنها دمرت النظم البيئية الساحلية وأضرت بالمجتمعات المحلية.
عدم يقين
وأدى عدم اليقين في الولايات المتحدة إلى دفع بعض المشترين للبحث عن عقود خارجية، في خطوة يحذر لاعبو الصناعة من أنها قد تعرقل بعض المشاريع تمامًا حيث يسعى العملاء الرئيسيون إلى عقود ذات أطر زمنية أوضح.
وذكرت الصحيفة أن جيسون بينيت من مكتب المحاماة بيكر بوتس، قال: “ليس جيدًا أن تظل هذه المشاريع في حالة عدم يقين لفترة طويلة.. المشترون دائمًا يشترون الغاز الطبيعي المسال وهم يبحثون للشراء في فترة زمنية معينة.”
تحديات محفوفة بالمخاطر
من جهتها، أكدت أستاذة الاقتصاد والطاقة بالقاهرة، الدكتورة وفاء علي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن ملف صناعة الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة الأميركية يواجه تحديات محفوفة بالمخاطر، مشددة على أن “الجميع ينتظرون اسم ساكن البيت الأبيض القادم، ويتساءلون عن ما إذا كان سيجعل الغاز وصناعته من المداخيل الأساسية خلال فترة ولايته”. كما نوهت بأن هذا الملف تحديداً يعاني الضبابية بسبب تقنين أوضاع الشركات الخاصة بالحفر والتنقيب.
وأشارت إلى أن المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس على سبيل المثال تعد من أنصار الطاقة الخضراء وخلق جيش للمناخ من أجل تعزيز الاستدامة البيئية، ذلك على الرغم من تراجعها في كثير من المواقف عن عمليات البحث والتنقيب والتكسير الهيدروليكي.
وأفادت بأن الرئيس الأميركي القادم سيكون محملًا بمهمة فك التشابكات المتصاعدة مع شركات البحث والتنقيب عن الغاز الطبيعي.
وذكرت أنه باعتبار الولايات المتحدة الأميركية أكبر مصدر للغاز المسال، فسيكون هناك تقويض فى إمدادات الغاز الطبيعي المسال بشأن عدم اليقين، موضحة أن ملف نمو حجم المعروض يعاني خصوصاً مع إيقاف إدارة بايدن إصدار تصاريح جديدة لعمليات التصدير.
وأشارت علي إلى أن صناعة الغاز الأميركي شهدت نموًا العام الماضي بفعل معطيات الواقع المرهون بالحرب في أوكرانيا وحاجة أوروبا لتعويض الغاز الروسي الذي فرضت عليه العقوبات، حيث صدرت أميركا في العام الماضي 11.9 مليار قدم مكعبة يوميًا، مؤكدًا أنها كمية تكفي دولتين لذلك خزنت أوروبا الغاز لتعويض نقص الإمدادات الروسية.
وشددت على أن سوق الغاز الطبيعي المسال في أميركا تحتاج إلى استثمارات كبيرة، خاصة مع موجة توقف بعض الشركات نظراً لحدوث مشاكل قانونية، ما خلق حالة عدم اليقين في بحث المشترين عن سوق جديدة، مؤكدة أن هذا الملف يحتاج إلى قراءة فنية صحيحة من الرئيس الأميركي القادم ليعيد الثقة إلى الشركات والأسواق الخاصة بالغاز الطبيعي المسال.
الانتخابات الرئاسية
من لندن، يؤكد خبير اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريح خاص لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة تعتبر أكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا وآسيا منذ 2022، إلا أن الصناعة تواجه مصاعب وتحديات عديدة، مؤكدًا أن استغناء أوروبا عن الغاز الروسي فتح المجال للولايات المتحدة أن تتميز في مجال تصدير الغاز الطبيعي المسال.
واستعرض بعض التحديات التي تواجهها الصناعة ومنها:
- أمور قانونية ممثلة في تدخل الحكومة، علاوة على ارتفاع التكاليف، على سبيل المثال ارتفعت الأجور ما يزيد عن 21 بالمئة منذ 2021.
- التحدي الأكبر كان فرض إدارة بايدن حظر على تصدير الغاز الطبيعي المسال ومنع إصدار تراخيص لمشاريع جديدة، وهو ما أدى إلى إبطاء 5 مشاريع في ولايات تكساس ولويزيانا، وأيضا تأجيل 16 مشروع، جميعهم يبحثون عن مستثمرين ومشترين.
وأفاد بأن قرار بايدن جاء بحجة الدراسة وتقييم التأثير على الأسواق والبيئة، مشيرًا إلى أن من ضحايا المشاكل التي تواجه الصناعة مشروع غولدن باس المشترك بين قطر للطاقة واكسون بسبب تجاوز المقاول الميزانية بحدود 2.4 مليار دولار وطلبه الحماية من الإفلاس تحت الفصل 11 من الدستور.
وأشار إلى أن أجندة بايدن تعرضت إلى نكسة قانونية في أوائل يوليو، عندما أعلن قاضي فيدرالي في لويزيانا جيمس كين أن الخطوات التي اتخذتها إدارة بايدن بمنع التراخيص وتأجيل مشاريع تطوير صناعة الغاز الطبيعي المسال والتصدير، تنتهك قانون الغاز الطبيعي، وهي إجراءات تعسفية وبدون مبرر.
وتوقع أن تنتهي حالة عدم اليقين والتخبط بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، موضحًا:
- إذا تم انتخاب كامالا هاريس سوف لا يحدث تغيير كبير، وحالة عدم الوضوح ستستمر.
- حال انتخاب دونالد ترامب سنرى تغيرا كبيرا.. من المنتظر أن يلغي كل الإجراءات والقرارات التي أصدرها البيت الأبيض تحت إشراف بايدن.
وأكد أن إدارة جمهورية جديدة يرأسها دونالد ترامب ستزيل حالة عدم اليقين، وسترفع من إنتاج الطاقة الأحفورية، كما أن جيه دي فانس النائب المرشح لترامب أعلن تأييده الكامل لسياسات ترامب المتعلقة بالطاقة.