وتبزغ في هذا السياق مجموعة من الملفات ذات الأولوية القصوى، التي تتماشى مع تطلعات الشعب وتلبي احتياجاته الملحة، من بين أبرز تلك الملفات التي يقول خبراء اقتصاديون مصريون أنه يتعين أن تحتل مكانة خاصة في جدول أعمال الحكومة الجديدة هو ملف خفض الأسعار ومحاربة التضخم.

في وقت يُعاني فيه المواطن المصري من ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية، مما يثقل كاهله ويزيد من الأعباء اليومية.

وبالتالي يتعين أن تسعى الحكومة بشكل عملي إلى اتخاذ إجراءات سريعة وفعّالة لخفض الأسعار وضبط الأسواق، بالإضافة إلى تعزيز دور الجهات الرقابية لضمان عدم استغلال المواطنين.

كذلك يعد إنهاء أزمة الكهرباء من القضايا الحيوية التي تسعى الحكومة لحلها بشكل نهائي، وذلك مع معاناة المصريين لفترات طويلة في الشهور الماضية من انقطاع التيار الكهربائي واستراتيجية تخفيف الأحمال التي اتبعتها الحكومة السابقة.

وعليه، فإن الحكومة الجديدة يُعول عليها في تبني خطة شاملة لتحسين البنية التحتية لقطاع الكهرباء وضمان استمرارية التيار الكهربائي بشكل مستدام، مما يعزز من جودة الحياة اليومية للمواطنين ويدعم القطاعات الإنتاجية.

من الناحية الاقتصادية، يقول خبراء إنه يتعين على الحكومة وضع جذب الاستثمارات على رأس أولوياتها، وذلك عبر مجموعة من الأدوات والإجراءات التي من شأنها تعزيز الثقة في الاقتصاد المصري.

ويُعد في هذا السياق برنامج الطروحات الحكومية من بين الأدوات الرئيسية التي تسعى الحكومة من خلالها لجذب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي.

كما يتعين أن تلتزم الحكومة الجديدة بالعمل على خفض الدين العام الذي يُشكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد الوطني من خلال سياسات مالية محكمة، ومن أجل تحقيق التوازن المالي، مما يمهد الطريق لتحقيق استدامة اقتصادية على المدى الطويل.

كذلك فإن دعم وتعزيز قطاعات الصناعة والزراعة يُعتبر من الأهداف الرئيسية المهمة للحكومة الجديدة. إدراكاً لأهمية هذه القطاعات في تحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة الإنتاجية.

خفض الأسعار

يوضح مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث، رئيس منتدى تطوير الفكر العربي للأبحاث، أبو بكر الديب، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية” أن هناك مجموعة من المطالب المجتمعية والتي يوليها المواطن المصري أهمية كبيرة، تتمثل في تخفيض الأسعار، والتشديد على مراقبة الأسواق والتجار ومكافحة تهريب السلع واحتكارها.

بالإضافة إلى التوسع في الاستثمارات الحكومية، وإنشاء المستشفيات؛ لمواكبة الزيادة السكانية، والتوسع في برامج الحماية الاجتماعية ورفع الحد الأدنى للأجور، وغيرها من المطالب التي تمس حياة الناس اليومية بشكل مباشر وتأتي على سلم أولويات المواطنين.

ويشير إلى أنه بالتوازي مع ذلك، هناك مطالب خاصة بالنسبة للمستثمرين ورجال الأعمال؛ أبرزها  ضرورة النظر في تشريعات الاستثمار بما يتناسب مع تطورات العمل الحديث، مع منح الأولوية والاهتمام الكافي لقطاعات مثل الصناعة والزراعة؛ لزيادة التصدير، وبالتالي توفير عملة صعبة؛ من أجل تأمين الاحتياطي النقدي وسداد الالتزامات الخارجية.

ويلفت كذلك إلى أن من بين أبرز المطالب ذات الأولوية وضع خطة لتقليص الدين العام الخارجي وتقليل القروض خلال الفترة المقبلة، وإصلاح عمل البورصة التي مازالت تعاني من شح السيولة مقارنة بالأسواق العربية، فضلاً عن تنشيط السياحة.

ووفق وزارة التخطيط المصرية، ارتفع الدين الخارجي للبلاد 3.5 مليار دولار في الربع الأخير من 2023 إلى 168 مليار دولار.

التضخم

كذلك يؤكد مدير مركز رؤية للدراسات، بلال شعيب في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، على أزمة التضخم، والتي تأتي في صدارة الملفات، موضحاً أن ارتفاع الأسعار “يعتبر أول مشكلة بالنسبة للمواطن المصري، الذي يريد الشعور بالحد الأدنى للأجور وكفايته لتغطية نفقاته الأساسية، ولذلك يتعين وجود آلية سياسة جديدة للتعامل مع التضخم”، في وقت يرى فيه أن معالجة التضخم بإجراءات السياسة النقدية فقط تؤدي إلى نتائج عكسية.

ويوضح أن من بين أهم الملفات ضرورة الاهتمام بالصناعة وتوطين الصناعات الرئيسية، والعمل على تقليل معدلات الفقر والبطالة وملف الدعم والتحول للدعم النقدي بدل العيني.

كما يلفت كذلك إلى أن ملف الطاقة يعد مشكلة أساسية تتطلب التدخل السريع  في ضوء درجات حرارة مرتفعة وتغيرات مناخية وما ينتج عنها من زيادة استخدام الطاقة “لذلك نحتاج إلى تنويع مصادر الطاقة في ضوء توافر موارد الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، بما يعزز من مفهوم الطاقة الجديدة والمتجددة”.

بالإضافة إلى ضرورة دمج ملف السوق الرسمي وغير الرسمي  والعمل على تنويع إيرادات الدولة بدلا من الاعتماد على الضرائب فقط.

أبرز الملفات

من جانبه، يلخص الخبير الاقتصادي، مصطفى بدرة، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أبرز الملفات الضرورية أمام الحكومة الجديدة في عدد من النقاط، في مقدمتها تنسيق العمل بين الوزارت المعنية بالحكومة وأولويات السياسة النقدية الصادرة عن البنك المركزي، مع العمل على تسريع وتنشيط حركة الاستثمار، من أجل ضخ المزيد من العملة الصعبة بالبلاد.

كما يشدد على أهمية تيسير إجراءات الاستثمار سواء فيما يخص القيد في البورصة، وكذلك ملف الطروحات الحكومية، وصفقات الاستحواذ.

وبحسب وزيرة التخطيط و التنمية السابقة، هالة السعيد، فإن الحكومة طرحت 14 شركة ضمن برنامج الطروحات الحكومية في العام ونصف العام الماضية، سواء لمستثمر استراتيجي أو بالبورصة المصرية، كما تم جذب 65 فرصة استثمارية في تلك الفترة .

وفيما يخص قطاع الصناعة على وجه التحديد، يتحدث بدرة عن أهمية مراجعة المناطق الصناعية وتكوين رؤية موحدة؛ بهدف تشغيل كامل للمناطق الصناعية.

كما يؤكد على أن من بين الملفات التي تحظى باهتمام واسع، ما يتعلق بمحاربة التضخم “في أسرع وقت”، في وقت عانى فيه المصريون من ارتفاع مطرد في أسعار السلع والخدمات بشكل واسع.

تشير أحدث بيانات التضخم في مصر، إلى تسجيل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 10 يونيو 2024، سالب 0.7 بالمئة في مايو 2024 مقابل 2.7 بالمئة في ذات الشهر من العام السابق و1.1 بالمئة في أبريل 2024. وعلى أساس سنوي، سجل معدل التضخم العام للحضر 28.1 بالمئة في مايو 2024 مقابل 32.5 بالمئة في أبريل 2024.

وسجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، الذي يعده البنك المركزي، سالب 0.8 بالمئة في مايو 2024 مقابل 2.9 بالمئة في ذات الشهر من العام السابق و0.3 بالمئة في أبريل 2024. وعلى أساس سنوي، سجل معدل التضخم الأساسي 27.1 بالمئة في مايو 2024 مقابل 31.8 بالمئة في أبريل 2024.

الخدمات الرئيسية

من جانبه، يؤكد مستشار البنك الدولي، محمود عنبر، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن هناك مجموعة من التحديات والمطالب أمام الحكومة الجديدة؛ أبرزها ما يرتبط بالخدمات التي يتلقاها المواطن، وعلى رأسها “الكهرباء”، في ظل خطة تخفيف الأحمال وإشكالية انقطاع التيار الكهربائي التي يعاني منها المواطنون بشكل كبير، فالحكومة مطالبة بضرورة إدراك أن طبيعة تلك الخدمات ليست رفاهية، بغض النظر عن الإشكاليات التي تواجه الدولة.

ويضيف: من بين أبرز المطالب أيضاً ضرورة وجود أيديولوجية اقتصادية واضحة وعلى أساس سليم، يتعين أن تظهر كمجموعة من المبادئ الاقتصادية أمام المستثمر، خاصة فيما يتعلق بتفاصيل وثيقة ملكية الدولة والإجراءات التنفيذية فيما يتصل بها.

كما يشدد على ضرورة تحقيق قدر من الشفافية بصورة عامة، وبصفة خاصة في وثيقة ملكية الدولة، والإعلان عن القطاعات التي سوف تتخارج منها الدولة بشكل أكثر وضوحاً، مع ضرورة التنسيق بين الوزارات المعنية بالملف الاقتصادي بالإضافة إلى أهمية التنسيق بين السياسة المالية والنقدية.

وتعول الحكومة المصرية على ملف الطروحات، من أجل جذب المستثمرين وتعزيز السيولة بالسوق، وللتغلب على الأزمات التمويلية القائمة التي عانى منها الاقتصاد المصري خلال الفترات الماضية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version