وبالرغم من هذه الخلافات، يؤكد محللون سياسيون، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الرد الإيراني “حتمي”، حفظا لهيبة البلاد التي تم استهدافها باغتيال هنية في عاصمتها، موضحين تداعيات عدم الرد على إعادة تشكيل موازين القوى، وإضعاف وكلاء طهران، وعلى تقوية الجماعات العرقية الانفصالية في الداخل.

ووفق ما نقلته شبكة “سي إن إن” الأميركية، عن مسؤول أميركي ومسؤول استخباراتي غربي، فإن المخاوف المرتبطة بتحركات حزب الله، أصبحت أكبر الآن من تلك المتعلقة بتحركات إيران.

ومن داخل إيران، قال سعيد جليلي، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام والمجلس الأعلى للأمن القومي، إن الناس ينتظرون “ردا جديا وحازما وكريما من إيران”، حسب صحيفة “اعتماد” الإيرانية.

 خلاف بزشكيان والحرس الثوري

تدور خلافات شديدة بين القيادات في إيران بشأن الرد على إسرائيل، وما إن كان إيرانيا مباشرا أم يُوكل به لأذرع طهران.

وانعكست هذه الخلافات في الصحافة، فذكرت صحيفة “خراسان”، التابعة للتيار المتشدد، أن استراتيجية الصواريخ الإيرانية لم تعد مناسبة للرد، وكتبت: “المنطقة ومحور المقاومة ملزمان برد مناسب”.

تتفق معها صحيفة “جمهوري إسلامي”، في رفض إطلاق الصواريخ الإيرانية، قائلة إن الهجوم الصاروخي على إسرائيل سابقا (في أبريل ردا على قصف قنصيلة طهران في دمشق)، واستعراض القوة العسكرية، لم يحققا هدف الردع، مما شجع تل أبيب على قتل هنية في طهران.

من ناحيتها، كتبت صحيفة “تليغراف” البريطانية، الجمعة، تحت عنوان “الرئيس الإيراني الجديد يخوض معركة مع الحرس الثوري لمنع اندلاع حرب شاملة مع إسرائيل”، أن كبار الجنرالات في الحرس الثوري يصرون على توجيه ضربة مباشرة لتل أبيب، لكن مسعود بزشكيان يقترح استهداف قواعد إسرائيلية سرية في دول مجاورة.

ونقلت عن مساعد مقرب من الرئيس (لم تذكر اسمه): “يخشى بزشكيان أن تكون لأي هجوم مباشر على إسرائيل عواقب وخيمة”.

وعن موقف الحرس الثوري، قال إن إصرار الحرس على استهداف إسرائيل، يهدف إلى تقويض رئاسته (رئاسة بزشكيان) “أكثر من التغطية على الإذلال الذي عانوا منه”.

وكان بزشكيان، الممثل للتيار الإصلاحي، فاز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي خسرها المحافظ المتشدد سعيد جليلي، القريب من تيار الحرس الثوري.

وقال مساعد ثان لبزشكيان لـ”تليغراف”، إن الرئيس اقترح استهداف مكان له علاقة بإسرائيل في أذربيجان أو كردستان (بالعراق)، وإبلاغ هذه الدول بذلك قبل العمليات، كما اقترح تسليح حزب الله بأسلحة أكثر تطورا، وتركه يقاتل بدعم مكثف من إيران.

ويعتقد مقربون من الرئيس أن “إهمال أمن هنية كان متعمدا لجر السيد بزشكيان إلى الحرب”، وفق نفس المصدر.

في المقابل، قال مسؤول في الحرس الثوري للصحيفة البريطانية، إن بعض القادة يعتقدون أن بزشكيان “قلق فقط بشأن منصبه، لكن قِلة من الناس في الحرس الثوري الإيراني يستمعون إليه”.

خسائر عدم الرد

يميل المحلل السياسي اللبناني، علي يحيى، إلى أن الرد الإيراني قد يكون غير مباشر، لأن الاشتباك أو الحرب يعنيان استهداف بنيتها الاستراتيجية؛ كالمفاعلات النووية، السدود المائية، المصانع العسكرية، والموانئ التجارية.

ولفت إلى أن هذه الحسابات هي التي جعلت طهران تستثمر في دعم شبكة من الحلفاء في المنطقة، وحاليا يضاف إلى هذه الحسابات مراعاة المرحلة الانتقالية في البلاد، إذ يجري تشكيل الحكومة، وهذا يفسر لماذا يفضل بعض الإيرانيين التركيز على الاستقرار السياسي والاقتصاد، بدلا من القضايا الإقليمية، ويفضلون ترك الرد لحزب الله.

“ومع ذلك، فقد اتخذ القرار بالفعل، والتيار السائد هو الرد، نظرا لأن السيادة والأمن القومي والهيبة الإيرانية قد تأثرت بشكل مباشر لحظة تنصيب الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، وهو ما يؤثر على صياغة العلاقات الدولية”، وفق يحيى.

لماذا تأخر الرد؟

يُرجع المؤرخ والمحلل السياسي الإيراني، آرش عزيزي، تأخر رد طهران لعوامل في الداخل والخارج:

  • الخيارات المحدودة: تواجه إيران قيودا في خياراتها العملياتية، ما يجعل الرد المباشر أكثر تعقيدا.
  • المناقشات الداخلية: يلعب بعض المسؤولين، مثل محمد جواد ظريف (مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية)، دورا في إقناع القيادة بعدم الوقوع في “فخ نتنياهو”، وعدم الانجرار إلى أزمة مباشرة قد تؤدي إلى تصعيد كبير.
  • الضغوط الدبلوماسية: تتعرض إيران لضغوط أميركية وعربية، وهو ما يؤثر على قرارها بشأن كيفية الرد.
  • ويخلص المحلل الإيراني إلى أنه من المرجح أن يقتصر الرد عبر حزب الله لتجنب التصعيد المباشر.

رد حتمي

في كل الأحوال، يؤكد الخبير في الشؤون الإيرانية، محمود جابر، أن الرد الإيراني “حتمي”، ويعدد أسباب ذلك:

  • حماية هيبة إيران: فعدم الرد على اغتيال هنية، قد يُفسر كاعتراف ضمني بقوة إسرائيل، وهو ما قد يُضعف موقف إيران، ويشجع على استهداف مفاعلها النووي.
  • مستقبل وكلاء إيران: تآكل هيبة طهران قد يعني إضعاف موقف وكلائها، مثل حزب الله، ويفتح المجال لتحركات مضادة من القوى الإقليمية الأخرى.
  • التهديدات الداخلية: تآكل هيبة النظام الإيراني قد يحفز المجموعات العرقية والمعارضين على اتخاذ خطوات لاستنزاف النظام.
شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version