وساعد التحالف الذي قادته الولايات المتحدة في اعتراض 99% من أكثر من 300 طائرة بدون طيار وصواريخ أطلقت من إيران، وهي أول ضربة مباشرة من نوعها من قِبَل طهران بعد عقود من الحرب الخفية مع الدولة العبرية.
وأشاد رئيس الأركان الإسرائيلي بالتعاون في ذلك الوقت باعتباره يمهد الطريق أمام “فرص جديدة للتعاون في الشرق الأوسط”.
وقال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون كيربي إن هذا التعاون “أرسل رسالة قوية حول مكانة إسرائيل في المنطقة مقابل مكانة إيران”.
الدعم الأميركي
ومع تعهد إيران بالرد بقوة على اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران، أصبحت إسرائيل أكثر عزلة إقليمية، وهو ما يقول المحللون العسكريون إنه قد يجعل البلاد أكثر عرضة للخطر. حسب صحيفة “واشنطن بوست”.
وهناك أيضا مخاوف من أن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية التي قد لا تكون قادرة على مواجهة هجوم ضخم ومنسق بشكل كامل، حتى مع الدعم الأميركي.
تشير تقارير عديدة إلى أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية تواجه تحديات متزايدة خاصةً فيما يتعلق بالطائرات بدون طيار، لا سيما عندما تأتي في أسراب، حيث يمكن أن يتسلل بعضها عبر ما يعرف بالنقاط العمياء في أنظمة الرادار، بسبب قدرتها على الطيران على ارتفاعات منخفضة.
هذا الأمر برز بشكل لافت في يوليو الماضي، عندما نجحت طائرة مسيرة حوثية في اختراق الدفاعات الإسرائيلية وضرب تل أبيب، مما يعكس مدى قدرة هذه الطائرات على التسلل رغم التطور التكنولوجي في أنظمة الرادار الإسرائيلية.
إضافة إلى ذلك، استمرت إيران في تطوير تقنيات جديدة للطائرات المسيرة، ما دفع حزب الله إلى القيام بعمليات تصوير جوي في شمال إسرائيل.
هذا التطور يثير تساؤلات حول مدى قدرة أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية على مواجهة هجمات قد تكون أكثر تعقيدًا من تلك التي شهدتها في أبريل الماضي.
وفي هذا السياق، واصلت الولايات المتحدة تعزيز قدراتها الدفاعية في المنطقة، حيث نشرت أنظمة دفاعية متطورة لاعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة، مما يعكس استراتيجية أميركية لردع أي تصعيد محتمل.
وقال جون كيربي للصحفيين، الأربعاء: “نحن نعمل بجد حقا، وبدبلوماسية مكثفة، لمحاولة تجنب التصعيد”.
وأضاف أن الرئيس جو بايدن ” أمر بإرسال موارد عسكرية إضافية إلى المنطقة للتأكد من أنه في حالة تعرض إسرائيل للهجوم، يمكن للولايات المتحدة أن تأتي للدفاع عنها”.
وكان قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريلا، في إسرائيل للمرة الثانية هذا الأسبوع لمناقشة التنسيق العسكري. تشمل الأصول الأمريكية المنشورة حديثا سربا من طائرات F-22 رابتور والطرادات البحرية والمدمرات وحاملة الطائرات يو إس إس أبراهام لينكولن والسفن المرافقة لها، والتي تتجه نحو الشرق الأوسط لتحل محل مجموعة حاملة طائرات أخرى ستغادر المنطقة.
هجوم “مفاجئ”
وكان الهجوم الإيراني في أبريل، الذي شنته بعد ضربة إسرائيلية بالقرب من منشأة دبلوماسية في دمشق، مخططا جيدا، مما أعطى إسرائيل وحلفائها وقتا كافيا للاستعداد.
ويعتقد المسؤولون أن الهجوم هذه المرة قد يكون أكثر فجائية وأكبر حجما وأطول، ربما يستمر لعدة أيام بدلا من عدة ساعات، كما يمكن أن يكون أيضا وابلا منسقا من اتجاهات متعددة، يشمل وكلاء إيرانيين في العراق واليمن وسوريا ولبنان.
طبيعة الهجوم
وعلى مدى الأشهر العشرة الماضية، استخدم مسلحو حزب الله في لبنان طائرات بدون طيار عالية السرعة ومتفجرة تحلق على ارتفاع منخفض لضرب مواقع عسكرية ومنازل خاصة في إسرائيل، متجنبين أنظمة الدفاع الجوي التي تتباهى بها البلاد.
ويقول خبراء الأسلحة إن مثل هذه الطائرات بدون طيار قد تشكل خطرا كبيرا إذا تم إطلاقها بأعداد كبيرة.
كما قد يستخدم حزب الله ذخائر أطول مدى تزعم امتلاكها ولكنها لم تعرضها علنا قط، كما من المرجح أن يكلف صد مثل هذا الهجوم إسرائيل ثمنا باهظا، حيث تبلغ تكلفة اعتراض القبة الحديدية نحو 30 ألف دولار لكل اعتراض؛ وتقدر تكلفة اعتراض صاروخ آرو 3 المصمم لإسقاط الصواريخ الباليستية بنحو 3 ملايين دولار.
وتقدر إسرائيل أن حزب الله سيبدأ الهجوم، وربما يطلق النار باتجاه تل أبيب ويستخدم الصواريخ الموجهة، وفقا ليوئيل جوزانسكي، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والذي يعمل الآن باحثا كبيرا في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب.
وقال إن السيناريو الأسوأ سيكون هجومًا متعدد الجبهات من وكلاء إيرانيين آخرين مصممين “لتحدي حدود أنظمة إسرائيل، والتي يمكن التغلب عليها … والتي تعتمد، كما رأينا في أبريل، على التحالف الإقليمي للعمق الاستراتيجي”.
إسرائيل تحذر
وأبلغت إسرائيل حزب الله وإيران بأن ضرب المراكز السكانية المدنية سيكون خطا أحمر، وسيؤدي إلى رد قوي.
وحذر وزير الدفاع يوآف غالانت في منشور على موقع إكس يوم الخميس: “إذا واصل حزب الله عدوانه، فإن إسرائيل ستحاربه بكل قوتها. من يلعب بالنار يتوقع الدمار”.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية الاثنين بعد لقاء نتنياهو برؤساء المؤسسات الأمنية أن إسرائيل قد تفكر أيضا في شن هجوم استباقي ضد إيران إذا خلصت إلى أن الهجوم وشيك. وقال السياسي الإسرائيلي الكبير: “هذا شيء لم نتوصل إليه بعد، لكن المستقبل لم يأت بعد”.
الثغرات في الدفاعات الإيرانية
من جهة أخرى، تواجه الدفاعات الجوية الإيرانية تحديات كبيرة أيضًا. الرادارات الإيرانية تعاني من ضعف في الكشف عن الطائرات الشبحية الإسرائيلية، بالإضافة إلى الصواريخ المتقدمة.
هناك تقارير تفيد بأن إيران قد تعاني من “مناطق مظلمة” في مجال الرصد، مما يجعلها عرضة للهجمات الجوية المتطورة.
دور روسيا
وأظهرت تقارير غربية أن روسيا بدأت مؤخراً بتزويد إيران بأنظمة صواريخ إسكندر ونظام مورمانسك المتطور.
هذه الخطوة قد تكون لها تداعيات كبيرة على التوازن العسكري في المنطقة، حيث من المتوقع أن تعزز هذه الأنظمة الدفاعية الإيرانية قدراتها على التصدي للهجمات، لكن لا توجد معلومات عن مدى تغطية هذه الأنظمة لكافة المناطق الاستراتيجية في إيران، خاصة مع ضيق الوقت وتصاعد حدة التوتر.