تسعى الهند لتعزيز نموها الصناعي، أملا في أن تسير على الخطوات التي سارت عليها الصين، ثاني أكبر اقتصادات العالم.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” واطلعت عليه سكاي نيوز عربية، فإن الهند، أكبر دول العالم من حيث عدد السكان، لم تستفد من النمو الاقتصادي الذي قادته الصادرات حول العالم، كما استفادت منه جارتها الصينية على مدى العقود الثلاثة الماضية.
إلا أن التقرير أشار إلى أن الهند أصبحت عازمة على اللحاق بجارتها ومنافستها، ولكن بشروطها الخاصة.
وتعمل الهند على تطوير صناعة السيارات المختلفة ذات محركات الاحتراق الداخلي، والسيارات الكهربائية.
وتعد السيارات الكهربائية أحد القطاعات الصناعية الهامة في الهند، إلى جانب صناعة البطاريات المتقدمة والرقائق الدقيقة، التي خصصت لها حكومة رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي مليارات الدولارات من “الحوافز المرتبطة بالإنتاج”.
وفي المقابل، قامت الحكومة الهندية بفرض قيود على الاستثمارات الصينية داخلها.
ثورة إنتاجية بالهند
ذكر تقرير “فاينانشيال تايمز” أنه على الرغم من سعي حكومة مودي لتقييد تدفق الاستثمارات والزوار الصينيين، فإن الشركات الهندية تظل معتمدة بشكل كبير على الواردات الصينية.
وتستخدم السيارات الكهربائية التي تنتجها شركة ماهيندرا الهندية، بطاريات صينية، وذلك على الرغم من براعتها في صناعة البطاريات محليا.
وشركة ماهيندرا هي واحدة من أكبر شركات تصنيع السيارات الكهربائية في الهند.
كما تهيمن السلع الصينية على صناعات أخرى في الهند، من الألواح الشمسية إلى المكونات الصيدلانية النشطة التي تدخل في صناعة الأدوية.
وفي السنة المالية الأخيرة، بلغت واردات الهند من الصين رقما قياسيا بلغ 101.7 مليار دولار، بزيادة 66 بالمئة منذ نفس الفترة قبل سبع سنوات.
وقد حلت الصين الآن محل الولايات المتحدة باعتبارها الشريك التجاري الأول للبلاد.
يقول سوشانت سينغ، المحاضر في دراسات جنوب آسيا في جامعة “ييل”: “لقد خلق الخطاب الصارخ ضد الصين حالة من التناقض بين الرسائل السياسية والمتطلبات الاقتصادية، وهذا التناقض يضع نيودلهي تحت الضغط”.
وأضاف: “في نهاية المطاف، لا يمكن للهند الاستغناء عن العلاقات الاقتصادية الوثيقة مع بكين”.
وأشار التقرير إلى تشكل ردود فعل عنيفة في مجتمع الأعمال بالهند تجاه الاستثمارات الصينية.
ويزعم البعض أن رهاب الصين لدى إدارة مودي يعمل في أغراض متعارضة مع طموحاتها الصناعية في قطاعات مثل الإلكترونيات.
ويقولون إن القواعد الهندية الصارمة تمنع الموردين والفنيين الذين يعملون في شركات، مثل “أبل” الأميركية، من الدخول إلى البلاد بسهولة، ويواجهون عقبات من فترة الانتظار الطويلة للحصول على التأشيرات.
كما أن التكتلات الكبرى من مجموعة Adani إلى Tata Sons من بين أولئك الذين يسعون من أجل الحصول على تأشيرات للعمال الصينيين اللازمين لتركيب وتطوير الآلات أو تصميم المصانع الخاصة بهم.
يقول أحد المديرين التنفيذيين لـ “فاينانشيال تايمز”: “لم تكن هذه الصناعات موجودة في الهند، لذلك يجب أن تأتي الخبرة من مكان ما”.
وتقول نانديتا راجهانسا، الخبيرة الاقتصادية في شركة “مارسيليس إنفستمنت مانجرز” في مومباي، إن فاتورة الواردات المرتفعة في الهند ترجع إلى أن المصنعين في الصين “يمتلكون الكثير من القدرة، ولكن ليس لديهم من يستهلكونه داخل البلاد”، وبالتالي ينعكس ذلك في قدرات تصديرية كبيرة.
“يجب على الشركات الهندية أن تستغل ذلك كفرصة، وتحصل على المواد الخام بأسعار رخيصة حقاً ومن الواضح أنها تستفيد من ذلك بالفعل”، بحسب تعبيرها.
ويأتي تشدد نيودلهي في وقت يتخذ فيه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرهما أيضاً تدابير لبناء المرونة ضد صادرات الصين، خاصة في مجالات مثل الرقائق والمركبات الكهربائية.
ولكن داخل المؤسسة الهندية، تتزايد الشكوك حول حكمة موقف الحكومة المناهض للصين.