وكانت حدة الأمطار والسيول كبيرة في المناطق الواقعة شمال مدينة دنقلا، إضافة إلى مدينة أبو حمد في ولاية نهر النيل والتي تعتبر المركز الرئيسي لأنشطة تعدين الذهب في البلاد، مما أثار مخاوف بيئية كبيرة بسبب اختلاط مياه السيول بمخلفات مواقع التعدين المنتشرة بكثرة هناك وجرفها إلى نهر النيل المصدر الرئيسي لمياه الشرب وري المشاريع الزراعية.

وفي حين لم تصدر بيانات رسمية حتى الآن عن حجم الخسائر، إلا أن ناشطون في المنطقة أشاروا إلى مقتل 10 على الأقل، وإصابة نحو 50 شخصا، بسبب تساقط المباني، أو الغرق في مجرى السيل.

ووفقا لتقديرات أولية فقد فقدت أكثر من 10 آلاف أسرة في مدينة أبو حمد والقرى والمناطق المحيطة بها المأوى في ظل أوضاع إنسانية وصحية بالغة الخطورة، ونقص كبير في المستشفيات والأدوية والمياه الصالحة للشرب.

وقال محمد عثمان وهو من الناشطين الطوعيين في المنطقة إن الآلاف من الأطفال وكبار السن يعيشون في العراء ويتعرضون للدغات الحشرات السامة والناموس ونواقل الأمراض وسط نقص حاد في الخدمات الطبية ووسائل الرعاية الأولية.

وأوضح عثمان في حديث لموقع سكاي نيوز عربية “الوضع مأساوي للغاية والجميع في حالة هلع بعد أن فاجأتهم مياه السيول والأمطار في ظل أوضاع إنسانية واقتصادية سيئة أصلا وفي ظل تحمل المنطقة لضعف طاقتها الاستيعابية من السكان بسبب موجة النزوح الكبيرة إليها من مناطق الحرب خلال الأشهر الماضية”.

 

وحذر خبراء بيئيون من أن يؤدي اختلاط مخلفات التعدين الضارة بالمياه إلى كوارث صحية وبيئية كبيرة في وقت تشهد فيه البلاد هشاشة كبيرة في القطاعات الصحية والبيئية بسبب الحرب المستمرة منذ نحو عام ونصف.

ورأت حنان مدثر، استشاري أنظمة البيئة والمياه والتنمية المستدامة أن منطقة أبو حمد لها خصوصيتها إذ تعتبر واحدة من المناطق التي تشهد أنشطة تعدين كبيرة وتستخدم فيها المواد الضارة بالبيئة بشكل واسع.

وقالت لموقع سكاي نيوز عربية “ما يحدث الآن يفتح الباب أمام كل السيناريوهات خصوصا في ظل الانفلات البيئي في المنطقة الناجم عن انتشار التعدين العشوائي وعدم وجود رقابة عليه”.

 وتضيف “السيول هذه تؤدي إلى جرف المخلفات نحو مجاري المياه والآبار الجوفية التي تستخدم في الشرب وري الزراعة، وما يصاحب ذلك من تلوث بيئي بشكل خطرا حقيقيا على صحة الإنسان”.

ويتزايد الخطر أكثر في ظل تقارير تحدثت عن جرف مياه السيول لكميات ضخمة من مخلفات الذهب المخزنة في مزارع ومنازل ومدارس في العديد من المواقع المحيطة بالمنطقة.

ويتحول 99.9% من الركام المستخلص منه الذهب لنفايات، وعندما تهطل الأمطار وتجرف الوديان مخلفات الزئبق إلى الأنهار تتلوث مياه الشرب والري مباشرة بالزئبق والسيانيد ومخلفات التعدين الأخرى.

وتشير حنان مدثر إلى أنه ووفقا لتوقعات مؤشر الأرصاد الجوي التابع للهيئة المعنية بالتنمية في أفريقيا، فإن السودان قد يشهد أعلى معدلات لسقوط الأمطار هذا العام وقد تفوق الفيضانات التي يمكن ان تنجم عنها تلك التي حدثت في العام 1946.

لكن وفقا لخبيرة البيئة حنان مدثر فإن الوضع في هذا العام ربما يكون أسوأ بسبب النقص الحاد في الخدمات الصحية والبيئية اللازمة للحد من انتشار الأمراض المصاحبة للسيول والفيضانات كالحميات والاسهالات المائية والكوليرا وغيرها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version