وسبق خرق جدار الصوت، الذي حدث في بيروت مرات عديدة بشكل غير مسبوق، الثلاثاء، حالة من الذعر بين السكان الذين تركوا أعمالهم قبل الوقت المحدد لنهاية ساعات العمل، خوفا من الرصاص العشوائي الذي يرافق إطلالة نصر الله في العادة، إلا أن المفاجأة أتت من حالة الذعر التي خلفها الصوت المدوي.

ويعيش اللبنانيون منذ مدة الهلع بسبب شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات وهمية لخرق لجدار الصوت فوق الأراضي اللبنانية.

ويبقى السؤال اليومي الروتيني على لسان اللبنانيين: “هل سمعتم جدار الصوت؟”، بعد تعمد إسرائيل فعل ذلك بشكل متكرر وعنيف.

ويحدث اختراق الصوت دويا قويا مثل الغارة الجوية لكن من دون إلقاء قذائف، ويتسبب برعب السكان ويؤدي إلى ارتجاج المباني تارة، وتارة أخرى إلى تحطيم زجاجها، فيعتقد السكان أن انفجارا وقع قريبا جدا منهم.

ويعد القيام بغارة وهمية أو خرق جدار الصوت نوعا من التدريبات التي تجريها الجيوش لتعليم طياريها كيفية الاشتباك والطيران بسرعات أعلى من سرعة الصوت التي تبلغ نحو 340 مترا في الثانية، وفق حديث خبراء معنيين في هذا المجال لموقع “سكاي نيوز عربية”.

أيام ساخنة

وتأتي هذه الطلعات الجوية وسط مخاوف اللبنانيين من انزلاق بلدهم في مستنقع الحرب الشاملة، في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية بأن “أياما ساخنة” بانتظارهم.

ويقول رجل الأمن المتقاعد مفيد علوان لموقع “سكاي نيوز عربية”: ” تستخدم إسرائيل هذا الإجراء التدريبي كوسيلة ترهيبية لإصدار أصوات مشابهة لصوت القصف، وترافقها موجة ضغط تؤدي في بعض الأحيان، إن كانت الطائرات على علو منخفض، إلى تحطم زجاج الأبنية، أو حتى التسبب بجروح داخلية في الأذنين”.

ويتابع: “يترافق جدار الصوت مع تشكل غيمة دائرية تحيط بالطائرة، وتتكون من الاحتكاك العنيف للطائرة السريعة مع جزيئات الهواء”.

ويضيف: “تسيطر حالة من الهلع على اللبنانيين عند سماعهم دوي أي انفجار أو صوت قوي، حتى باتت المفرقعات النارية في المناسبات ترعبهم، قبل التأكد من أنها للفرح والاحتفال”.

ويقول ربيع المولى، وهو من سكان مدينة النبطية جنوب البلاد، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “بتنا ننتظر خرق جدار الصوت إذا تأخر. أحيانا تخرق إسرائيل جدار الصوت على علو منخفض لأكثر من مرة في اليوم، مما يثير الرعب بين السكان خصوصا الأطفال وكبار السن”.

ويتابع: “لا شك أن الأضرار النفسية بالغة، إلا أن ضرره المادي بات واضحا على معظم البيوت التي تحطم زجاجها وبعضها تصدعت جدرانها”.

وقالت فاتن لموقع “سكاي نيوز عربية”: “هرع طفلي مسرعا من المسبح، واعتقدت أن الحرب وقعت، حيث شعرنا بحالة من الهلع والرعب لشدة الصوت الذي صم آذاننا”.

آثار نفسية

وتقول الأستاذة الباحثة الاجتماعية وديعة الأميوني لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تسبب الطائرات الحربية الإسرائيلية التي تخرق جدار الصوت آثارا نفسية وصحية على اللبنانيين، بما في ذلك الخوف والقلق وزيادة الصدمات خاصة لدى الأطفال وكبار السن، واضطرابات النوم والاكتئاب، وتؤثر سلبا على الجهاز العصبي والبنية الصحية للأفراد”.

وتضيف الأميوني: “يلجأ العدو إلى استخدام هذه التكتيكات خلال الحروب لعدة أسباب منها إرهاب المواطنين ونشر الرعب والخوف بينهم، والتأثير على معنويات المدنيين والمقاتلين وإرادتهم في المواجهة”.

وتختم: “يستخدم الإسرائيلي هذه التكتيكات اعتقادا منه أنها ميزة تخطيطية لإرباك القوات المقاتلة وتشتيت انتباهها عن العمليات العسكرية”.

رأي عسكري

وقال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة الخبير العسكري العميد المتقاعد في الجيش اللبناني هشام جابر لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “عملية خرق جدار الصوت غير مكلفة ماديا، وفيزيائيا تحدث عند تنفيذ عملية طيران تحت سرعة الصوت ثم رفع السرعة فجأة. هذا التغيير الكبير في سرعة الطائرة يخلق تيارا في الهواء يسبب دويا قويا كالغارة الحقيقية، وإذا نفذ على علو منخفض ممكن أن يكسر زجاج الأبنية ومن الممكن أن تنهار بعض الأبنية المتصدعة، وهذا هو الضرر المادي”.

وتابع جابر: “أما الضرر المعنوي فهو كبير ويتمثل بخلق حالة من الرعب بين المواطنين، ويشكل حربا نفسية ضدهم، كما حصل اليوم (الثلاثاء) في بيروت، ومصدره طائرات مقاتلة تحلق على علو منخفض”.

القانون الدولي

قال رئيس مؤسسة “جوستيسيا” في بيروت العميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ البروفيسور بول مرقص، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “لا ينظم القانون الدولي بشكل صريح كسر حاجز الصوت، لكنه يتطرق إلى جوانب متعلقة بذلك من خلال بعض المعاهدات الدولية”.

وأضاف مرقص: “وفقا لاتفاقية شيكاغو، تتمتع الدول بسيادة حصرية على مجالها الجوي، مما يتطلب إذنا للطائرات لا سيما الأسرع من الصوت من قبل الدول الأخرى. وتضع منظمة الطيران المدني الدولي معايير لتقليل الضوضاء والأضرار الصوتية والبيئية، وغالبا ما تقيد الرحلات الجوية الأسرع من الصوت فوق المناطق المأهولة بالسكان بسبب دوي اختراق الصوت”.

وختم: “تضمن معايير السلامة التابعة لمنظمة الطيران المدني الدولي أن تفي الطائرات الأسرع من الصوت بمتطلبات الأداء للتشغيل الآمن. كما أنه في حالة إسرائيل، فإن دخول المجال الجوي هو خرق للسيادة اللبنانية، حتى لو لم يؤد إلى أضرار”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version