ومع تزايد الوعيد من جانب إيران وحزب الله بـ”الثأر” من إسرائيل بعد اغتيال هنية في طهران، وفؤاد شكر في بيروت، برزت تساؤلات بشأن مدى فاعلية منظومة الدفاعات الإسرائيلية للتصدي لهجوم يتوقع مراقبون أن يشمل مئات المُسيرات والصواريخ فائقة الدقة.

وكشف موقع “أكسيوس” أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أبلغ نظراءه من دول مجموعة السبع، بأن هجوما من إيران وحزب الله على إسرائيل قد يبدأ في غضون 24 ساعة.

واعتبر محللون عسكريون ومراقبون أن إسرائيل تستعد لهجوم “متعددة الجبهات” يضع منظومتها الدفاعية تحت وطأة إنهاك كبير، خاصة مع تأكيد على السعي لـ”معاقبة إسرائيل”، فضلا عن مضي أذرعها في التجهيز لعمليات انتقامية.

صواريخ ومسيرات إيرانية

واختبرت المنطقة “رد إيران” في منتصف أبريل الماضي، حين أطلقت وابلا يزيد عن 330 من الصواريخ والمُسيرات، ردًا على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق.

وعلى مدى السنوات الماضية، طورت طهران مجموعة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة في برنامج لطالما أثار قلق الغرب، في حين تشكل الصواريخ جزءا مهما من الترسانة الموجودة حاليا.

من بين منظومة الصواريخ الإيرانية التي قد تصل إلى إسرائيل:

  • “سجيل”: يستطيع قطع أكثر من 17 ألف كيلومتر في الساعة وبمدى يصل إلى 2500 كيلومتر.
  • “خيبر”: مداه بمدى يصل إلى ألفي كيلومتر، وهو مجهز برأس حربي شديد الانفجار يزن 1500 كيلوغرام، في حين تُصعب سرعته الفائقة من القدرة على اعتراضه وتدميره.
  • “الحاج قاسم”: يبلغ مداه 1400 كيلومتر ويحمل اسم قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ويمكن اعتباره أول صاروخ باليستي إيراني تكتيكي يعمل بالوقود الصلب ويمكنه الوصول إلى إسرائيل.

أما المُسيّرات، فقالت طهران إنها طورت في وقت سابق طائرة مسيرة متطورة تسمى “مهاجر-10” يصل مداها إلى ألفي كيلومتر وقادرة على الطيران لمدة تصل إلى 24 ساعة وعلى حمل ما يصل إلى 300 كيلوغرام.

كما استخدمت إيران عددا من الطائرات من دون طيار في هجوم 13 أبريل، من نوع “شاهد 136″ و”شاهد 131” إيرانية الصنع، وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها الحرس الثوري الإيراني تلك المسيّرات الانتحارية بهذا العدد الضخم في هجوم مباشر.

ويختلف النطاق التشغيلي للمسيّرات من طراز “شاهد 136″، لكن إيران تقول إنها قادرة على الطيران لمسافة تصل إلى 2500 كيلومتر ويمكنها التحليق على ارتفاع منخفض لتجنب الرادار.

منظومة الدفاعات الإسرائيلية

وعلى مدار عقد ونصف مضى، حدّثت إسرائيل دفاعاتها الجوية بشكل كبير، حيث أضافت أنظمة جديدة لاعتراض الصواريخ الباليستية التي يتم إطلاقها من مسافة تصل إلى 2400 كيلومتر، إذ يشمل هذا النطاق اليمن وسوريا والعراق، حيث تتمركز الجماعات المتحالفة مع إيران، بالإضافة إلى طهران ذاتها.

من بين الدفاعات الجوية الإسرائيلية الأكثر شهرة:

  • “القبة الحديدية”: اعترضت آلاف الصواريخ منذ العام 2011، ومع ذلك، فإنها مصممة للصواريخ والطائرات بدون طيار ذات المدى القصير، من 4 كيلومترات إلى 70 كيلومترا، لكنها تظل واحدة من مختلف أنظمة الدفاع الصاروخي المتقدمة الموجودة لدى إسرائيل.
  • “مقلاع داود”: جرى تطويره ونشره عام 2017 بهدف اعتراض المقذوفات المتوسطة إلى طويلة المدى، بهدف سد الفجوة بين نظام “القبة الحديدية” وآخر أكثر تطورا يعرف باسم “آرو” (السهم)، حيث صُمّم لكشف وتدمير الصواريخ البالستية وصواريخ كروز، وكذلك الطائرات بدون طيار، على مدى يصل إلى 200 كيلومتر.
  • منظومة “السهم”: يمكنها اعتراض الصواريخ التي يتم إطلاقها من مسافة تصل إلى 2400 كيلومتر، سواء في الغلاف الجوي لكوكب الأرض وحتى خارجه.

من يربح المواجهة؟

قال الباحث البارز في مجال الدفاع والتحليل العسكري بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فابيان هينز، إن الدفاعات الإسرائيلية أثبتت فعاليتها في مواجهة الهجوم الإيراني الكبير في أبريل، لكن مع ذلك، فإن قدرتها على تحمل هجوم واسع النطاق لحزب الله لا تزال غير مؤكدة.

وأوضح هينز في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن حزب الله يتمتع بميزة استراتيجية على إيران في اختراق الدفاعات الإسرائيلية، فنظرًا لقربه الجغرافي، يمكن للجماعة اللبنانية استخدام صواريخ أبسط وأكثر فعالية من حيث التكلفة لاستهداف إسرائيل.

وأشار إلى أن هذه الصواريخ متوفرة بكميات أكبر بكثير من أنظمة إيران بعيدة المدى، مما يسهل التغلب على الدفاعات الإسرائيلية من خلال العدد الهائل الذي سيتم إطلاقه لتعطيل عمل الدفاعات الجوية.

على الجانب الآخر، يرى الباحث المتخصص في التحليل العسكري، أن إيران أحرزت تقدما يهدف إلى التغلب على الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية، بالإعلان عن تطوير صواريخ قادرة على مناورات محدودة للتهرب من الدفاعات الصاروخية خلال المرحلة النهائية.

وفي الآونة الأخيرة، كشفت طهران النقاب عن صاروخ تفوق سرعته “سرعة الصوت”، لكن هينز يعتقد هذه التطورات تبدو مثيرة للإعجاب، إلا أن العديد منها، مثل “فتاح 2” لا يزال قيد التطوير وغير متاح للاستخدام بعد.

وأزاح الحرس الثوري الإيراني الستار أواخر العام الماضي، عن صاروخ “فتاح 2” الفرط صوتي لأول مرة، بيد أنه لم يُعلن عن قدراته، حيث تم الاكتفاء بالإشارة لقدرته على اختراق نظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي.

وفي كل الأحوال، يقول هينز إنه “إذا جعلت إيران وحزب الله هجومهما قويا للغاية، فإنهما يخاطران بنجاح كارثي؛ إذ يمكن أن تؤدي الخسائر الفادحة إلى حرب شاملة”.

“إلهاء القبة الحديدية”

بدوره، يرى الخبير العسكري والاستراتيجي ناجي ملاعب في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “إسرائيل إذا ما استنفرت جميع دفاعاتها الجوية، فإن بمقدورها التعامل مع الصواريخ والمسيرات” خلال الهجوم المنتظر، بمساعدة القطع العسكرية الأميركية التي توافدت إلى المنطقة مؤخرًا، فضلًا عن صواريخ الدفاع الجوي الموجودة في الوحدات البحرية بالبحر الأحمر والمتوسط منذ السابع من أكتوبر.

لكن هذا أيضا مشروط بحجم ونوعية الصواريخ والمسيرات التي ستطلقها إيران وحزب الله، وفق ملاعب، الذي قال إن “الأمر يعود للقدرات الإيرانية ولحزب الله بحيث يتم إلهاء القبة الحديدية بصواريخ الكاتيوشا المتعددة، بما يسمح للمسيرات للوصول إلى أهدافها”.

وأضاف: “مهما كانت إسرائيل في حالة من الجهوزية الدفاعية والهجومية، فمن الممكن أن تتأثر بصواريخ لا تطالها الدفاعات الجوية”.

ولفت الخبير العسكري اللبناني إلى أن الحرس الثوري الإيراني طور صواريخ فرط صوتية خلال السنوات الأخيرة، ويبدو أنها قد تؤثر على قدرة الدفاع الجوي المنتشر بالبحر الأحمر أو إسرائيل، إذ ثبت أن بعض المقذوفات التي أطلقت في أبريل الماضي ضمن عملية “الوعد الصادق” وصلت إلى أهداف داخل إسرائيل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version