واعتبر محللون سياسيون في حديثهم لـ”سكاي نيوز عربية”، أن اغتيال هنية جاء كتحد مباشر لقدرة بزشكيان على الإبحار سريعا في “هذه المياه العكرة”، حيث أنه في الوقت الذي كان يسعى للتعامل “البناء” مع العالم، وتبني سياسة خارجية متوازنة، وجد نفسه أمام مشهد إقليمي صعب، مع توعد بلاده بـ”الثآر” من إسرائيل، ما ينذر بفتح صراع أوسع نطاقا بين طهران وتل أبيب، سيلقي بظلاله على مسيرة الرئيس الإيراني الجديد.

وسبق أن قال بزشكيان، إن طهران ستجعل “المحتلين الإرهابيين يندمون على فعلتهم ، مشددا على أن بلاده “ستدافع عن كرامتها وسلامة أراضيها”.

“توريط” بزشكيان

ووفق تقارير غربية، فإن توقيت اغتيال إسماعيل هنية وقبله القيادي بحزب الله فؤاد شكر، أدى إلى تكثيف الضغط على بزشكيان لتأكيد قوة إيران وإثبات صمود طهران أمام خصومها، إذ يثير هذا الاختبار المبكر أسئلة حاسمة حول قدرات إيران الاستراتيجية ودورها في الموقف بالشرق الأوسط.

وكشفت صحيفة “التلغراف” معلومات جديدة عن عملية اغتيال هنية بقولها إن جهاز الموساد وظّف عملاء أمن إيرانيين لزرع متفجرات في ثلاث غرف منفصلة في المبنى، حيث كان يقيم زعيم حركة حماس.

وقال مسؤول في الحرس الثوري: “هم الآن متأكدون من أن الموساد قام بتوظيف عملاء من وحدة حماية أنصار المهدي”، وهي وحدة تابعة للحرس الثوري مسؤولة عن سلامة كبار المسؤولين.

لكن الصحيفة البريطانية ذهبت أبعد من ذلك، حين نقلت عن مساعد مقرب من بزشكيان قوله إن “الاختراق الأمني ربما كان محاولة متعمدة من قبل الحرس الثوري الإيراني للإضرار بسمعة الرئيس الجديد”، موضحا أن “الحرس الثوري لا يوافق على آراء (بزشكيان) بشأن الدبلوماسية الدولية والجوانب الأخرى لسياسته الإصلاحية”.

ومضى مساعد بزشيكان الذي عمل أيضا في حملته الانتخابية قائلا: “لا يمكن لأي صاحب عقل أن يقبل أن هذا حدث عن طريق الصدفة، خاصة في اليوم الأول لبزشكيان في منصبه… قد يضطر إلى خوض حرب مع إسرائيل في أيامه القليلة الأولى في منصبه، وكل ذلك بسبب الحرس الثوري الإيراني”.

وفي سياق متصل، حذر مسؤولون في فريق بزشيكان من “محاولات إسرائيلية لعرقلة عمل الحكومة الجديدة”، بالنظر لتصاعد التهديدات بالانتقام، مما يفتح بابًا لـ”الرد والرد المضاد” قبل أن تنزلق معها الأوضاع إلى حرب إقليمية مباشرة، طالما حذرت منها أطراف دولية وشرق أوسطية.

الحرب.. وصلاحيات بزشكيان

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، حسين رويران، إن التعامل العسكري ردا على اغتيال هنية في طهران “خارج صلاحيات بزشكيان”؛ باعتبار أن القائد الأعلى للقوات المسلحة هو المرشد الإيراني وليس رئيس الجمهورية.

وشدد رويران في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، على أنه رغم كون الرد خارج نطاق بزشكيان لكن وقوع الحادث في طهران باليوم الأول بعد تنصيبه رئيسا وأداء القسم “كان مفجعا، وأفقده زهوة البداية الإيجابية”.

ورغم ذلك يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران، أن “الحدث ضخم وتحدٍ لإيران بكامل سلطاتها”، ومن ثم “كان واجبا على الرئيس الإيراني أن يتخذ مواقف حازمة، وقام بذلك بالفعل، بيد أن هذه العملية والوضع المتصاعد قد تؤثر على السياسات التي خطط لتنفيذها منذ بداية عهده ممثلة في الانفتاح والحوار مع الغرب”.

واتفق مع ذلك الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، وجدان عبد الرحمن، الذي قال إن “قرار الحرب” ليس بيد الرئيس الإيراني وإنما بيد المرشد وفقا للمادة 110 من الدستور، والتي تمنح المرشد علي خامنئي صلاحيات واسعة في السياسة الخارجية والداخلية.

وفقاً للمادة 110 من الدستور الإيراني، فإن صلاحيات المرشد ترتبط بشكل أساسي بالسياسة الخارجية رسم السياسات العامة لنظام جمهورية إيران بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام، والإشراف على حسن تنفيذ السياسات العامة للنظام.

وقال عبدالرحمن في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “رد إيران واحتمالية الانزلاق لحرب شاملة، وفي ظل حكومة غير مستقرة حتى الآن، سيحدث إرباكا للنظام الإيراني برمته وليس فقط لحكومة بزشكيان”.

“صدمة الرئيس”

وأوضح الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، وجدان عبد الرحمان، أن اغتيال هنية ليس فقط اختبارًا للرئيس الإيراني، وإنما “صدمة كبيرة” فوجئ بها ولم يتوقع حدوثها بهذا الشكل الذي جرى في العاصمة طهران وداخل مقر أمني محصّن، ولضيف جاء إلى البلاد بضمانات أمنية ولمناسبة مهمة.

واعتبر أن تلك الصدمة “أربكت الرئيس بزشكيان في أيامه الأولى”.

ومع ذلك يستبعد “عبدالرحمن” ما ورد بشأن إمكانية أن يكون الحادث مستهدفا للضغط عليه، موضحًا أن بزشكيان صعد للسلطة بموافقة المرشد الإيراني وهذا ما صرح به أكثر من مرة.

وسبق أن أكد بزشيكان بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، أنه “لولا خامنئي لما خرج اسمه فائزًا من صناديق الاقتراع”.

أما المحلل حسين رويران، فيقول إن “سلوك بزشكيان ليس معاديًا للحرس الثوري الإيراني، ففي أيامه الأولى أكد لحسن نصر الله أنه لا تغيير في سياسة دعم إيران، كما التقى بقادة الفصائل الفلسطينية في طهران، وبالتالي يتبنى ذات المبادئ التي رسخها الحرس الثوري”.

وعما إن كان التصعيد الراهن سيعطل مسيرة الرئيس الجديد، أوضح رويران أن خيارات بزشيكان المقبلة ستتحدد وفقًا لطبيعة “الرد والرد المضاد” من إسرائيل خلال الأيام المقبلة.

وأضاف أن: “الآن سترد إيران دون أن تذهب إلى حرب شاملة، لكن هذا يتأثر بشكل كبير ليس بالرد الإيراني ولكن يتوفق على رد الفعل المضاد من إسرائيل، وقد نظل في متوالية الرد والرد المضاد بما يؤدي لتدحرج الأمور لحرب شاملة تطال تداعياتها كافة الملفات”.

 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version