هذه الاستراتيجية الجديدة لحزب الله عبر عنها صراحة الأمين العام للجماعة اللبنانية حسن نصر الله في خطابه، الخميس، حين قال إن “المعركة مع إسرائيل قد دخلت مرحلة جديدة”، مفسرا ذلك بأننا “أمام معركة كبرى تجاوزت فيها المسألة جبهات الإسناد”.

ورفع نصر الله سقف الوعيد إلى مرحلة مختلفة، قائلا إن “إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء، ورد المقاومة على الاعتداء على الضاحية (جنوبي بيروت) واغتيال (القيادي العسكري في حزب الله) فؤاد شكر أمر محسوم”، مضيفًا: “على العدو انتظار ردنا الآتي حتما، ولا نقاش ولا جدل في ذلك، وبيننا الأيام والليالي والميدان”.

أما ما أثار هذا التحول الاستراتيجي لحزب الله والمواجهة برمتها في المنطقة، فهو مقتل شكر بعد غارة إسرائيلية استهدفته في الضاحية الجنوبية لبيروت، وبعدها بأقل من 24 ساعة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية داخل مقر إقامته في طهران.

في المقابل، ردت إسرائيل على تهديد حزب الله بالتأكيد على قدرتها على “التعامل مع التهديدات دفاعيا والرد بقوة في هجوميا”، وفقما قال المتحدث باسم الجيش دانيل هغاري.

كيف سيكون شكل المعركة؟

قال منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات الطوارئ الدولية العميد منير شحادة، إن المواجهة بين حزب الله وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر كانت ضمن “قواعد الاشتباك” على الحدود، بعمق 5 إلى 7 كم من الجهتين.

لكن ما تجاوز هذه القواعد قيام إسرائيل باغتيال القيادي في حماس صالح العاروري بقلب الضاحية الجنوبية قبل أشهر، مما نقل القتال لمرحلة “قواعد الردع” وفق شحادة، الذي أضاف أنه “جرى اختراق قواعد الاشتباك من قبل إسرائيل بتجاوزها إلى داخل معقل حزب الله، مما دفع الحزب إلى تغيير استراتيجية وقصف قاعدة ميرون الاستراتيجية”، على بعد 8.5 كيلومترات من الحدود اللبنانية.

وأوضح شحادة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه بعد اغتيال العاروري بداية العام الجاري ثم قصف القاعدة الإسرائيلية، حدث توازن جديد لقواعد الردع، وظلت الحالة مستمرة بين الجانبين، حتى حدث اختراق جديد
باغتيال شكر، ليعلن بعدها نصر الله الانتقال إلى مرحلة “المعركة الكبرى”.

وبشأن ما تعنيه مرحلة “المعركة الكبرى” المفتوحة، أوضح أنها تتمثل في تغيير محور المقاومة بأكمله لاستراتيجيته بالانتقال لمرحلة أكثر قوة في المواجهة مع إسرائيل، وسيكون ذلك عبر حدثين مهمين متوقعين في الأيام المقبلة، أولهما رد حزب الله على اغتيال شكر، وثانيهما رد إيران على اغتيال هنية، باعتبار أن ذلك حدث في طهران.

وأضاف: “الرد قد يكون متناسقا ومتزامنا في توقيت واحد، لإعطاء تأثير أكبر على إسرائيل، أو منفصلا وعلى فترات”.

لكن في كلا الحالتين، أشار شحادة إلى أن “حجم الرد من المقاومة سيكون غير مسبوق، لم يحدث منذ بداية المعركة وحتى اليوم”، انتظارا لرد فعل إسرائيل التي “إن ردت بعنف فإن ذلك يعني الدخول في مرحلة الرد والرد المضاد، ثم قد تنزلق الأمور إلى حرب شاملة من دون أسقف تتجاوز كافة الخطوط الحمراء”.

هل أدت “جبهة الإسناد” دورها؟

في رأي مدير المنتدى الإقليمي للدراسات والمحلل العسكري اللبناني العميد خالد حمادة، فإن جبهة حزب الله “لم تكن لإسناد غزة، بل استراتيجية إيرانية لإبقاء طهران في المشهد الإقليمي بعد الموقف الذي اتخذته من التنصل من علاقتها بعملية طوفان الأقصى، وبالتالي حاولت أن تحافظ على هذه الاشتباكات لكي تبقي نفسها كأحد اللاعبين المؤثرين في المشهد مما يجعلها شريكة في أي تفاوض مستقبلي”.

وأوضح حمادة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “المعركة التي اندلعت انطلاقا من الجنوب اللبناني لم تتمكن من تخفيف الضغط على غزة، ولم تدفع إسرائيل إلى تغيير استراتيجيتها، بل على العكس ازدادت عدوانية إسرائيل ودمرت قطاع غزة بأكمله”.

وفي خضم التحول إلى مرحلة جديدة ضمن “المعركة الكبرى”، قال الخبير العسكري إن “حزب الله ولبنان برمته سيكون عرضة لظروف صعبة وحرجة في معرض الرد والرد المضاد، لأن التسويات المقبلة بالمنطقة لا يمكن أن تتم بدم بارد، بل قد تكون بحرب أشد مما كنا نتوقعه”.

وأشار إلى أن هذه المرحلة الجديدة تعني أن الجنوب اللبناني سيكون أكثر عرضة لاعتداءات إسرائيلية متكررة حال اتخذت طهران قرارا بالرد بقوتها الذاتية أو بتكليف الأذرع، مضيفا: “الحرب ستكون مفتوحة بلا أي رادع، وهذا ما كان يجب أن يدركه نصر الله قبل بدء معركة الإسناد ذاتها”.

ولفت حمادة إلى أن رد حزب الله وإيران على اغتيال شكر وهنية “بات متوقعا”، لكن في المقابل فالولايات المتحدة تضع أمن إسرائيل فوق كل اعتبار، وستعمل على دعمها عسكريا وسياسيا في هذه المرحلة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version