يستمر سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي بوتيرة سريعة، إذ تتنافس OpenAI مع Anthropic وMeta وGoogle لإنشاء أكبر نموذج، وقد سبقت OpenAI بإطلاق GPT-4، وسارع المنافسون إلى اللحاق بالركب، مع اقتراب بعضهم إلى حد كبير.
وثمة متغير جديد قادم في هذه المعركة، يرتبط بعاصفة وشيكة يمكن أن تجرف المنافسة أو تُنهيها ، وهو GPT-5 من الشركة الرائدة OpenAI.
كانت OpenAI تعمل بجد على أحدث طراز لها، على أمل أن يمثل التحول النموذجي الذي استحوذ على خيال الناس مع إطلاق ChatGPT في العام 2022، وفق تقرير لـ “بيزنس انسايدر” اطلع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” عليه.
وكتب هاميش لو ومحللون آخرون في Enders Analysis في مذكرة بحثية حديثة: “إذا كان بإمكان OpenAI تقديم تكنولوجيا تتوافق مع رؤيتها الطموحة لما يمكن أن يكون عليه الذكاء الاصطناعي، فسيكون ذلك تحويلياً لآفاقها الخاصة، ولكن أيضاً للاقتصاد على نطاق أوسع”.
ويشير التقرير إلى أن المخاطر كبيرة بالنسبة لشركة OpenAI، التي تواجه قائمة متزايدة من المنافسين “الأثرياء” الذين ينفقون أموالاً طائلة.
وأضاف المحللون أن البقاء في طليعة الذكاء الاصطناعي كان مفتاحاً للشركة الناشئة لتبرير نفسها أمام الداعمين التقنيين الكبار الذين تعتمد عليهم.
إلى أي مدى سيكون GPT-5 أفضل؟
من المؤكد أن GPT-5 سيكون أقوى من GPT-4. ولكن هل سيكون ذلك كافياً لتمييز OpenAI – التي تنزف مليارات الدولارات على ما يبدو – عن المجموعة المثيرة للإعجاب بشكل متزايد من نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى المعروضة؟ يشير التقرير إلى أن “بعض العملاء المحتملين لـ GPT-5 ليسوا متأكدين من ذلك”.
يقول الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة Casetext، وهي شركة مساعدة قانونية تعمل بالذكاء الاصطناعي استحوذت عليها شركة تومسون رويترز مؤخراً، جيك هيلر: “لا أعرف ما إذا كان سنشعر بنفس القدر من الضخامة”.
يقوم هيلر بالفعل بنشر GPT-4، جنبًا إلى جنب مع نماذج أخرى متاحة تجارياً، لمساعدة المحامين في عدد من الأمور، من بينها تقييم العقود وأداء عدد لا يحصى من المهام الأخرى التي يقوم بها تقليدياً المحامون الجدد مقابل 500 دولار في الساعة.
وقال هيلر إنه بالنسبة لمهام مثل هذه، فإن الانتقال من GPT-3 إلى GPT-4 كان مثل الانتقال من “المدرسة الابتدائية إلى الجامعة”، وهو تحول هائل يغير قواعد اللعبة. ويتوقع أن يكون GPT-5 أشبه بالانتقال من الجامعة إلى برنامج الدكتوراه”.
مهام متعددة المراحل
إن أكبر أمل لهيلر في GPT-5 هو أن يكون قادراً على “اتخاذ المزيد من الإجراءات الوكيلة”؛ بعبارة أخرى، إكمال المهام التي تنطوي على خطوات معقدة متعددة دون أن يضيع طريقه.
يمكن أن يشمل هذا قراءة مغامرة قانونية، واستشارة القانون ذي الصلة، والإشارة إلى أحكام القضاء، ومقارنتها بالأدلة، ثم صياغة سؤال للإيداع.
أضاف هيلر: “في الوقت الحالي، أود أن أقول إن النماذج ليست ذكية بما فيه الكفاية.. ترى أحياناً أن الأمر يتوقف أو ينحرف في الاتجاه الخاطئ”، حسبما نقلت “بيزنس إنسايدر”.
وإذا كان من الممكن الوثوق في أن GPT-5 سوف ينطلق من تلقاء نفسه ويتخذ قرارات موثوقة حول كيفية التعامل مع المهام متعددة المراحل، فقد ينتقل من استبدال زميل قانوني في السنة الأولى إلى استبدال زميل في السنة الثالثة أو حتى شريك، وهو ما من شأنه أن يجعله أكثر قيمة لشخص مثل هيلر.
نافذة سياق أكبر
قال هيلر إنه يتوقع أن يكون للنموذج الجديد نافذة سياق أكبر بشكل ملحوظ، مما يسمح له بالتعامل مع كتل أكبر من النص في وقت واحد ومقارنة العقود أو المستندات القانونية التي قد يبلغ طولها مئات الصفحات بشكل أفضل.
كما أنه متحمس لإمكانيات GPT-5 المتعددة الوسائط المحتملة – القدرة على العمل مع الصوت والفيديو والنص بالتبادل.
هل يستحق GPT-5 المال؟
يتفق معظم الناس على أن تقنية GPT-5 ستكون أفضل، ولكن هناك سؤال مهم وأقل إثارة حول ما إذا كانت كل هذه القدرات الجديدة تستحق التكلفة الإضافية.
الرئيس التنفيذي لشركة Collective، وهي منصة تعمل بالذكاء الاصطناعي لأصحاب المشاريع المستقلين، هومان رادفار، يقول: “لا أريد القيام بهذا الاستثمار ما لم أشعر براحة حقيقية في أن الاقتصاد سيكون منطقياً..تستخدم Collective الذكاء الاصطناعي لأشياء مثل تصنيف نفقات العمل وتحليل الآثار الضريبية”.
وقال إنه كان يقارن باستمرار أنظمته الداخلية بمنتجات الذكاء الاصطناعي المتاحة تجارياً، ويقرر متى يتم تدريب النماذج داخلياً ومتى يتم شراؤها من على الرف. وقال إنه بالنسبة لعديد من المهام، تفوقت نماذج Collective الخاصة على GPT-4 بنسبة تصل إلى 40 بالمئة.
لكن رادفار متحمس لـ GPT-5، والذي يتوقع أن يتمتع بقدرات استدلال محسنة تسمح له ليس فقط بتوليد الإجابات الصحيحة للأسئلة الصعبة لمستخدميه ولكن أيضًا لشرح كيفية الحصول على هذه الإجابات، وهو تمييز مهم.
مستهدفات OpenAI
خبير تكنولوجيا المعلومات، محمد الحارثي، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن شركة OpenAI تسعى إلى دمج منتجاتها مثل ChatGPT في أنظمة التشغيل المختلفة لتوسيع نطاق استخدامها.
ويشير إلى أن الشركة تسعى لتحقيق أرباح أكبر من خلال تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي متكاملة، وبالتالي هي ماضية في الابتكار والتطوير وطرح منتجات متطورة جديدة بالسوق.
ويتوقع أن ينعكس ذلك بعوائد أكبر على الشركة في الفترة المقبلة، وذلك في خطٍ متوازٍ مع الطفرة التي يشهدها الطلب على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وتركز الشركة بشكل مستمر على تطوير تقنياتها وتوسيع نطاق منتجاتها، ساعية إلى تحسين قدرات الذكاء الاصطناعي من خلال الابتكار المستدام والبحث المتقدم، مما يعزز قدرتها على تقديم حلول متطورة تلبي احتياجات السوق المتغيرة.
طرح منتجات جديدة يعكس التزام الشركة بالاستجابة لتطورات التكنولوجيا وتوقعات المستخدمين، ويعزز من قدرتها التنافسية في السوق. وبالتالي فإن هذا النهج يمكن الشركة من الحفاظ على موقعها الرائد في مجال الذكاء الاصطناعي، ويضمن لها القدرة على التأقلم مع التغيرات السريعة في القطاع، مما يسهم في تأمين مستقبل واعد ومستدام للشركة.
منافسة قوية
وإلى ذلك، يشير استشاري العلوم الادارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K عاصم جلال، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن:
- عالم نماذج اللغات الكبيرة يشهد منافسة شرسة بين عمالقة التكنولوجيا.
- بعد أن سيطر ChatGPT على المشهد لفترة، برز منافسون أقوياء مثل Claude من Anthropic (..)، ونموذج Meta المفتوح المجاني (..).
- هذه القفزات الهائلة في القدرات تُظهر بوضوح أن التنافس لم يعد مقتصراً على OpenAI، بل يشمل لاعبين آخرين يقدمون حلولاً مبتكرة ومفتوحة المصدر.
- هذه المنافسة الحادة تعود بالنفع على المستخدمين النهائيين الذين أصبحوا أمام خيارات متنوعة وأداء أعلى.
- تظهر المنافسة الحالية في مجال نماذج اللغات الكبيرة أهمية النماذج المفتوحة. فبعد أن قدمت Meta نموذجها الضخم مجاناً، أصبح واضحاً أن التعاون والمشاركة المفتوحة هما مفتاح التطور السريع في هذا المجال.
- على الرغم من أن ChatGPT لا يزال لاعباً رئيسياً، إلا أن المنافسة الشديدة تضمن استمرار التحسين والتطوير.
- في النهاية، المستفيد الأكبر من هذه المنافسة هو المستخدم الذي يحصل على أداء أفضل وتكاليف أقل.
ويضيف: “تواجه OpenAI تحديات جديدة بعد مغادرة عدد من علمائها وخبرائها البارزين.. وعلى الرغم من التوقعات بإطلاق ChatGPT 5، إلا أن المنافسة الشديدة من شركات مثل Anthropic وMeta قد تؤثر على قدرة OpenAI على الحفاظ على ريادتها.. ومن المتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة ردود فعل قوية من جميع الأطراف، مما يدفع التطوير في هذا المجال إلى آفاق جديدة”.
تتميز النماذج مفتوحة المصدر بقدرتها على تسريع التطوير والابتكار، حيث يمكن للمطورين من جميع أنحاء العالم الوصول إليها وتعديلها. وهذا بدوره يسهم في خفض التكاليف وزيادة الوصول إلى هذه التقنيات. ومع ذلك، تثير هذه النماذج أيضاً تساؤلات حول الجوانب الأخلاقية والقانونية، مثل خطر التحيز والانتحال.
وفي المستقبل، من المتوقع أن تشهد هذه الصناعة مزيداً من التطور والابتكار، مع ظهور نماذج أكثر قوة ومرونة. ستكون هذه النماذج قادرة على أداء أفضل، وفق جلال.
ما الذي يُنبئ به النموذج الجديد؟
وحول ما يُنبئ به النموذج الجديد المرتقب من OpenAI، يُضيء المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية في كاليفورنيا، أحمد بانافع، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” على عددٍ من العناصر الأساسية، على النحو التالي:
- تسريع التنافس: سيؤدي تسارع وتيرة إصدار المنتجات الجديدة إلى زيادة التنافس في هذا المجال، مما يدفع الشركات الأخرى إلى الاستثمار بشكل أكبر في الذكاء الاصطناعي.
- توسيع نطاق التطبيقات: من المتوقع أن يفتح ذلك آفاقاً جديدة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، مثل الرعاية الصحية والتعليم والتجارة.
- تحديات جديدة تتعلق بالأمان والأخلاقيات، حيث يجب ضمان استخدامه بطريقة مسؤولة.
- تسارع وتيرة إصدار المنتجات الجديدة يعني أننا نشهد تطوراً سريعاً في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يجعل من الصعب التنبؤ بما سيحدث في المستقبل. ومع ذلك، فإن هذا التطور السريع يمثل فرصة كبيرة للشركات والمؤسسات التي تستطيع الاستفادة من هذه التقنيات.
ويضيف: إن تزايد إنفاق شركات التكنولوجيا على الذكاء الاصطناعي هو أمر حتمي، وسيؤدي إلى تغييرات جوهرية في العديد من المجالات. وعلى الرغم من التحديات التي يطرحها، فإن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة كبيرة لتحسين حياة البشرية.