وجاء في تقرير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بعنوان “الحقوق البيئية والتغيرات المناخية والعدالة البيئية والاجتماعية”، أن الآفة، التي اكتشفت لأول مرة في منطقة المهدية الساحلية عام 2021، سرعان ما انتشرت إلى عدة مناطق تشمل القيروان والمنستير وسوسة ونابل.
وقال فوزي زياني الخبير في السياسات الفلاحية: “الحشرة القرمزية هذه تصيب الظلفة (التين الشوكي)، وجدت بداية في المكسيك ثم انتقلت للمغرب سنة 2015، ولتونس سنة 2021 “.
وتمشي سالمة جريدي، وهي من سكان صفاقس في جنوب تونس، بخطوات ثقيلة وهي تتأمل ما زرعته من التين الشوكي والذي قضت عليه الحشرة القرمزية وحولته إلى جذوع جافة ميتة.
وقالت سالمة “كانت شجرة التين الشوكي كبيرة، زرعتها لحماية نفسي من الوادي لأن منزلي على حافة الوادي، جاء هذا المرض ليدمرها، تأثرت كثيرا بذلك، كانت القرية بأكملها تأكل من ثمار الهندي، يأخذون ثمرة واحدة من الهندي ويأكلونها، هذا قضاء الله، حتى الجزء الذي ينمو من جديد يتأثر بهذا المرض”.
نفس المشهد في العديد من مزارع التين الشوكي والصبار التي اجتاحتها الحشرة خلال السنوات الثلاث الماضية في مختلف مناطق تونس.
وذكر زياني أن التين الشوكي يلعب دورا حاسما في الزراعة والاقتصاد في تونس.
ولهذه النباتات بنوعيها الأملس والشائك، والمزروعة على ما يقرب من 600 ألف هكتار، أغراض متعددة فهي أسوار طبيعية وتكافح التآكل وتعد مصدر دخل مهما لآلاف الأشخاص وخاصة النساء اللاتي يحصدن هذه الفاكهة ويبيعونها.
ويقدر زياني أن التين الشوكي مزروع على نحو 12 في المئة من الأراضي الزراعية في تونس مما يجعله يحل في المرتبة الثانية بعد أشجار الزيتون في الثروة الزراعية الوطنية.
وتشكل الحشرة القرمزية تهديدا خطيرا لأنها تمتص العصارة من الأوراق وتؤدي إلى اصفرار النبات وموته في النهاية.
وأطلقت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) مشروعا طارئا في تونس بميزانية 500 ألف دولار لإدخال أساليب المكافحة البيولوجية مثل الخنافس.
كما تعزز وزارة الفلاحة التونسية تدابير المكافحة المستدامة، والتي تشمل تغيير الممارسات الزراعية والتقليم وتنظيف مناطق الإنتاج.
غير أن الخبراء يشددون على ضرورة زيادة وعي المزارعين وإجراء المزيد من الأبحاث على أصناف التين الشوكي التي تتمتع بالمقاومة لإدارة هذه الأزمة بشكل فعال، والتي تفاقمت بسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة.