خاص

وول ستريت – أسهم أميركا

قبل عام مضى، كانت توقعات المستثمرين والخبراء الاستراتيجيين، ترسم صورة قاتمة لأسواق الأسهم في 2024، متنبئة برحلة مليئة بالاضطرابات، في ظل المخاوف من احتمال حدوث تراجع اقتصادي كبير في أميركا وتأخر تخفيض أسعار الفائدة بدرجة لا تكفي لتجنب هذا التراجع.

ولكن الأسواق المالية فاجأت الجميع بأدائها الاستثنائي خلال 2024، متجاوزة التوقعات المتشائمة.

فبدلاً من الانكماش الذي كان يخشاه المستثمرون، سجلت مؤشرات الأسهم ارتفاعات قياسية منذ بداية 2024 وحتى الأسبوع الأول من شهر ديسمبر، حيث حقق مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” 57 إغلاقاً قياسياً، ليرتفع بنحو 27 بالمئة، في حين سجّل مؤشر “داو جونز” 48 مستوى قياسياً جديداً، مرتفعاً بنحو 18 بالمئة، بينما ارتفع مؤشر “ناسداك” المركب بأكثر من 31 بالمئة منذ بداية 2024، بدعم من تحقيقه 36 إغلاقاً قياسياً.

والآن ومع اقتراب 2024 من نهايتها، فإن السؤال الرئيسي الذي يواجه المستثمرين يتمحور حول هوية الأسهم الأكثر والأقل جاذبية في العام الجديد 2025، وهو ما أجاب عنه تقرير أعده محللو “بلومبرغ إنتليجنس”، واطلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، والذي كشف عن قائمة ببعض من الشركات التي يجب وضعها تحت المراقبة خلال 2025 للحصول على معاينة عن الفرص أو المخاطر التي قد تنتج عنها.

وركز محللو “بلومبرغ إنتليجنس” في اختياراتهم، على التأثيرات المحتملة لسياسات الإدارة الأميركية الجديدة والصراعات الجيوسياسية الجارية، والتغيرات السريعة التي تشمل صعود الذكاء الاصطناعي والمركبات الكهربائية، حيث نذكر لكم أدناه قائمة بأبرز الشركات التي دعوا إلى رصدها في 2025:

أسترازينيكا

من المتوقع أن تصدر في أواخر عام 2025 بيانات من التجارب السريرية، لعلاجات جديدة للسرطان وأمراض الجهاز التنفسي من إنتاج أسترازينيكا، مما قد يسلط الضوء على فرص نمو مبيعات الشركة في هذا المجال في حال كانت النتائج إيجابية.

ورغم التوقعات بحدوث تباطؤ محتمل في أعمال أسترازينيكا في الصين بسبب ضعف الاقتصاد، إضافة إلى قضايا التحقيق في الاحتيال التي يواجهها الرئيس السابق للشركة هناك، إلا أن نمو أرباح أسترازينيكا أمر قابل للتحقق في 2025 نظراً للانتشار العالمي الكبير الذي تحققه الشركة وخطها الإنتاجي من الأدوية الجديدة.

شركة ميكرون تكنولوجي إنك 

يبدو أن عام 2025 سيكون واعداً بالنسبة لصانع الرقائق مع تسارع الطلب على رقائق الذاكرة المتطورة عالية النطاق الترددي واستمرار نمو مبيعات المنتجات الأخرى للشركة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يؤدي قيام الشركات المنافسة لميكرون، بتقييد إنتاجها من رقائق الذاكرة منخفضة النطاق الترددي إلى ارتفاع أسعار الرقائق المتطورة، مما يعزز أرباح ميكرون في هذا المجال.

بورشه

تقوم شركة صناعة السيارات الألمانية برفع أسعارها منذ عام 2019، ولا يبدو أن عملاءها الأثرياء يمانعون بذلك، حيث ستساعد زيادة الأسعار في رفع الهوامش التشغيلية للشركة إلى حوالي 18 في المئة خلال عامي 2025-2026، مما يقلّص الفجوة مع شركة فيراري التي تبلغ هوامشها التشغيلية 28 في المئة.

كما أن طرازات بورشه الخمسة الجديدة لعامي 2024 و2025، بما في ذلك سيارة 911 الهجينة والإصدارات المحدثة من باناميرا وكايين، ستتيح للشركة زيادة مبيعاتها ورفع أسعارها بشكل أكبر، في حين أن تراجع الاهتمام بالمركبات الكهربائية الأقل ربحية، من شأنه أن يعزز ربحية بورشه أيضاً.

Colgate

تواجه شركة Colgate تحديات متزايدة لتحقيق أهداف النمو التي وضعتها إدارتها. ورغم تسجيل صانع معجون الأسنان وغيره من المنتجات الاستهلاكية أداءً قوياً في بداية 2024، إلا أن التراجع الكبير في مبيعاته بأميركا الشمالية خلال الربع الثالث، يثير القلق بشأن عام 2025. ومع ذلك، قد تعوض الشركة هذا الانخفاض بفرص نمو طويلة الأمد في قطاع أغذية الحيوانات الأليفة الفاخرة عبر علامتها التجارية Hill’s، والتي وصلت حتى الآن إلى 5 في المئة فقط من السوق المستهدفة في الولايات المتحدة.

نينتندو

مع عدم تحديد موعد لظهور خليفة وحدة التحكم Switch الخاصة بنينتندو في السنة المالية التي تنتهي في مارس المقبل، يبدو أنه من غير المرجح أن تلبي شركة الألعاب التوقعات المتفق عليها لقطاع أجهزتها في السنة المالية 2025، والتي بدأت في أبريل الماضي.

ومع العدد الصغير نسبياً من الألعاب الجديدة في خط إنتاج نينتندو، تشير التوقعات إلى أن الأرباح ستأتي أقل من المتوقع بحوالي 10 في المئة في السنة المالية 2025، في حين ستتراجع المبيعات بنحو 27 في

المئة، وهو ما سيترك الجو المحيط بسهم نينتندو ملبداً بالغيوم في المرحلة المقبلة. كما أن ارتفاع تكاليف التشغيل قبل إطلاق جهاز Switch الجديد، يزيد من مخاطر ربحية الشركة التي باتت تعتمد على الأجهزة والمنتجات القديمة.

مطار شنغهاي

رغم الجهود التي قامت بها بكين لتحفيز الاقتصاد، فإن أرباح مطار شنغهاي من المتوقع أن تكون مخيبة للآمال في 2025، ففي حين تعافت حركة الركاب إلى مستويات ما قبل كوفيد، ومن المرجح أن تحقق مزيداً من الارتفاعات مستقبلاً، إلا أن عائدات الإيجار من متاجر قاعات المطار لم تعد تكفي، فخلال الجائحة، تحول المستهلكون في الصين بعيداً عن عمليات الشراء في المطارات، نحو الشراء عبر الإنترنت وفي المتاجر المحلية. 

UPS

تستعد شركة UPS للشحن لتحقيق نمو قوي في أرباحها في عام 2025 وما بعده بفضل برامج تحسين الإنتاجية وإعادة الهيكلة، ففي سبتمبر الماضي، قامت الشركة بالتخلي عن وحدة السمسرة في الشحن، بينما تساعد الزيادات المستهدفة في الأسعار على رفع الهوامش التشغيلية للشركة مع تحسن الطلب على خدمات الشحن.

كما سيُساهم توسيع عقد الشحن الجوي مع خدمة البريد الأميركية، الذي بدأ في 2024، بتعزيز الأعمال الأساسية لشركة UPS في مجال الطرود.

شركة فوكس

حتى مع تهديد البث المباشر بقلب البث التلفزيوني التقليدي، تستعد فوكس لتحقيق 3.5 مليار دولار من الأرباح التشغيلية للسنة المنتهية في يونيو 2025.

ويعزى هذا إلى المزيج القوي الذي توفّره فوكس والذي يجمع بين القنوات الإخبارية والقنوات الرياضية، مما يعزز مكانتها في التلفزيون التقليدي.

ومع الإنفاق القياسي على الإعلانات السياسية الذي شهدته أميركا مؤخراَ، والترويج لبطولة السوبر بول تمكنت فوكس من جعل مجريات الأمور لصالحها.

ITV

مع ضعف الطلب على المحتوى والإعلانات التلفزيونية، فإن الأرباح التشغيلية لشركة البث المستقلة في المملكة المتحدة معرضة لخطر عدم الوفاء بتوقعات السوق في عام 2025، حيث يبدو أن التقديرات التي تتوقع انتعاش ذراع الاستوديو التابعة لشركة ITV تتجاهل التحديات الموجودة. كما أن الزيادة المؤقتة في مبيعات الإعلانات من بث مباريات بطولة أوروبا لكرة القدم في الصيف الماضي تخلق مستوى مرتفعاً لمقارنات النمو في عام 2025.

طوكيو للطاقة الكهربائية

من المتوقع أن تتسع هوامش أرباح شركة المرافق الكهربائية اليابانية مع تشجيع الحكومة اليابانية لانتاج الطاقة النووية في البلاد، وهو تحول كبير عن الفترة التي توقف فيها إنتاج الطاقة النووية في اليابان عقب الانهيار الجزئي لمفاعل فوكوشيما في عام 2011.

والطاقة النووية هي المصدر الأرخص للطاقة في اليابان، ولكن ما يقرب من نصف قدرة شركة طوكيو للطاقة الكهربائية خرجت عن الخدمة منذ عام 2011، ومن شأن إعادة تشغيل المحطات أن تعزز توقعات الأرباح للشركة.

ما هو اتجاه سوق الأسهم في 2025؟

قال الرئيس العالمي لقسم الأبحاث والتعليم في مجموعة CFI جورج الخوري، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه إذا نظرنا إلى أداء الأسهم الأميركية في عام 2024، نجد أن المكاسب الكبرى والارتفاعات اللافتة كانت من نصيب شركات رأس المال الكبرى، وتحديداً شركات التكنولوجيا المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التي كانت النجم الأبرز، وذلك بفضل الاستثمارات الضخمة التي وُجّهت نحو هذه التكنولوجيا الواعدة.

وأشار إلى أن هذا الزخم قد يستمر في عام 2025، إلا أن التركيز قد يتجه تدريجياً نحو الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، كون مكرر الربحية لهذه الشركات لا يزال واقعياً مقارنةً بالشركات الكبرى التي حققت معدلات نمو أعلى من التوقعات.

وبحسب ما أشار إليه خوري، فإن سوق الأسهم في عام 2025 تواجه مجموعة من التحديات الكبيرة، التي قد تؤثر على أدائها.

ويتمثل التحدي الأول في التوترات التجارية، والتي يُتوقع أن تتصاعد بشكل ملحوظ مع عودة ترامب إلى الرئاسة في الشهر الأول من العام، فمنذ الآن، يُظهر ترامب استعداداً لفرض رسوم جمركية صارمة، على الدول المنافسة لأميركا مثل الصين، بل وحتى على الدول الصديقة مثل كندا، مما يُنذر بمواجهات تجارية قوية قد تُلقي بظلالها على الأسواق.

أما التحدي الثاني، فيتعلق بالتوترات الجيوسياسية، التي ورغم أنها قد تشهد تراجعاً نسبياً خلال عهد ترامب، إلا أن تأثيرها على الأسواق لم يختفِ تماماً، وما زالت تلقي بثقلها على المشهد الاقتصادي، في حين أن التحدي الثالث يرتبط بالابتكار التكنولوجي والانقسام الواضح بين الشركات في تبني الذكاء الاصطناعي، فهناك قسم من الشركات يتجه تدريجياً لتبني الذكاء الاصطناعي في أعماله اليومية، مما يمنحها ميزة تنافسية طويلة الأمد، في حين أن بعض الشركات الأخرى ترفض هذا التوجه وتتبنى سياسة تقليدية تُقصي الذكاء الاصطناعي، وهذه الأخيرة قد تجد نفسها في مأزق كبير، خاصة مع تسارع العالم نحو الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا الحديثة، مما سيُحدث فجوة معلوماتية كبيرة بين الشركات.

ويكشف خوري أن التحدي الأخير الذي يواجه الأسواق في عام 2025، يتمثل في التحديات الخاصة بكل سوق على حدة، فعلى سبيل المثال، تواجه شركة أسترازينيكا تحديات كبيرة في السوق الصينية، أبرزها التباطؤ الاقتصادي في البلاد والتحقيقات في قضايا احتيال متعلقة برئيسها السابق هناك، حيث أنه وللتعامل مع هذا الوضع، تحتاج الشركة إلى استراتيجيات واضحة لمواجهة التراجع المحتمل في تلك السوق.

ويرى خوري أنه عند الحديث عن الفرص المتاحة في عام 2025، يبدو من المنطقي التركيز على القطاعات التي تحمل مخاطرة منخفضة نسبياً، مع تسليط الضوء على الشركات التي تلعب دوراً محورياً في بناء مراكز البيانات (Data Centers) وتطوير الطاقة النووية، وهي مجالات أصبحت ضرورة ملحة في ظل الاستثمارات العالمية المتزايدة في الذكاء الاصطناعي.

وبات من الواضح، بحسب تعبيره، أن الطلب على مراكز البيانات يزداد بشكل كبير في أميركا، خاصة مع شركات مثل مايكروسوفت، إنفيديا، وأمازون، التي تعتمد بشكل أساسي على هذه البنية التحتية لدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تحتاج أيضاً إلى طاقة كبيرة لتشغيلها ما سيدعم الاستثمارات في مجال الطاقة النووية، في حين أن شركة ميكرون تكنولوجي قد تستقطب اهتماماً استثمارياً أكبر مقارنة بإنفيديا في المرحلة القادمة، وذلك نظراً لتركيزها على تطوير البنية التحتية اللازمة لدعم الذكاء الاصطناعي.

ووفقاً لخوري فإنه عند الحديث عن أداء بعض الشركات في عام 2025، يوجد شركات مثل كولغايت ستواجه تحديات واضحة نظراً للمنافسة الشرسة للغاية التي تعاني منها، خصوصاً في أسواق أميركا الشمالية، مما أدى إلى تراجع واضح في مبيعاتها.

أما بالنسبة لشركة بورشه، فالوضع ليس بعيداً جداً عن كولغيات، حيث أن أسهم بورشه تصنف ضمن ما يُعرف بـ Discretionary Stocks، وهي أسهم ترتبط بالرغبات أكثر من الاحتياجات، ومع الوضع الحالي للسوق يبدو أن الطلب على هذا النوع من الشركات قد يتراجع، خاصة مع وضوح التوجه الاستثماري نحو قطاعات أقل مخاطرة وأكثر استقراراً، في حين أن مسار شركة يو بي إس. يمكن أن يشهد تغييراً إيجابياً، إذ أن خطوة إعادة الهيكلة التي تقوم بها تعتبر خطوة استراتيجية مهمة جداً على المدى البعيد.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version