هذا الانفتاح الحذر يأتي على الرغم من تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، ويعكس تبدلاً في الأولويات الغربية تجاه سوريا، وسط الإجماع العربي على ضرورة بدء عملية انتقال سياسي شامل وفق القرار الدولي رقم 2254.

تحولات دولية ومصالح متداخلة

وفقًا للأكاديمي والبرلماني السوري السابق، محمد حبش، فإن هذا الانفتاح الغربي ينبع من إدراك المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه سوريا، خاصة بعد الكوارث التي شهدتها البلاد.

وأكد حبش خلال حديثه لغرفة الأخبار على “سكاي نيوز عربية”: “لا بد أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه سوريا، من خلال تقديم الدعم الإنساني والاقتصادي ودفع القيادة الجديدة لتبني سلوك إيجابي في المرحلة المقبلة”.

وأشار حبش إلى أن على المجتمع الدولي التعاون مع السلطات الجديدة في دمشق، مع الابتعاد عن السرديات القديمة التي تروج لنظريات المؤامرة.

كما شدد على أهمية اتخاذ خطوات فعالة لبناء دولة ديمقراطية تعزز عودة اللاجئين وتنظيم انتخابات حرة.

دور القوى الإقليمية والدولية

من جهة أخرى، يرى الكاتب الصحفي خالد عمر بن ققة أن الانفتاح الغربي على دمشق تقوده مصالح سياسية واقتصادية مشتركة بين الأطراف الكبرى.

وقال بن ققة: “تؤثر الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، على مواقف أوروبا تجاه سوريا، وهناك مؤشرات على إمكانية رفع العقوبات في حال تحقيق تقدم في الأجندات المطروحة”.

كما أشار بن ققة إلى دور تركيا وإسرائيل وروسيا كأطراف أساسية مستفيدة من الوضع الراهن في سوريا، معتبراً أن هناك فجوة بين الأبعاد السياسية والعسكرية للصراع السوري، تتطلب وضوحا وصراحة من الدول العربية لدعم عملية الاستقرار.

من إسطنبول، أكد الكاتب والباحث السياسي علي أسمر أهمية الدور التركي في حل الأزمة السورية.

ولفت إلى نجاح تركيا في إقناع روسيا وإيران بعدم جدوى دعم النظام السوري، مع إبراز قوتها كشريك استراتيجي للولايات المتحدة في محاربة داعش.

وأضاف أسمر: “تركيا تسعى لتحقيق استقرار سياسي في سوريا من خلال تشكيل حكومة شاملة تلبي احتياجات الشعب السوري وتضمن عودة اللاجئين بأمان”.

وأشار إلى أن تركيا تُبرز نفسها كحليف استراتيجي قادر على حماية المصالح الدولية في الشرق الأوسط، ما يجعلها طرفًا لا غنى عنه في مستقبل سوريا.

رؤية أميركية للحل

من واشنطن، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، إن الولايات المتحدة تركز على تشكيل حكومة معتدلة في سوريا تحترم حقوق الإنسان وتسهم في إعادة الإعمار.

وأوضح: “المصلحة الأميركية تكمن في وجود حكومة مسؤولة تجاه شعبها، مع التركيز على حماية قوات سوريا الديمقراطية ومنع عودة داعش”.

وشدد شينكر على ضرورة أن تسعى الحكومة الجديدة في سوريا لكسب رضا المجتمع الدولي من خلال سلوكها المسؤول، وهو ما يشكل أحد الشروط لاستمرار الدعم الغربي.

في ظل الانفتاح الغربي الحذر على دمشق بقيادة هيئة تحرير الشام، يتضح أن المصالح الدولية والإقليمية تتشابك في المشهد السوري المعقد.

وبينما تسعى الدول الكبرى لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، يبقى مستقبل سوريا مرهونًا بقدرة القوى المحلية على الاستجابة لمتطلبات التغيير السياسي والاجتماعي، وإقامة حكومة شاملة تضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version