خاص

موقف للسيارات في مصنع فورد في كولونيا بغرب ألمانيا

تواجه صناعة السيارات العالمية تحديات كبيرة نتيجة لتسارع التحولات التكنولوجية والاقتصادية. فبعد سنوات من الإنفاق الضخم على تطوير السيارات الكهربائية والمركبات ذاتية القيادة، بدأ القطاع في مواجهة ضغوط مالية متزايدة.

يشمل ذلك تباطؤ في الطلب على السيارات الكهربائية، علاوة على ارتفاع تكاليف المواد الأولية، بالإضافة إلى المنافسة الشديدة من الشركات الصينية التي تسرّع وتيرة إنتاجها بأسعار تنافسية.

في هذا السياق، تكافح الشركات الكبرى مثل جنرال موتورز وفورد للحد من التكاليف وتقليص النفقات، فيما تواصل التنافس على السيطرة على أسواق السيارات المستقبلية.

ووفق تقرير لـ “إن بي سي نيوز” اطلع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” عليه، فإن:

  • صناعة السيارات أنفقت بشكل غير مسبوق على السيارات الكهربائية والمركبات ذاتية القيادة لعدة سنوات.
  • والآن، بعد هذا الانغماس الطويل في الإنفاق، بدأت تستفيق من هذه الحالة وتدخل مرحلة التعافي من إدمان الإنفاق.
  • تحاول شركات السيارات من ديترويت إلى اليابان وألمانيا تقليص التكاليف وتقليص النفقات في ظل القلق الاقتصادي، والمليارات التي تم هدرها على المركبات ذاتية القيادة، والعائدات المتأخرة إن لم تكن غير مؤكدة على استثمارات السيارات الكهربائية بسبب بطء تبني هذه التقنيات.
  • تضاف إلى هذه المشاكل تراجع الطلب الاستهلاكي، وارتفاع تكاليف المواد الأولية، بالإضافة إلى تحذيرات بعض المحللين في وول ستريت بشأن قمة مبيعات السيارات وأرباحها عالميًا، في وقت تستمر فيه صناعة السيارات الصينية في التوسع.

شركتا جنرال موتورز وفورد موتور تقومان بتقليص مليارات الدولارات في التكاليف الثابتة، بما في ذلك تسريح آلاف العمال، بينما تتخذ شركات أخرى مثل نيسان وفولكس فاغن وستيلانتيس (مالكة كرايسلر) إجراءات أكثر تطرفًا لتقليص عدد الموظفين وتقليل الإنفاق.

وقال المحلل في مورغان ستانلي آدم جوناس في تقرير للمستثمرين في سبتمبر: “شركات السيارات الغربية تركز بشكل متزايد على كفاءة رأس المال، مما يعني على الأرجح تقليص الإنفاق، والمزيد من التعاون، وإعادة هيكلة محفظة السيارات الكهربائية لتكون أكثر ربحية.”

ويشير التقرير إلى أن:

  • صناعة السيارات تعد شبكة عالمية من الشركات التي تنتج عشرات الآلاف من القطع لتجميع سيارة جديدة، مما يتطلب استثمارات رأس مال ضخمة في كل مرة تطلق فيها شركة سيارات منتجًا جديدًا أو تحدث طرازات حالية، مما يسبب تأثيرًا متسلسلًا في إنفاق سلسلة التوريد العالمية.
  • لكن في السنوات الأخيرة، دخلت شركات السيارات في سباق محموم مع استثمارات ضخمة في السيارات ذاتية القيادة والكهربائية.
  • استثمرت الشركات عشرات المليارات من الدولارات في هذه التقنيات، مع عوائد ضئيلة أو معدومة على المدى القصير إلى المتوسط.

وفقًا لشركة الاستشارات في صناعة السيارات AlixPartners، فقد ارتفعت تكاليف البحث والتطوير والإنفاق الرأسمالي لأكبر 25 شركة سيارات بنسبة 33 بالمئة من حوالي 200 مليار دولار في 2015 إلى 266 مليار دولار في 2023.

وهذه ليست هي المرة الأولى التي تنفق فيها صناعة السيارات الأموال بكثافة ثم تحاول تقليص التكاليف بسرعة. هذه الفترات المماثلة تحدث في الصناعات الدورية مثل صناعة السيارات، ولكن هل كان من الممكن تجنب هذه النفقات أو على الأقل تخفيفها في هذه المرة؟

التقدم والسيطرة

من جانبه، أكد خبير السيارات وعضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، منتصر زيتون، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن:

  • قطاع السيارات العالمي يواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في الصراع على التقدم والسيطرة على الأسواق، خصوصًا مع انتشار السيارات الكهربائية وظهور بعض القضايا المتعلقة بالأمان.
  • هذا الأمر دفع الدول المتنافسة إلى إنشاء معامل متخصصة للبحث والتطوير لمواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة والاستعانة بالخبراء المتخصصين على مستوى العالم.
  • هذا التوجه أسفر عن زيادة تكاليف الصناعة، في وقت يفرض على الشركات تقديم السيارات بأسعار منخفضة من أجل نشر ثقافة السيارات الكهربائية والتنافس مع الصين، بالإضافة إلى تخفيف فاتورة التلوث البيئي التي تتحملها شركات صناعة السيارات.
  • أوروبا تواجه أزمة حادة في صناعة السيارات الكهربائية، نتيجة المنافسة الشرسة مع الشركات الصينية والتطور السريع للتكنولوجيا الحديثة في صناعة السيارات الكهربائية هناك، ما يشكل تحديًا كبيرًا يضغط على أوروبا لمواكبة هذه التطورات.
  • تفاقم الوضع بسبب نقص مكونات الإنتاج نتيجة الحرب في أوكرانيا، حيث كانت أوكرانيا تشكل أحد المصادر الرئيسية لهذه المكونات، مما أدى إلى تقلص سلاسل الإمداد وزيادة تكلفة الشحن، فضلاً عن أزمة الطاقة المستمرة بسبب الصراع في المنطقة.

وأوضح زيتون أن أميركا تواجه نفس المعضلة بسبب توسع الصين في صناعة السيارات الكهربائية وسرعة انتشارها بأسعار تنافسية، الأمر الذي يراه المسؤولون الأميركيون غير عادل. وهذا الوضع أصبح يشكل تهديدًا لصناعة السيارات الأميركية، خاصة في ظل تقليص أجور العاملين في هذا القطاع وما نتج عنه من إضرابات وتسريح لعدد كبير من الموظفين نتيجة تراجع الإنتاج والمبيعات العالمية، بالإضافة إلى تزايد الطلب على السيارات الكهربائية الصينية.

وأضاف: “في هذا السياق، اتجهت الإدارة الأميركية لزيادة الرسوم على المكونات الأساسية الصينية في صناعة السيارات، بسبب المخاوف الأمنية ولتعزيز صناعة السيارات الكهربائية المحلية لمواكبة الطلب العالمي ومنع توغل الصين”.

من جهة أخرى، توجهت بعض الشركات اليابانية إلى دمج بعضها مع بعض في محاولة لمواكبة التطور، خاصة بعد تراجع مبيعاتها. وركّزت هذه الشركات على الابتكار في صناعة السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، سعيًا لتطوير سيارات تعمل بتقنية القيادة الذاتية لمواكبة المنافسة المتزايدة.

سياسات مكلفة

وفي السياق، بحسب تقرير لـ “بيزنس إنسايدر” اطلع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” عليه، فإن:

  • التحول إلى السيارات الكهربائية يضغط على الشركات العالمية الكبرى، حيث لا تزال العديد منها لم تحقق أرباحًا من السيارات التي تعمل بالبطاريات.
  • الطلب على السيارات الكهربائية، وخاصة في السوق الأميركية الحيوية، شهد تباطؤًا كبيرًا هذا العام، حيث أصبح مشترو السيارات الخضراء أكثر حرصًا وواقعية.
  • هذا يشكل مشكلة لشركات السيارات التي تحتاج إلى تبني جماعي لتلك السيارات المكلفة من أجل تحقيق الأرباح.
  • تحاول الشركات المصنعة للسيارات التكيف مع هذه السوق الجديدة للسيارات الكهربائية، من خلال تقليص بعض الإنتاج وتسريع تطوير سيارات هجينة أكثر شعبية.

السيارات الكهربائية

من جانبه، أكد عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، علاء السبع، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن:

  • قطاع السيارات العالمي يواجه تحديات كبيرة، أبرزها ما يرتبط بالسيارات الكهربائية، وزيادة معدلات الإنفاق على البحث والتطوير، فضلاً عن تقنيات القيادة الذاتية.
  • تصاعد الإنفاق على هذه المجالات يمثل تحديًا أمام صناعة السيارات التقليدية في العالم.
  • السيارات الكهربائية ستصبح جزءًا من المستقبل، ولكنها تحتاج إلى وقت طويل قبل أن تحل محل السيارات التقليدية، وذلك بسبب عدة عوامل.
  • من أبرز هذه العوامل هي طبيعة سيكولوجية المستهلك، الذي يفضل السيارات التقليدية القابلة للتحكم المباشر، ما يتطلب وقتًا أطول لتغيير هذه التوجهات.. كما أن البنية التحتية للسيارات الكهربائية لا تزال غير جاهزة بشكل كافٍ في العديد من المناطق.

خفض التكاليف

ومع اقتراب العام 2024 من نهايته، بدأت العديد من الشركات في اللجوء إلى خيارات أكثر دراماتيكية لخفض التكاليف مع استمرار استثماراتها الكبيرة في تكنولوجيا السيارات الكهربائية.

بدأت الشركات الكبرى مثل GM وFord وStellantis في تخفيض وظائفها مع تقليص التكاليف وإعادة تشكيل نماذج أعمالها للمرحلة المقبلة من التحول إلى السيارات الكهربائية، وفق تقرير “بيزنس إنسايدر”.

المغرب يصنع سيارة واحدة كل دقيقة

وفيما يلي قائمة بجميع الشركات التي تخطط لتخفيض وظائف أو التي بدأت تنفيذها في عام 2024:

  • شركة جنرال موتورز أعلنت في أغسطس ونوفمبر عن تسريح حوالي 2000 موظف بسبب تقليص التكاليف وتغير الظروف السوقية. وكان معظم الذين تم تسريحهم في نوفمبر من الموظفين ذوي الوظائف المكتبية.
  • فورد كشفت في نوفمبر عن خطط لتسريح 4000 وظيفة في أوروبا بحلول نهاية عام 2027، مع تركز أكبر التأثير في ألمانيا والمملكة المتحدة بسبب “الخسائر الكبيرة” في تلك الأسواق. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الشركة عن تقليص الإنتاج في مصنعها بكولونيا في الربع الأول من 2025.
  • أعلنت فولكس فاغن في أكتوبر عن خطط لإعادة هيكلة ضخمة قد تشمل إغلاق مصانع وتسريح عشرات الآلاف من الموظفين. الخطط التي لا تزال قيد التدقيق من قبل النقابات الألمانية، تأتي بعد تحذيرين من تراجع الأرباح في غضون ثلاثة أشهر، مع انخفاض مبيعات السيارات الكهربائية في الصين والمنافسة المتزايدة من شركة BYD الصينية.
  • تواجه ستيلانتيس، الشركة المالكة لعلامات مثل كرايسلر وجيب، عامًا صعبًا. في إطار معاناتها مع فائض الإنتاج، قررت الشركة تسريح ما يقرب من 4000 موظف في مصانعها الأميركية، بالإضافة إلى تسريح 400 من الموظفين ذوي الرواتب المرتفعة وتقديم عروض استقالة طوعية لموظفيها.
  • أعلن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لتسلا، في مذكرة في أبريل عن خطط لتسريح أكثر من 10 بالمئة من العاملين في الشركة بعد تراجع المبيعات في الربع الأول من العام. وتأتي هذه الخطوة بعد أن تمكنت تسلا من تجاوز تباطؤ الطلب على السيارات الكهربائية، لكنها بدأت تشعر الآن بتأثير المنافسة المتزايدة في السوق الأميركي.
  • أعلنت شركة نيسان في نوفمبر عن خطط لتسريح 9000 موظف وتقليص الإنتاج بسبب الأداء الضعيف في أسواق السيارات الحيوية في الصين والولايات المتحدة. وتزامن ذلك مع تخفيض الشركة لتوقعات أرباحها التشغيلية لعام 2024 بنسبة 70 بالمئة.

تحديات تواجه صناعة السيارات

يأتي ذلك في وقت يواجه فيه قطاع السيارات عموماً تحديات واسعة، لا سيما مع تفجر المخاوف بشأن تداعيات حرب “الرسوم الجمركية”، ومع توعد الرئيس الأميركي المُنتخب بفرض المزيد من الرسوم فور عودته إلى البيت الأبيض.

وتعهد ترامب، الثلاثاء، بفرض رسوم جمركية كبيرة على كندا والمكسيك والصين مما قوض حالة التفاؤل التي سيطرت على السوق بعد ترشيح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة الأميركية. وارتفع الدولار بينما تراجعت الأسهم العالمية.

وبينما أثارت تلك التهديدات مخاوف أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، مع احتمالات مواجهة الاتحاد الأوروبي المصير نفسه في سياق حرب تجاربة عالمية محتملة، عانت شركات صناعة السيارات الأوروبية لتضغط على جميع مؤشرات الأسهم.

وأنهى المؤشر الأوروبي “ستوكس 600” تعاملات الثلاثاء منخفضاً بنحو 0.57 بالمئة، ليغلق عند مستوى 505.90 نقطة، مع تقييم المتعاملين تصريحات ترامب الأخيرة بخصوص الرسوم الجمركية.

منافسة

من جانبه، أكد خبير قطاع السيارات، جمال عسكر، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن:

  • سوق السيارات العالمية تشهد تنافسًا شديدًا نتيجة النزاعات بين الدول الكبرى في مجال الصناعة.
  • هناك حرب (في القطاع) تدور على جبهتين: الأولى بين أميركا وحلفائها في الناتو، والثانية بين الصين ودول أخرى.
  • الدعم غير المسبوق الذي تقدمه الحكومة الصينية لمصنعي السيارات في البلاد أسهم بشكل كبير في زيادة إنتاج السيارات في الصين، مع وضع أهداف طموحة مدعومة بتسهيلات حكومية.
  • الأزمة تكمن في الدول التي تأخرت بشكل كبير في هذا المجال، أو في الشركات العالمية التي لم تسع بشكل جاد خلال السنوات الأخيرة لتطوير تقنياتها في مجال السيارات الكهربائية أو التكيف مع التطورات التكنولوجية الحديثة.

وأوضح أن عديداً من الشركات الصينية مثل “بي واي دي” قد نجحت في إنتاج عدد كبير من السيارات الكهربائية، وهو ما يعكس التقدم التكنولوجي الكبير في الصين، بالإضافة إلى وجود مهندسين متخصصين على أعلى مستوى من الكفاءة. كما أن ضخ الأموال الكبيرة من قبل الحكومة الصينية ساعد في تعزيز قدرة هذه الشركات على المنافسة عالميًا.

كما شدد على أن السيارات الكهربائية باتت حلمًا يراود معظم دول العالم، في ظل سعيها لتقليص معدلات التلوث والتخفيف من مخاطر الاعتماد على الوقود الأحفوري.

الصين تهيمن على سوق السيارات الكهربائية

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version