خاص

الأمن السيبراني الأمن الإلكتروني الأمن التكنولوجي

تعد الشبكة العنكبوتية ساحة متجددة للتواصل والمعرفة، لكنها أيضاً مسرح متزايد لعمليات الاحتيال الإلكتروني، وذلك في زمن باتت فيه التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

وكبار السن، الذين غالباً ما يجدون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع تقنيات حديثة لم يألفوها، باتوا هدفاً سهلاً لمحتالين يستغلون ضعف خبرتهم الرقمية وسعيهم للاندماج في عالم سريع الإيقاع.

بحسب تقرير لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية، اطلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، فقد بلغت خسائر المستهلكين -في الولايات المتحدة- نتيجة عمليات الاحتيال 10 مليارات دولار في العام 2023، وهو رقم قياسي جديد وفقاً للجنة التجارة الفيدرالية.

وأشارت اللجنة إلى أن هذا الرقم يزيد بمقدار مليار دولار عن خسائر الاحتيال المسجلة في 2022، رغم استقرار عدد التقارير عند نحو 2.6 مليون بلاغ.

ونقلت عن نائب رئيس السياسات العامة والاتصالات ومكافحة الاحتيال في الرابطة الوطنية للمستهلكين، وهي مجموعة تدافع عن حقوق المستهلكين، جون بريو، قوله: “المحتالون باتوا أكثر تطوراً، إذ تحسنت أساليبهم وأدواتهم التكنولوجية، ما يتيح لهم استهداف الضحايا بدقة متزايدة”.

خسائر كبار السن بسبب الاحتيال

  • بلغت خسائر الأفراد البالغين من العمر 60 عاماً أو أكثر 1.9 مليار دولار في العام الماضي، مقارنة بـ1.6 مليار دولار في 2022، بحسب اللجنة.
  • رجحت اللجنة أن تكون الخسائر الفعلية لكبار السن أعلى بكثير، لتصل إلى نحو 62 مليار دولار في 2023، وذلك بسبب عدم الإبلاغ عن كثير من الحالات.
  • يعود ذلك غالبًا إلى شعور الضحايا بالحرج أو اعتقادهم بعدم جدوى الإبلاغ، وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة “غالوب” في 2023.
  • كبار السن كانوا أكثر عرضة بنسبة 60 بالمئة مقارنة بصغار السن لخسائر تفوق 100,000 دولار العام الماضي.
  • هذه الخسائر الفادحة غالبًا ما حدثت عبر عمليات احتيال مثل الرومانسية الزائفة، والاحتيال الاستثماري، وانتحال الشخصيات.

أنماط متكررة للاحتيال

وغالباً ما ينتحل المحتالون شخصيات أقارب، أو ممثلين لشركات تقنية كبرى مثل “مايكروسوفت”، أو مؤسسات مالية وحكومية مثل إدارة الضمان الاجتماعي.

كما أفاد مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بارتفاع كبير في الجرائم الإلكترونية التي تستهدف كبار السن، مشيرًا إلى أن متوسط خسائر الضحية الواحدة من هذه الفئة تجاوز 34,000 دولار في 2023.

وكانت الاحتيالات الاستثمارية، خصوصًا المرتبطة بالعملات المشفرة الوهمية، هي الأكثر خسارة في 2023، حيث بلغت 538 مليون دولار، بزيادة 34 بالمئة عن 2022.

ثلاث إشارات تحذيرية شائعة للاحتيال

وقال بريو إن هناك ثلاث تكتيكات شائعة يستخدمها المحتالون يمكن أن تساعد الأفراد على حماية أنفسهم:

  1. الإلحاح العاطفي: يسعى المحتالون إلى خلق “حالة طارئة عاطفية” تدفع الضحايا لاتخاذ قرارات سريعة دون تفكير. قد يزعمون أن العرض لفترة محدودة، أو أن المنتج أوشك على النفاد، أو أن الدفع الفوري مطلوب لتجنب عواقب سلبية.
  2. العزلة الاجتماعية: يحاول المحتالون منع الضحايا من استشارة أطراف ثالثة. قد يقولون: “لا تخبر أحدًا، هذا استثمار سري”. ينصح الخبراء بطلب رأي صديق أو قريب قبل اتخاذ أي خطوة.
  3. طرق دفع غير اعتيادية: يطلب المحتالون غالبًا الدفع عبر بطاقات هدايا، تحويلات مصرفية، أجهزة صراف بيتكوين، أو تطبيقات مختلفة.

مثل هذه الطرق تفتقر إلى إمكانية استرداد الأموال، لذا يُنصح باستخدام بطاقات الائتمان التي توفر حماية للمستهلكين.

برامج توعية

من جانبها، أكدت خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن:

  • كبار السن يمثلون شريحة حساسة تحتاج إلى مزيد من العناية والتوعية في ما يتعلق بإدارة حساباتهم البنكية وحماية بياناتهم الشخصية.
  • البنوك يجب أن تبذل جهداً إضافياً في توعية كبار السن بشكل خاص من خلال حملات موجهة توضح أهمية سرية المعلومات وضرورة عدم مشاركتها مع الآخرين.
  • من الضرورة بمكان التوسع في توفير برامج شرح مبسط لهم حول كيفية استخدام خدماتهم البنكية بأمان.
  • بعض كبار السن غالباً ما يواجهون مشكلات تتعلق بالنسيان، مثل نسيان الرقم السري للبطاقات البنكية أو أماكن أجهزة الصراف الآلي (ATM). لذا، من الضروري وجود شخص موثوق من الأسرة لمساعدتهم على إدارة أمورهم المالية، مع التأكيد على أهمية اختيار هذا الشخص بعناية لضمان حماية الحسابات من المخاطر.

كما حذرت رمسيس من أن كبار السن هم الفئة الأكثر عرضة للاحتيال في جميع أنحاء العالم، خاصة مع تراجع القدرات الذهنية لدى بعضهم. لذا، ينبغي أن تكون الأسرة على وعي تام بمخاطر الأشخاص المحيطين بكبار السن، مثل العاملين في المنزل أو الممرضين.

واقترحت خبيرة أسواق المال أن يتم التعامل مع كبار السن بطريقة تناسب احتياجاتهم وقدراتهم، مثل تدوين المعلومات الأساسية لهم على الورق لتسهيل الرجوع إليها بدلاً من الاعتماد الكامل على التكنولوجيا، التي قد تكون صعبة الاستخدام بالنسبة لهم. كما طالبت بأن تتبع البنوك سياسة إخطار العميل فور حدوث أي تحركات غير معتادة في الحسابات.

وأشارت إلى أن مسؤولية حماية كبار السن من المخاطر المالية هي مسؤولية مشتركة بين البنوك والأسر، وتشمل كل التعاملات المالية، بما في ذلك التداول في البورصة والعقود الاستثمارية. وشددت على ضرورة تبني استراتيجيات شاملة لضمان أمان وسلامة تعاملاتهم المالية.

إجراءات وقائية

بدوره، قال الخبير الاقتصادي، ياسين أحمد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إنه مع تطور أساليب الاحتيال واستهداف المحتالين للفئات الأكثر ضعفًا، مثل كبار السن، أصبح من الضروري اتخاذ إجراءات وقائية لتجنب الوقوع ضحية لهذه المحاولات.

وأضاف: هناك عدد من النصائح التي يمكن توجيهها لكبار السن تحديداً، على النحو التالي:

  • يجب توخي الحذر الشديد في التعامل مع المكالمات أو الرسائل التي تطلب تفاصيل مثل أرقام الهوية أو الحسابات المصرفية، خاصة من جهات غير معروفة.
  • أي عرض يبدو مغرياً جداً أو يَعِد بأرباح سريعة هو غالباً محاولة للاحتيال. يجب التحقق دائماً من مصدر هذه العروض عبر جهات رسمية أو أشخاص موثوقين.
  • الحذر من الروابط والمكالمات المشبوهة: لا تضغط على روابط في رسائل غير متوقعة، ولا تقدم أي معلومات عبر الهاتف إلا إذا كنت متأكدًا من هوية المتصل.
  • استخدام كلمات مرور قوية وآمنة، والتأكد من أن المواقع التي يتم التعامل معها محمية.
  • من المهم لكبار السن استشارة أحد أفراد العائلة أو شخص موثوق عند تلقي عروض أو طلبات مشبوهة، خاصة المتعلقة بالمال.
  • إذا تعرض الشخص لأي محاولة احتيال، فعليه التواصل مع الجهات المختصة فورًا. الإبلاغ يساعد في حماية المجتمع ككل من هذه التهديدات.

وأضاف: “الحذر والتوعية هما خط الدفاع الأول.. إن تفهم كيفية عمل المحتالين والبقاء على اطلاع بأحدث أساليبهم يمكن أن يُجنب الأفراد الوقوع ضحايا. وأشدد على أهمية عدم التسرع في اتخاذ أي قرارات مالية بدون استشارة أو التحقق من مصدر الطلب”. 

واختتم حديثه قائلاً: “الأمان المالي لكبار السن ليس مسؤوليتهم فقط، بل مسؤولية المجتمع ككل، من خلال تعزيز التوعية والإبلاغ عن أي سلوك مريب”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version