خاص

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب

مع عودة دونالد ترامب إلى الساحة السياسية كرئيس منتخب للولايات المتحدة، تتجه الأنظار إلى التوجهات الجديدة التي ستتبناها إدارته في مواجهة شركات التكنولوجيا الكبرى.

ويُعرف ترامب بمواقفه الصارمة تجاه هذه الشركات، فقد اتهم بعضها في وقت سابق بالتلاعب بحرية التعبير وتعزيز التحيز ضد الأصوات المحافظة.

وتُظهر تعيينات ترامب التي تم الإعلان عنها أخيراً أن المرحلة المقبلة يبدو أنها ستشهد تغييرات جذرية. فقد اختار ترامب، بريندان كار لرئاسة هيئة الاتصالات الفيدرالية، وهي الهيئة المسؤولة عن تنظيم التلفزيون والإذاعة والاتصالات السلكية واللاسلكية والأقمار الصناعية، وخدمات الكابلات في الولايات المتحدة.

وبحسب تقرير لـ “يو إس إيه توداي”، فإنه:

بصفته العضو الجمهوري الأبرز في اللجنة، كان من المتوقع على نطاق واسع أن يتولى كار هذا المنصب.

كذلك وبصفته أحد مؤلفي مشروع “2025”، وهو خطة انتقالية رئاسية مؤلفة من 900 صفحة أصدرتها مؤسسة هيريتج، تتضح رؤيته المستقبلية للوكالة.

ثلاثة أهداف يسعى كار لتحقيقها كرئيس قادم للجنة الاتصالات الفيدرالية تحت إدارة ترامب، تتمثل في (تقليص هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى، ودعم تكنولوجيا ستارلينك، وحظر تيك توك).

تقليص هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى

بعد ساعة واحدة من شكره للرئيس على تعيينه، كتب كار على منصة “إكس” (تويتر سابقًا): “علينا تفكيك كارتيل الرقابة واستعادة حقوق حرية التعبير للمواطنين الأميركيين العاديين”.

يرى كار أن سياسات مراقبة المحتوى التي تعتمدها شركات كبرى مثل فيسبوك وغوغل ويوتيوب تمثل تحيزًا ضد الأصوات المحافظة، حيث إنها تُسهم في إسكاتها وتقليص تأثيرها.

وكان قد أشار في فصل من مشروع 2025 إلى أن الهيئة تلعب دوراً هاماً في مواجهة تهديدات الشركات المسيطرة على السوق للحريات الفردية. وأضاف: “يتجلى هذا الدور بوضوح في مواجهة محاولات شركات التكنولوجيا الكبرى القضاء على التنوع السياسي في المجال الرقمي.”

وعلى مدى السنوات الماضية، قامت بعض هذه الشركات بإزالة مستخدمين من منصاتها بسبب نشر معلومات مضللة أو نظريات مؤامرة أو محتوى يدعو للعنف.

ولتقييد ما يصفه بالتهديدات ضد حرية التعبير، يقترح كار إلغاء المادة 230 من قانون آداب الاتصالات، التي تمنح حصانة لشركات التكنولوجيا بشأن المحتوى الذي ينشئه المستخدمون.

حظر تطبيق تيك توك

في سياق آخر، يؤكد كار في مشروع 2025 أن إدارة ترامب في فترتها الأولى اتخذت موقفاً صارماً تجاه شركات التكنولوجيا الصينية لحماية الولايات المتحدة من الحزب الشيوعي الصيني. ويأمل في زيادة تقييد وصول تلك الشركات للسوق الأميركية.

يدعم كار حظر تطبيق “تيك توك”، زاعماً أنه يمثل تهديداً للأمن القومي، رغم أن الرئيس المنتخب نفسه انضم إلى المنصة في يونيو. وأوضح في المشروع أن التطبيق “يوفر لبكين فرصة لتنفيذ حملة تأثير أجنبي عبر تحديد الأخبار والمعلومات التي تصل إلى ملايين الأميركيين.”

ورغم ذلك، أظهرت تحقيقات من منصة PolitiFact أن هذه الادعاءات غير صحيحة، حيث أكدت تيك توك أن بيانات المستخدمين الأميركيين تُخزن حصريًا في الولايات المتحدة وتتم حمايتها بواسطة فريق أمني مقره داخل البلاد، مما يمنع نقلها للحكومة الصينية.

دعم تكنولوجيا ستارلينك التابعة لإيلون ماسك

يسعى كار إلى دعم مشروع “ستارلينك”، وهو مجموعة أقمار صناعية توفر تغطية إنترنت لأكثر من 100 دولة. ويعد “ستارلينك” شركة فرعية لـ”سبيس إكس” المملوكة لماسك.

في مشروع 2025، دعا كار لجنة الاتصالات إلى تسريع مراجعة واعتماد الأقمار الصناعية التابعة لستارلينك ومشروع “Kuiper” المملوك لشركة أمازون. وقال: “يمكن لهذه الخطوة أن تسرّع بشكل كبير الجهود لإنهاء الفجوة الرقمية وتغيير النظام التنظيمي الحالي للدعم الفيدرالي”.

سياسة ترامب

وعن سياسات ترامب فيما يتعلق بشركات التكنولوجيا عموماً، يقول العضو المنتدب لشركة “آي دي تي” للاستشارات والنظم التكنولوجية، محمد سعيد، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

  • تعامل إدارة دونالد ترامب خلال ولايته الثانية المتوقعة في العام 2025 مع شركات التكنولوجيا سيكون له أهمية أكبر مقارنة بولايته الأولى.
  • وضع شركات التكنولوجيا تغير بشكل كبير خلال السنوات الماضية، إذ أصبحت هذه الشركات لاعباً رئيسياً في الاقتصاد الأميركي والعالمي، خاصة الشركات التي تتصدر رأس المال السوقي مثل “آبل” و”مايكروسوفت” و”إنفيديا”.
  • التطور الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي خلال هذه الفترة كان له أثر واضح في تغيير ملامح القطاع التكنولوجي، ما يجعل هذه الشركات أداة مهمة في الحروب الاقتصادية، خاصة في ظل الحملة التجارية التي قد تشنها إدارة ترامب ضد الصين.

ويضيف سعيد: “شركات التكنولوجيا لعبت دوراً كبيراً في دعم ترامب أثناء حملته الانتخابية، وهو ما يعني أن الإدارة الجديدة ستكون مطالبة برد الجميل لبعض داعميها، مثل إيلون ماسك الذي تولى بالفعل مسؤولية الكفاءة الحكومية.

ومع ذلك، ستظهر انتقائية واضحة في تعامل ترامب مع شركات التكنولوجيا بناءً على مواقفها السابقة، كما رأينا مع شبكة “ميتا” التي حظرته سابقاً، أو بيل غيتس الذي دعم كامالا هاريس بشكل كبير خلال الحملة الانتخابية”.

ويشير إلى أن الحرب التجارية التي قد يخوضها ترامب ضد الصين وأوروبا ستؤدي إلى زيادة تكاليف تشغيل شركات التكنولوجيا بسبب الحواجز التجارية، ما يخلق تحديات جديدة أمام القطاع. وبينما ستدعم إدارة ترامب شركات التكنولوجيا بسبب دورها في الاقتصاد والحروب الاقتصادية، فإنها قد تتخذ مواقف متباينة بين الشركات الداعمة والمعارضة لسياساته.

ويختم سعيد بالقول: “من المؤكد أن إدارة ترامب ستولي اهتماماً كبيراً بقطاع التكنولوجيا باعتباره أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الأميركي، لكن التحديات المتمثلة في الحواجز التجارية والتفرقة بين الشركات قد تشكل عقبات أمام النمو المستدام للقطاع”.

فرص كبيرة للقطاع

يوضح الخبير التكنولوجي محمد الحارثي لموقع اقتصادي سكاي نيوز عربية أن عودة دونالد ترامب إلى الساحة السياسية قد تحمل فرصاً كبيرة لقطاع الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات، مضيفاً أن السياسات المستقبلية لترامب من المرجح أن تقدم امتيازات واضحة لهذا القطاع، خاصة في المشاريع المتعلقة باستكشاف الفضاء، مع التركيز على جهود إيلون ماسك.

ويشير إلى أن هذه السياسات ستشمل تعزيز تطوير التقنيات المتقدمة لاستكشاف الفضاء وزيادة الابتكارات في مجال المركبات ذاتية القيادة. كما يتوقع أن تشهد الولايات المتحدة توسعًا في إنتاج السيارات الكهربائية، إلى جانب تقديم الدعم لهذه الصناعة بما يسهم في زيادة انتشارها عالمياً.

ويضيف: “من المتوقع أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات تهدف إلى استعادة السيطرة على السوق العالمية، وذلك عبر فرض قيود وأعباء إضافية على الاستثمارات في الشركات الصينية، مما يمنح الشركات الأميركية فرصة أكبر للتوسع خارج حدودها”.

وفيما يتعلق بالمنافسة بين قطاع التكنولوجيا الأميركي والصيني، يؤكد الحارثي أن الصين تمثل تهديداً متزايداً لهيمنة الولايات المتحدة في مجال تكنولوجيا المعلومات، مما يجعل المنافسة بين الجانبين أكثر احتداماً.

ويتابع: “إذا ما حصل إيلون ماسك على دور حكومي كبير في إدارة ترامب، فإن ذلك سيشكل دفعة قوية للاستثمارات في التقنيات الذكية وتكنولوجيا المعلومات، ما يعزز مكانة الولايات المتحدة في هذا المجال”، مشدداً على أن المرحلة المقبلة قد تشهد تحولًا كبيرًا في ميزان القوى التكنولوجية، مع التركيز على تعزيز الابتكار الأميركي على المستوى العالمي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version