خاص

إيلون ماسك

اختار الرئيس الأميركي المُنتخب، دونالد ترامب، كلاً من إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي لقيادة مهام “كفاءة الحكومة”، حيث وضع الثنائي في موقع المسؤولية عن جهود موعودة لتقليص القوانين والبيروقراطية والنفقات في جميع قطاعات الحكومة.

وذكر ترامب أن الثنائي سيعمل معه ومع مكتب الإدارة والموازنة حتى 4 يوليو 2026، الذكرى الـ 250 لتوقيع إعلان الاستقلال. ويعكس اختصار الإدارة الجديدة “Doge”، أيضًا اسم عملة مشفرة روج لها ماسك.

وأوضح ترامب في بيان، الثلاثاء، أن المبادرة الاستشارية الجديدة للبيت الأبيض ستقدم “النصح والإرشاد من خارج الحكومة”، ساعية إلى “تفكيك” البيروقراطية، و”تقليص” الأنظمة، و”خفض” النفقات، و”إعادة هيكلة” الوكالات، حسب تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.

يجمع قرار الرئيس المنتخب بين ماسك، قائد شركات تسلا وX وxAI  وسبيس إكس، ورائد التكنولوجيا الحيوية الذي ترشح في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لعام 2024 قبل أن يتخلى عنها ويدعم ترامب.

أصبح ماسك، الذي تتجاوز ثروته الصافية 300 مليار دولار وفقًا لمجلة فوربس، أحد أبرز المؤيدين لترامب خلال الحملة، وظل إلى جانبه منذ الانتخابات، فيما أصدر ترامب مجموعة من الترشيحات والتعيينات والأهداف السياسية الجديدة استعدادًا لفترة ولايته الثانية.

جاء تعيين ماسك وراماسوامي في الوقت الذي واصل فيه ترامب بناء فريق إدارته القادنة، بما في ذلك ترشيح مقدم برامج فوكس نيوز بيت هيجسيث كوزير للدفاع، وعضو الكونغرس السابق من تكساس جون راتكليف ليكون مدير وكالة الاستخبارات المركزية.

  • خلال حملة 2024، أعلن ماسك دعمه العلني لترامب، واستضافه على منصة X، وحشد الدعم له في بنسلفانيا.
  • دعا ماسك في الحملة إلى خفض 2 تريليون دولار، مما يمثل جزءًا كبيرًا من ميزانية عام 2024 البالغة 6.7 تريليون دولار، وأكد أن الانتخابات حاسمة لإزالة القيود التي تعرقل حلمه باستعمار المريخ.
  • وكان دعم ماسك لترامب مفيدًا لشركة تسلا، صانعة السيارات الكهربائية التي يديرها، حيث ارتفع سهمها بنحو 50 بالمئة خلال الشهر الماضي.

ويشير تقرير الصحيفة البريطانية، إلى أن المسؤولين الذين عينهم الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، سعوا إلى تنفيذ أجندات تنظيمية طموحة وسياسات صارمة عبر مجالات مثل مكافحة الاحتكار، والتمويل، والمناخ. وأطلق جاري جينسلر، رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات، مجموعة واسعة من القواعد تشمل الأمن السيبراني، والإفصاحات المناخية، وإصلاحات سوق الأسهم.

كما كثفت لينا خان، رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية، وجوناثان كانتر، رئيس قسم مكافحة الاحتكار بوزارة العدل، جهودهما ضد الممارسات المناهضة للتنافسية في جميع أنحاء الاقتصاد. وقد اقترحت خان أيضًا إجراءات تشمل فرض حظر وطني على اتفاقيات عدم المنافسة.

وقد أسقط بعض قضاة الولايات المتحدة أجزاء من أجندات المنظمين وسط معارضة شديدة من مجتمع الشركات. وقد سعى بعض المشاركين في السوق إلى رفع دعاوى قضائية في محاكم يُعرف عنها أنها أكثر تعاطفًا مع وجهات نظر الشركات.

كما بدأت الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا الأميركية تدريجيًا في تقليص سلطة الوكالات الفيدرالية، حيث أصدرت سلسلة من القرارات في وقت سابق من هذا العام جعلت من الصعب على المنظمين إدخال قواعد جديدة، وحدّت من استخدامهم للمحاكم الداخلية للتنفيذ، وجعلت من السهل على الشركات تحدي الإجراءات القائمة.

رؤية جديدة للحكومة

استشاري العلوم الادارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K عاصم جلال، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن:

  • التحليلات الأخيرة تشير إلى أن خسارة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأخيرة، رغم الميزانية الضخمة التي بلغت مليار دولار والدعم الكبير من شخصيات بارزة في السياسة والفن والإعلام لكاميلا هاريس، ليست مجرد خسارة لشخص أو حزب بعينه. بل إنها انعكاس لرغبة شريحة كبيرة من الأميركيين في تغيير الشكل التقليدي للحكومة الأميركية والتخلص مما يُعرف بـ “الدولة العميقة” أو الثقافة التقليدية في السياسة الأميركية.
  • في هذا السياق، يعتبر الجمهوريون أن تقليص حجم الحكومة وزيادة كفاءتها يمثل أولوية كبرى. فهم يرون أن حكومة أصغر وأكثر فعالية ستعود بالفائدة على الاقتصاد الأميركي والشركات الكبرى.
  • هذه الفلسفة تتماشى مع رؤية الرئيس المنتخب ترامب، التي تركز على تحسين الأداء الحكومي بدلاً من التوسع المفرط الذي قد يؤدي إلى الهدر.

وفيما يتعلق بإيلون ماسك، يضيف جلال: لا يمكن حصر شخصية مثل إيلون ماسك في إطار أعماله مثل تويتر أو تسلا فقط؛ فهو رائد أعمال مبدع قام بإطلاق وإدارة مشاريع ناجحة في مجالات متعددة، مشدداً على أن “ما يثير الانتباه هو أن جزءًا كبيرًا من الانتقادات التي وُجهت لماسك مؤخرًا تعود إلى أسلوبه الإداري الحازم، خصوصًا عندما ترأس تويتر”. في حين أن سياسات العمل الليبرالية السابقة كانت أكثر مرونة، إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة لسنوات. وعندما تولى ماسك المسؤولية، أعاد هيكلة العمل بقبضة حديدية، مما أدى إلى دعاية سلبية واسعة من وسائل الإعلام الليبرالية التي اعتبرت أسلوبه غير متوافق مع منهجياتها.

من هنا، يمكننا أن نتوقع أن ماسك سيعكس نفس الفلسفة في أي دور يلعبه مستقبلاً، سواء في إدارة المؤسسات الحكومية أو في دعم سياسات الرئيس ترامب. أسلوب ماسك الحازم الذي يعتمد على الكفاءة والتقليل من الهدر يمثل جزءًا من فلسفة التغيير الشاملة التي يدفع بها ترامب، بحسب استشاري العلوم الادارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K.

ويستطرد جلال: نتائج الانتخابات تعبر بوضوح عن رغبة الأميركيين في تغييرات جذرية في الأداء الحكومي، سواء من حيث النتائج، الأولويات، أو حتى تخفيف الأعباء على المواطن. وبالتالي، فإن انخراط ماسك في هذا التوجه يعكس رؤية قائمة على تحويل المؤسسات الحكومية إلى كيانات أكثر كفاءة، تستفيد من خبرات الإدارة المستمدة من عالم الأعمال، مما قد يمثل نقلة نوعية لم تشهدها الإدارة الأميركية من قبل.

من استفاد من فوز ترامب؟

دور ماسك في دعم ترامب

تحليل نشرته بلومبيرغ، تطرق إلى دور إيلون ماسك خلال الانتخابات الأميركية الأخيرة، حيث لعب دورًا محوريًا في دعم حملة الرئيس السابق دونالد ترامب وأسهم بشكل كبير في تعزيز قاعدته الشعبية.

في يوم الانتخابات، توجه ماسك، الذي يدير العديد من الشركات مثل تيسلا وسبيس إكس وإكس، إلى فلوريدا لدعم ترامب، حيث دعا عبر بث مباشر على منصة إكس متابعيه لتحفيز أصدقائهم وأفراد عائلاتهم للتصويت لصالح ترامب. ومنذ بداية العام، أضاف ماسك إلى مسؤولياته إنشاء لجنة عمل سياسي خاصة لدعم ترامب، والتي تجاوزت نفقاتها 170 مليون دولار.

في خطوة غير مسبوقة، انتقل ماسك مؤقتًا إلى ولاية بنسلفانيا وأقام فيها تجمعات سياسية وجلسات أسئلة وأجوبة، مقدمًا نفسه كصوت جديد لليمين. وتضمنت خطاباته أحيانًا تعليقات مثيرة للجدل. وقد أظهرت الاستطلاعات أن جهود ماسك أسهمت في إضافة مجموعة جديدة من الناخبين الشباب إلى قاعدة ترامب، وهم في الغالب من الذكور الذين يجدون في ماسك نموذجًا يُحتذى.

وبحسب التحليل، فإنه رغم أن خطاب ماسك كان يتسم أحيانًا بمعلومات مغلوطة عن قضايا الهجرة، إلا أن تأثيره كان واضحًا. فيما يُعتقد بأن ماسك ساهم بمبالغ تتراوح بين 132 إلى 200 مليون دولار لدعم حملة ترامب. ومع إعلان فوز ترامب، ارتفعت قيمة أسهم تيسلا بنسبة 25 بالمئة، مما أدى إلى زيادة ثروة ماسك بمقدار 50 مليار دولار. ومن المتوقع أن يجني مكافآت مالية من علاقته بترامب، حيث وعده الأخير بعقود حكومية سخية، منها عقود للصواريخ لمهمة إلى المريخ ودعم تكنولوجيا تاكسي ماسك الآلية.

لم يقتصر تأثير ماسك على التمويل والدعم المالي فحسب، بل امتد إلى مجال الإعلام السياسي عبر منصة “إكس”. فقد حول ماسك هذه الشبكة الاجتماعية إلى منصة إعلامية يمينية، مشجعة لأنصار ترامب والشباب، مما أدى إلى تراجع شعبيتها لدى فئات أخرى. أظهرت تحليلات أن “إكس” أصبحت المصدر المفضل للأخبار لدى الشباب الذكور بين 18 و29 عامًا، مما يعكس نجاح ماسك في توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لدعم ترامب.

أطلقت لجنة العمل السياسي التابعة لماسك سلسلة من الإعلانات الدعائية التي استهدفت الناخبين الشباب وحذرت من سياسات كامالا هاريس، منافسة ترامب. واستُخدمت في الإعلانات أساليب تحريضية ولغة قوية مثل اتهام هاريس بالرغبة في حظر اللحوم وشاحنات البيك آب. وعلى الرغم من الفوضى التي عانت منها اللجنة من ناحية الإدارة والممارسات العملية، نجحت في توظيف جيش من 2000 موظف عملوا في ولايات رئيسية لتحقيق أهداف الحملة.

رغم هذا الدعم القوي، يبقى التساؤل حول مدى استمرارية هذا التحالف بين ماسك وترامب. يبدو أن الطرفين يقودان ما يشبه علاقة مصالح مؤقتة، خاصة أن ترامب معروف بتغير مواقفه السريع.

وفيما يتعلق بمستقبل ماسك في ظل إدارة ترامب، قد يواجه تحديات جديدة خاصة فيما يتعلق بالقضايا الأمنية والسياسية المتعلقة بتواصله مع قادة دول مثل روسيا وأوكرانيا.

يظهر ماسك كرائد أعمال يلعب دورًا سياسيًا غير تقليدي، مستخدمًا ثروته ونفوذه التكنولوجي في خدمة مصالحه ودعمه لترامب. قد يتحول ماسك، ومعه نخبة أخرى من الأثرياء مثل جيف بيزوس وسام ألتمان، إلى طبقة جديدة من “الأوليغاركية” في الولايات المتحدة، يسعون لاستغلال التحالفات السياسية للحصول على امتيازات مالية وتنظيمية واسعة.

70 مليار دولار مكاسب ماسك من فوز ترامب خلال 6 أيام

قرار جريء

وإلى ذلك، يقول العضو المنتدب لشركة “أي دي تي للاستشارات والنظم”، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع اقتصاد سكاي نيوز عربية، إن اختيار إيلون ماسك وزيرًا في حكومة ترامب يمثل قرارًا شديد الجرأة ومغامرة غير مسبوقة. وأوضح أن ماسك، القادم من خلفية ريادة الأعمال والقطاع الخاص، يتمتع بعقلية جريئة وشفافة يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في إدارة الحكومة الأمريكية، خصوصًا في مجال تقليص العجز في الميزانية الاتحادية.

ويضيف: “الإدارة الحكومية عادة ما تتسم بالروتين والبيروقراطية، وهو ما يُضعف الكفاءة في الإنفاق. وعلى النقيض، فإن خلفية ماسك في القطاع الخاص تمنحه القدرة على مواجهة هذه التحديات بفعالية وسرعة أكبر، مع تقليل الإنفاق غير الضروري”. واعتبر أن تعيين ماسك قد يؤدي إلى طفرات في الأداء المالي إذا تمكن من تطبيق رؤاه الجريئة والإصلاحية، خصوصًا مع الوعد بتقليص العجز بمقدار 2 تريليون دولار، وهو ما سيشكل تحولًا كبيرًا في الأداء الاقتصادي للحكومة الأميركية.

ومع ذلك، يلفت سعيد إلى وجود تحفظات على هذا التعيين، أبرزها تضارب المصالح. وأشار إلى تقارير تفيد بارتفاع ثروة ماسك لتتجاوز الـ 300 مليار دولار بعد إعلان فوز ترامب، ما يثير التساؤلات حول إمكانية تأثير مصالح ماسك الشخصية على دوره كمسؤول. كما يشدد على أن هناك تساؤلات حول قدرة الجهاز الحكومي على التكيف مع الأفكار الجريئة والسريعة التي يتبناها ماسك، وعن احتمالية حدوث صدام بين عقليته الديناميكية وسرعة تنفيذ قراراته، وبين الروتين والبيروقراطية المتجذرة في العمل الحكومي.

ويختتم سعيد تصريحه بالقول إن ترامب يتبنى نهج إدارة الولايات المتحدة كما تُدار الشركات الخاسرة، وهو نهج يعتبره مناسبًا في ظل العجز الكبير والدين الحكومي المتزايد. وشدد على أهمية التغلب على الهدر الكبير في الإنفاق وترشيده، معتبرًا أن هذا النهج يُعد الحل الأمثل لإدارة المرحلة الحالية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version