خاص

كيف يغير الابتكار وجه قطاع الطاقة؟

يعتبر الربط بين قطاعي الطاقة والذكاء الاصطناعي من أهم التحولات التي تشهدها الصناعات الحديثة، حيث تسهم التقنيات المتقدمة في تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتطوير أنظمة طاقة أكثر استدامة.

يعتمد الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات الكبيرة وتطبيق خوارزميات التعلم الآلي لتحسين الأداء في مختلف مجالات الطاقة، بدءًا من توليد الطاقة المتجددة إلى إدارة الشبكات الكهربائية.

من شأن هذه التقنيات المساهمة في تعزيز القدرة على التنبؤ بالطلب على الطاقة، وتقليل الفاقد، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، مما يعكس أهمية الابتكار التكنولوجي في مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية الحالية.

ترابط وثيق

الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لأدنوك ومجموعة شركاتها، أكد على الترابط الوثيق بين قطاعي الطاقة والذكاء الاصطناعي، وذلك في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها في النسخة الأربعين من معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك 2024) الذي ينعقد في الفترة من 4 إلى 7 نوفمبر الجاري.

  • الجابر دعا إلى تعزيز التكامل والتعاون بين قطاعات التكنولوجيا والطاقة والاستثمار للاستفادة من فرص النمو الاقتصادي والاجتماعي التي تتيحها التوجهات العالمية الرئيسية الثلاث، المتمثلة في (نهوض دول الجنوب العالمي والأسواق الناشئة، والمتغيرات والنقلة النوعية في منظُومة الطاقة، والنمو المتسارع في الذكاء الاصطناعي).
  • الاستفادة من الفرص التي تتيحها هذه التوجهات تتطلب تكاملاً غير مسبوق لتسريع النمو المستدام.
  • توجيه الاستثمارات، وتحسين البنية التحتية للطاقة ولشبكات الكهرباء، ووضع سياسات تمكينية.. عوامل أساسية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الإمكانات النوعية للتوجهات الرئيسية. التي تتيحها التوجهات الثلاث، بحسب الجابر.

وأفاد بأن أن عدد سكان كوكب الأرض سيزداد بمقدار 1.7 مليار نسمة بحلول عام 2050، معظمهم في دول الجنوب العالمي، ونتيجة لذلك، تزداد ضرورة نمو وتحول أسواق الطاقة، وإحداث نقلة نوعية في نظم الطاقة، مشيراً إلى أن قدرة طاقة الرياح والطاقة الشمسية ستنمو سبع مرات، وأن الغاز الطبيعي المسال سينمو بنسبة 65 بالمئة، موضحاً بأن استخدام النفط سيستمر كمصدر للوقود وكمادة أساسية لصناعة العديد من المنتجات الضرورية والحيوية، وأن الطلب على الكهرباء سيتضاعف بالتزامن مع تزايد المناطق الحضرية في العالم.

إيني: التراجع الملحوظ في استثمارات النفط والغاز يثير القلق

كما أشار إلى أن: “النمو المتسارع للذكاء الاصطناعي أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب على الطاقة الكهربائية لم يكن أحد ليتوقعها قبل 18 شهراً أي عند انطلاق خدمة ChatGPT”، مشيراً إلى أن كثافة استهلاك الطاقة الناتجة من إدخال أمر واحد إلى ChatGPT تعادل عشرة أضعاف مثيلتها عند إجراء عملية بحث عبر “غوغل”.

ذكاء اصطناعي لطاقة المستقبل

وفي كلمته، أوضح الجابر الترابط الوثيق بين قطاعي الطاقة والذكاء الاصطناعي، مشدداً على ضرورة التعاون والتنسيق للوصول إلى استجابة موحدة تلبي احتياجات الذكاء الاصطناعي المتنامية من الطاقة وتستفيد من الذكاء الاصطناعي لتحقيق نقلة نوعية وتطوير أنظمة الطاقة.

وأشار إلى أن دولة الإمارات، وبفضل الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة، طورت منظومة داعمة لنمو الذكاء الاصطناعي وتحقيق النمو منخفض الكربون، وأوضح أن “أدنوك” تعد من أوائل الشركات التي استثمرت في مجال الذكاء الاصطناعي، مما مكّنها من الاستفادة من إمكاناته في تسريع تنفيذ استراتيجيتها الشاملة، والاستفادة من استثمارها في تقنياته.

ثورة في قطاع الطاقة

من جانبه، يقول المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية في كاليفورنيا، أحمد بانافع، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورةً في قطاع الطاقة، حيث يوفر إمكاناتٍ واسعةً لتحسين الكفاءة، دعم الاستدامة، وخفض التكاليف.

ويتحدث في البداية عن دور الذكاء الاصطناعي في “تعزيز كفاءة الطاقة”، مشدداً على أن:

  • الذكاء الاصطناعي يسهم في تحليل بيانات الشبكات الذكية والتنبؤ بأنماط استهلاك الطاقة، مما يتيح لشركات الكهرباء إدارة الطلب والتوزيع بفعالية، وتقليل الفاقد.
  • كذلك يمكن باستخدام الذكاء الاصطناعي التنبؤ بأعطال المعدات مثل التوربينات والمحطات الكهربائية، مما يساعد في تقليل فترات التوقف غير المتوقعة وزيادة كفاءة التشغيل.
  • كما يسهم الـ AI في توفير رؤى دقيقة حول استهلاك الطاقة في المباني، مما يساعد المستخدمين والشركات على اتخاذ إجراءات فعّالة لتقليل الاستهلاك.

كما يتحدث الأكاديمي المتخصص في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، عن دور تطبيقات الـ AI المختلفة في هذا السياق في “دعم توليد الطاقة المتجددة”، بما يتضمن:

  • التنبؤ الدقيق بالطقس، حيث يعتمد قطاع الطاقة المتجددة على ظروف الطقس، ويتيح الذكاء الاصطناعي تحسين دقة التنبؤات الجوية، مما يسهم في زيادة كفاءة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
  • كما يقوم الذكاء الاصطناعي بتنظيم تدفق الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة وتوزيعها بشكلٍ فعّال، والتكيف مع التغيرات السريعة في مستويات الإنتاج، لضمان توفير الطاقة بشكل مستقر.

ووفق بانافع، فإن الـ AI يؤدي دوراً بارزاً في إدارة الطلب على الطاقة، لا سيما فيما يتعلق بأنظمة إدارة الطاقة المنزلية الذكية، حيث توفر تطبيقات الذكاء الاصطناعي المنزلية القدرة على التحكم في استهلاك الطاقة، مثل تعديل درجات الحرارة بناءً على نمط الحياة وتفضيلات المستخدمين.

علاوة على تحسين أنظمة تخزين الطاقة والاستجابة للطلب، ذلك أن الذكاء الاصطناعي يستخدم لتحسين كفاءة تخزين الطاقة، سواء في البطاريات أو في الشبكات، مما يتيح تلبية الطلب خلال فترات الذروة دون انقطاع.

كما يساعد الذكاء الاصطناعي في إنشاء بنى تحتية ذكية للطاقة تتناسب مع احتياجات المدن الكبرى، مما يعزز من كفاءة استهلاك الطاقة ويقلل من الهدر.

ويوفر الذكاء الاصطناعي في الوقت نفسه حلولًا لتنظيم شحن السيارات الكهربائية وتحديد أفضل الأوقات والأماكن للشحن، مما يسهم في توفير الطاقة اللازمة للتنقل الكهربائي بشكل مستدام.

مستقبل الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة

ويتحدث المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية في كاليفورنيا، في السياق نفسه عن مستقبل الـ AI في هذا القطاع، بما يشمل عدداً من المحاور الرئيسية، وهي:

  • من المتوقع أن تصبح محطات الطاقة المستقبلية مدعومة بأنظمة تشغيل ذاتية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مما يقلل الحاجة للتدخل البشري ويزيد من الكفاءة.
  • يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالأحداث المناخية النادرة كالأعاصير، مما يتيح لشركات الطاقة اتخاذ إجراءات وقائية للحد من التأثيرات.
  • يتيح الذكاء الاصطناعي تحكمًا أفضل في الشبكات الصغيرة للطاقة المتجددة، حيث يمكن للأحياء السكنية إنتاج وتوزيع الطاقة بشكل مستقل بما يتوافق مع احتياجاتها.

غير أن ثمة تحديات أساسية تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة، يأتي في مقدمتها “الأمن السيبراني”، بالنظر إلى أنه  مع زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، تصبح الحاجة إلى حماية الأنظمة من التهديدات السيبرانية ضروريةً لضمان استقرار الشبكات.

ويضيف بانافع إلى ذلك عامل “التكلفة العالية” إذ يتطلب تنفيذ تطبيقات الذكاء الاصطناعي استثماراتٍ كبيرةً في البنية التحتية، بالإضافة إلى توافر بيانات دقيقة وموثوقة. فضلاً عن تحدي “التنظيم والخصوصية”، إذ يعد وضع سياسات تنظيمية وإطار قانوني لجمع واستخدام البيانات أمرًا حيويًا لحماية خصوصية الأفراد وضمان الشفافية.

توظيف القدرات النوعية

وكان الدكتور سلطان الجابر، قد دعا في ختام كلمته الافتتاحية التي ألقاها في النسخة الأربعين من معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك 2024)،  مختلف القطاعات إلى توظيف القدرات النوعية للذكاء الاصطناعي والخبرات المتميزة لقطاع الطاقة، والاستفادة من “أديبك” باعتباره منصة انطلاق نحو العمل وتحقيق نقلة نوعية في القطاع، ودفع التقدم، وتركِ أثر إيجابي.

عوقال: “لقد انطلق قطار التقدم العالمي وهو يتحرك بسرعة كبيرة، وحان الوقت للحاق بالركب. إن القرارات التي نتخذها الآن ستحدد مصيرنا في المستقبل. وهذه لحظة حاسمة ستحدد من سيكون في الريادة ومن سيتخلف عن الركب، لقد كان هذا القطاع على الدوام سباقاً ومبادراً وفي موقع الريادة متى ما طُلِبَ منه ذلك، في كل منعطف تاريخي، بدءاً من الثورة الصناعية، وصولاً إلى العصر الرقمي، كنتم أنتم رواد التقدم، وفي هذه المرحلة التاريخية المفصلية الجديدة، دعونا نُثبت للعالم أننا قادرون أن نكون في موقع الريادة مجدداً”.

دور متزايد

ويلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايد الأهمية في قطاع الطاقة اليوم، وتتوسع تطبيقاته بمرور الوقت مع تطور التكنولوجيا والتحليلات الذكية، وفق أستاذ علم الحاسوب وخبير الذكاء الاصطناعي في السيليكون فالي – كاليفورنيا، الدكتور حسين العُمَري، والذي ي عرب90في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” بعض الاستخدامات الحالية والمستقبلية للذكاء الاصطناعي في هذا القطاع.

الاستخدامات الحالية

  • التنبؤ بإنتاج الطاقة المتجددة: يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الطقس والظروف البيئية للتنبؤ بمستويات إنتاج الطاقة من مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، مما يساعد على إدارة شبكات الكهرباء بكفاءة أكبر.
  • إدارة الشبكات الذكية: يعزز الذكاء الاصطناعي الشبكات الذكية من خلال مراقبة تدفق الطاقة في الوقت الفعلي وتحليل بيانات الاستهلاك لتحديد أنماط الاستخدام المثلى، مما يسهم في تحقيق توازن أفضل بين العرض والطلب.
  • الصيانة الاستباقية للمعدات: تستخدم شركات الطاقة الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات أداء المعدات مثل التوربينات والمولدات، مما يساعد على التنبؤ بالأعطال المحتملة قبل حدوثها، وبالتالي تقليل تكاليف الصيانة وتحسين استمرارية التشغيل.
  • تحسين استهلاك الطاقة في المنازل والمباني: تسهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحسين استهلاك الطاقة في المنازل الذكية والمباني التجارية من خلال مراقبة وتحليل أنماط الاستخدام وضبط أنظمة التدفئة والتبريد والإضاءة تلقائيًا.

الاستخدامات المستقبلية

  • دمج مصادر الطاقة المتجددة على نطاق واسع: من المتوقع أن يدمج الذكاء الاصطناعي في الأنظمة المستقبلية التي تدير مصادر الطاقة المتجددة بفعالية وتطور خطط شاملة للتحكم في تدفق الطاقة من هذه المصادر إلى الشبكات.
  • التنقل الذكي وإدارة المركبات الكهربائية: سيلعب الذكاء الاصطناعي دورًا أساسيًا في تحسين التنقل الذكي، من خلال توجيه المركبات الكهربائية إلى أقرب محطات الشحن والتنبؤ بالاحتياجات المستقبلية للشحن بناءً على أنماط الاستخدام، مما يسهم في رفع كفاءة الشبكات.
  • التخزين الذكي للطاقة: سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير حلول تخزين الطاقة، مثل البطاريات وأنظمة التحليل الحراري، مما يسمح بتخزين الطاقة المتجددة الزائدة واسترجاعها عند الحاجة، مما يعزز الاعتماد على هذه المصادر كبديل للوقود الأحفوري.
  • تحليل البيانات البيئية وتحقيق الاستدامة: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات المتعلقة بتغير المناخ وتأثير الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الطاقة بهدف تطوير حلول مستدامة طويلة الأمد وتقليل الأثر البيئي.
  • إدارة الشبكات اللامركزية وإدارة المجتمعات الذكية: في المستقبل، سيدعم الذكاء الاصطناعي الشبكات اللامركزية (الشبكات الصغيرة)، حيث يمكن لكل حي أو مجتمع محلي إدارة إنتاجه واستهلاكه للطاقة بشكل مستقل. سيساعد الذكاء الاصطناعي في إدارة هذا الإنتاج والاستهلاك بكفاءة داخل الشبكة الأوسع.

وتوضح هذه التطبيقات بعض الجوانب المهمة لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة وتبين كيف يمكن لهذه التكنولوجيا أن تدعم كفاءة الطاقة وتحقق أهداف الاستدامة البيئية في المستقبل.

Rapidan Energy: سياسات الطاقة الأميركية تخضع للعرض والطلب

أخبار الإمارات

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version