وفيما تتزايد توقعات الأسواق باحتمالات خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، فإنه وفقاً لتقرير صادر عن مورغان ستانلي، ستكون هذه “أفضل نتيجة ممكنة للأسهم”.

ولكن هناك تحذير -رصده موقع بيزنس انسايدر في تقرير اطلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”- إذ يتعين خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة أساس ومنع السوق من القلق بشأن النمو الاقتصادي.

وفي مذكرة يوم الاثنين، كتب كبير مسؤولي الاستثمار مايك ويلسون: “في الأمد القريب للغاية، نعتقد بأن أفضل سيناريو للأسهم هذا الأسبوع هو أن يتمكن بنك الاحتياطي الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس دون إثارة مخاوف بشأن النمو أو أي بقايا من عمليات فك ارتباط تجارة الفائدة بالين (أي خفض تأميني بحت) قبل بيانات الاقتصاد الكلي التي من المفترض أن تستقر”.

وفي الأشهر التي سبقت اجتماع السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، أقنعت بيانات العمل المتدهورة المستثمرين بأن الفيدرالي يحتاج إلى البدء في خفض تكاليف الاقتراض لتجنب التباطؤ الاقتصادي.

من وجهة نظر مورغان ستانلي، قد يرغب بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، حيث تشير سوق السندات إلى أن السياسة النقدية متأخرة عن المنحنى: إذا ظلت أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، فإنها تخاطر بتمزيق شيء ما في الاقتصاد.

لكن في الوقت نفسه، أشار بعض المحللين إلى أن الخفض الحاد لأسعار الفائدة قد يكون بمثابة طريقة بنك الاحتياطي الفيدرالي للاعتراف بالمشاكل التي يواجهها الاقتصاد.

قبيل خفض أسعار الفائدة، اقترح مورغان ستانلي أن يزيد المستثمرون من تعرضهم لمجموعتين من الأسهم التي تفوقت تاريخيا في الأداء في بيئات مماثلة: الدفاعية وعالية الجودة.

ويرجع جزء من السبب إلى المخاوف المتزايدة بشأن النمو. ورغم أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 يشير إلى قناعة كبيرة بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يحقق هبوطاً هادئاً ونمواً في الأرباح لكل سهم بنسبة 15 بالمئة بحلول عام 2025، فإن البيانات الداخلية للسوق تظهر قصة مختلفة: حيث يتكدس المستثمرون في الأسهم الدفاعية خوفاً من تباطؤ النمو.

وفي هذا السياق، أشار ويلسون إلى أن الأداء الدفاعي للأسهم الدورية كان الأقوى منذ الركود الأخير. وتشمل الأسهم الدفاعية قطاعات مثل المرافق والسلع الاستهلاكية الأساسية ــ وهي مجموعات أقل اعتماداً على الظروف الاقتصادية الكلية لتحقيق أداء جيد.

وقال مورغان ستانلي “تميل الأسهم الدفاعية إلى التفوق على الأسهم الدورية بشكل مستمر إلى حد ما قبل وبعد الخفض. كما تميل الأسهم ذات القيمة السوقية الكبيرة إلى التفوق على الأسهم ذات القيمة السوقية الصغيرة قبل وبعد أول خفض لأسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي. وتدعم ديناميكيات العاملين الأخيرين تحيزنا الدفاعي وأسواق الأسهم الكبيرة حيث تأتي تخفيضات بنك الاحتياطي الفيدرالي غالبًا في بيئة دورة لاحقة”.

نمو الشركات

من جانبه، قال المدير التنفيذي في شركة VI Markets، أحمد معطي، إن تراجع الفائدة قد يكون له تأثير إيجابي على عدة قطاعات، وتتفوق إيجابياته على بعض التأثيرات السلبية.

على المدى القصير، تستفيد قطاعات التكنولوجيا والعقارات والسيارات بشكل ملحوظ، حيث يزداد الإنفاق الاستهلاكي، مما يعزز من نمو الشركات وزيادة الطلب، كما أن القطاعات المرتبطة بالعقارات مثل الحديد والإسمنت تنتعش بفضل زيادة الاستهلاك.

وأضاف: قطاعا التكنولوجيا والبيع بالتجزئة، سواء التقليدي والإلكتروني، يعدان من بين أكبر المستفيدين من هذا التراجع. فيما تواجه البنوك ضغوطاً سلبية على المدى القصير نتيجة سحب بعض المستثمرين لأموالهم، مما يقلل من السيولة المتاحة.

وأشار معطي إلى أن البنوك تستفيد على المدى الطويل من انخفاض الفائدة، حيث تشجع الشركات على الاقتراض بفائدة منخفضة، مما يعزز النمو الاقتصادي بشكل عام. وتوقع أن يسهم خفض الفيدرالي الأميركي الفائدة خلال العامين المقبلين، في زيادة النمو وتقليل البطالة وتحفيز التوظيف.

خمسة قطاعات

وإلى ذلك، قال رئيس الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، إن المستفيدين من خفض الفائدة أكثر من المتضررين، مشيراً إلى بعض الفئات المستفيدة، على النحو التالي:

  • أولاً، شركات الـ Small Cap، إذ أن الشركات الصغيرة غالباً ما تحمل نسب ديون مرتفعة، وبالتالي فإن أي انخفاض في الفوائد يسهم في خفض تكاليف الاقتراض ويمنحها الفرصة لضخ رأس مال إضافي، مما يؤدي إلى ارتفاع المؤشرات المرتبطة بهذه الشركات.
  • ثانياً، القطاعات المرتبطة بالمستهلك، ذلك أن أي ارتباط بالفوائد يعطي المستهلك قوة شرائية إضافية، وبالتالي تستفيد شركات مثل ماكدونالدز وTJX وغيرها من الشركات التي تعتمد على إنفاق المستهلك.
  • ثالثاً، شركات العقارات والبناء، حيث يشجع انخفاض الفائدة على شراء المنازل وزيادة الاستثمارات في هذا القطاع، مما يمنح الشركات العقارية دفعة قوية.
  • رابعاً، قطاع التكنولوجيا الذي يستفيد من تزايد تقييمات الشركات نتيجة لانخفاض الفوائد، مما يقلل الضغط على الاستثمارات خاصة على المدى القصير والمتوسط.
  • خامساً، الشركات المرتبطة بالسلع، حيث يسهم انخفاض الفائدة في تعزيز قيمة السلع وارتفاع أسعارها.

وأشار يرق إلى أن القطاع المالي هو الأكثر تضرراً، حيث يعتمد بشكل كبير على الفوائد المرتفعة والعوائد المتأتية من الفروقات بين الدائن والمدين. وعند انخفاض الفائدة، تتأثر مداخيل هذا القطاع بشكل ملحوظ.

في المجمل، أكد يرق أن القطاعات المختلفة والشركات بشكل عام تفضل الفوائد المنخفضة، لأنها تدعم النمو، تخفض التكاليف، وتقلل من الأعباء المالية على المدى القصير، المتوسط، والطويل.

القطاع التكنولوجي

من لندن، وقال المدير التنفيذي لمركز كوروم، طارق الرفاعي، إن القطاعات الأكثر تأثراً بخفض الفائدة هي تلك التي شهدت ارتفاعات قياسية خلال السنتين الماضيتين، وعلى رأسها قطاع التكنولوجيا.

وأوضح أنه رغم تلك الارتفاعات، نحن الآن في فترة “راحة” أو تصحيح. والراحة تعني أننا لن نشهد نفس الارتفاعات القياسية، بينما التصحيح قد يعني هبوطًا بنسبة 20 بالمئة أو أكثر.

وأضاف الرفاعي أن من بين القطاعات التي ستستفيد من خفض الفائدة القطاع العقاري، حيث أن التأثير قد لا يكون فوريًا، ولكن خلال العام أو العامين المقبلين، سيشهد هذا القطاع أداءً قويًا. كما ستظهر الشركات العاملة في مجالي النفط والطاقة أداءً جيدًا أيضاً.

لكنه أشار إلى أن خفض الفائدة غالبًا ما يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد، مستشهداً بالتاريخ، حيث أن كل مرة قام البنك الفيدرالي بتخفيض الفائدة على مدار العشرين أو الثلاثين عامًا الماضية، تلتها أزمات مالية  (..) هذه المؤشرات تدل على ضعف الاقتصاد، في حين أن ارتفاع الفائدة يعد دليلاً على قوة الاقتصاد وأداء الشركات بشكل إيجابي، في تقديره.

كيف يؤثر الخفض على الأسواق؟

وفي سياق تأثيرات خفض الفائدة المرتقب على الأسواق، استهل خبير أسواق المال وعضو الاتحاد الدولي للمحللين الفنيين، ريمون نبيل، حديثه بالإشارة إلى أن خفض الفائدة الأميركية سيكون الأول منذ اعتماد السياسة التشديدية التي اتبعها الفيدرالي الأميركي على مدار السنوات الماضية، موضحاً أن استقرار أغلب المؤشرات الاسترشادية خلال الأشهر الثلاثة الماضية يشير إلى أن الاجتماع المقبل سيشهد خفضًا للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وقد يصل إلى 50 نقطة أساس.

هذا الخفض قد يعطي دفعة قصيرة الأجل للأسعار، وخاصة الذهب، الذي يستمر في الارتفاع بشكل ملحوظ منذ بداية سبتمبر ليقترب من مستويات قياسية جديدة.

لكنه أضاف أنه من المتوقع بعد ذلك أن نشهد تصحيحًا في أسعار الذهب بعد الصعود المستمر الذي شهده خلال الشهرين الماضيين، حيث كان قرار الخفض هو المحفز الرئيسي للارتفاع بأكثر من 160 دولارًا.

وأشار إلى أن هناك قطاعات أخرى ستشهد انعكاسًا إيجابيًا، مثل قطاع الأسهم الأميركية، وخاصة الشركات التي تعتمد على التمويل والرهن العقاري. كما سيشهد قطاع الرهن العقاري نشاطًا ملحوظًا بعد تباطؤ استمر خلال عامي 2022 و2023، مما يشير إلى عودة الحركة النشطة في هذا القطاع داخل الولايات المتحدة.

أما بالنسبة لـ “قطاع التكنولوجيا”، فرأى نبيل أنه لن يتأثر بشكل كبير مثل القطاعات العقارية والصناعية والتمويلية، حيث لا يعتمد بشكل كبير على القروض، مما يقلل من تأثير القرار عليه.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version