وفي هذا السياق، نقلت شبكة “سي إن بي سي” الأميركية، عن مدير المحفظة المشارك في شركة مورنينغ ستار لإدارة الاستثمار، نيكولو براجازا، ثلاثة أخطاء استثمارية يجب تجنبها.
أولاً- محاولة التنبؤ بالسوق
قال براجازا إن عديداً من المستثمرين يقضون وقتا طويلا في محاولة التنبؤ بأداء السوق لبقية العام من خلال التنبؤ بمستويات التضخم وحركات أسعار الفائدة والاستجابات المحتملة من جانب البنوك المركزية. وبدلا من ذلك، ينبغي لهم “التركيز على بناء محفظة قوية”.
ونظراً لعدم اليقين المستمر بشأن الاقتصاد الكلي، فإنه يقترح أن يركز المستثمرون على إنشاء محفظة متنوعة قادرة على “الصمود في وجه قوى السوق”.
وقال إن هذا يتضمن استكشاف المخاطر والحساسيات للقطاعات وفئات الأصول المختلفة لإنشاء محفظة دفاعية ومتوازنة، بحسب التقرير الذي اطلع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” عليه.
ثانياً- عدم الاهتمام بالتقييمات
وقال براجازا إن الاهتمام بالتقييمات أمر بالغ الأهمية، لأنها تمنع المستثمرين من شراء القطاعات العصرية التي قد تكون مبالغا في قيمتها.
أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى مثل إنفيديا، أصبحت هذه التكنولوجيا من بين المفضلات لدى المستثمرين على مدار العام الماضي، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى الضجة المحيطة بالذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن مدير المحفظة يتجنب هذه التكنولوجيا.
وأكد أن القطاع كان من بين الأسوأ أداءً على مستوى العالم على أساس ربع سنوي حتى الآن بعد أن تعرضت الأسهم لضربة خلال عمليات بيع التكنولوجيا الأخيرة .
وقال: “التكنولوجيا ليست من أكثر القطاعات الدورية، أو على الأقل ليست من القطاعات الدورية التقليدية مثل العقارات أو القطاع المالي أو الطاقة، وبالتالي فإن عمليات البيع الأخيرة تشير إلى أنها حساسة للغاية للتغير في معنويات السوق (..)لذلك فمن الأفضل تجنب القطاعات – أو الأسهم – مثل هذه التي هي مبالغ في قيمتها”.
ثالثاً- التركيز بشكل كبير على السياسة
كان هذا العام مليئا بالانتخابات، حيث انتخابات في بلدان تتراوح من تايوان والهند إلى المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
غالبا ما يتابع المستثمرون الانتخابات ويحاولون توقع مدى تأثير النتائج على القطاعات، وبالتالي على شركات بعينها. لكن هذا خطأ، وفقا لبراجازا.
وأشار إلى أن “المستثمرين يميلون إلى التفكير في الانتخابات باعتبارها حدثا يحرك السوق”، مضيفا بدلا من ذلك أنها مجرد أحداث تخلق “تقلبات قصيرة الأجل”.
ويقترح على المستثمرين التركيز بدلاً من ذلك على الأساسيات، مثل بنية الاقتصاد، والقطاعات الرئيسية التي حققت أداءً جيدًا بمرور الوقت، والأسهم التي سجلت مكاسب قوية. وأضاف براجازو: “إن اتباع هذا النهج سوف يؤتي ثماره على المدى الطويل”.
أخطاء شائعة بسوق الأسهم
من جانبها، أوضحت خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس أن عديداً من المستثمرين، وخصوصاً المبتدئين، يقعون في مجموعة من الأخطاء الشائعة أثناء الاستثمار في أسواق الأسهم، والتي قد تكلفهم خسائر كبيرة.
وقالت رمسيس إن من أبرز هذه الأخطاء هو “الوقوع في غرام السهم المستثمر فيه”، حيث يصبح المستثمر متمسكاً بسهم معين لدرجة تجعله يتجاهل المعلومات السلبية المتعلقة به، معتقداً أن أداءه سيتحسن رغم كل المؤشرات التي تشير إلى عكس ذلك. وأضافت أن هذا التعلق المفرط قد يؤدي إلى خسائر كبيرة.
وأشارت إلى أن “اتباع الشائعات” هو خطأ شائع آخر، حيث يتأثر بعض المستثمرين بكلام متداول في السوق دون أي أساس علمي أو معلومات موثوقة، مما يدفعهم لاتخاذ قرارات غير مدروسة تؤثر سلباً على استثماراتهم.
ومن الأخطاء التي تطرقت إليها رمسيس أيضاً “عدم بيع الأسهم الرابحة”، حيث يتمسك المستثمرون بأسهمهم حتى بعد تحقيق أرباح، ظناً منهم أن الاحتفاظ بها لفترة أطول سيزيد من أرباحهم. وأوضحت أن هذا التصرف قد يكون مدمراً إذا ما انخفضت قيمة الأسهم بشكل كبير بعد ذلك.
وأوضحت خبيرة أسواق المال أن “الاستثمارات السريعة والترندات” قد تكون محفوفة بالمخاطر، مشددة على أن التداول في نطاقات سعرية ضيقة يمكن أن يزيد من التكاليف ويقلل من الأرباح.
وأخيراً، حذرت من “الاستثمار في أنواع قليلة جداً من الأسهم”، مشيرة إلى أن هذا النهج قد يضع المستثمر في موقف حرج عند الحاجة إلى سيولة، مما قد يجبره على بيع الأسهم بخسارة. وأكدت أن البعض يلجأ إلى الاقتراض لزيادة استثماراته، مما يزيد من مخاطر التعرض للخسائر في حال تغيرت الظروف السوقية.
واختتمت رمسيس حديثها بالقول إن الاستثمار دائماً ما يكون مليئاً بالمخاطر، ورؤوس الأموال تميل للحذر. ورغم تعدد أخطاء المستثمرين، إلا أن البعض يتعلم من تجاربه ويتطور مع مرور الوقت.
تحديات مختلفة
وإلى ذلك، أكد مدير مركز رؤية للدراسات، بلال شعيب، أن المستثمرين يواجهون عديداً من التحديات التي قد تؤدي إلى ارتكاب أخطاء جوهرية أثناء اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، مشيراً إلى أن أبرز هذه الأخطاء ترتبط بعدم التخطيط السليم ونقص الخبرة.
وقال إن أحد أهم الأخطاء التي يقع فيها المستثمرون هو ما يتعلق بـ “عدم وجود دراسة جدوى اقتصادية للمشروع”، إذ تعد هذه الدراسة أساساً للتعرف إلى المدى الزمني لتنفيذ المشروع، وتحديد التكاليف الاستثمارية المطلوبة، بالإضافة إلى استراتيجيات التسويق ومصادر التمويل. وأضاف أن غياب دراسة الجدوى يضع المشروع في موقف ضعيف منذ البداية.
وأشار إلى أن “اختيار المرحلة التي يمر بها المشروع” يعتبر من العوامل الحاسمة في نجاح الاستثمار، موضحاً أن الدخول في صناعة تمر بمرحلة الانحدار، مثل صناعة الكبريت أو هواتف نوكيا، قد يؤدي إلى فشل المشروع. بينما تكون مرحلة النضوج في أي صناعة هي الأنسب للاستثمار نظراً لانخفاض المخاطر فيها مقارنة بمرحلة النمو التي تتسم بمستويات أعلى من المخاطرة.
وشدد على أن “خبرة صاحب المشروع” تلعب دوراً محورياً في نجاح الاستثمار، ذلك أن الخبرة تساعد في تحديد موقع المشروع واختيار الشركاء والمساهمين، بالإضافة إلى تأمين مصادر التمويل المناسبة وتسويق المنتج بشكل فعال. وأكد أن نقص الخبرة يعد من أبرز الأخطاء التي يمكن أن تواجه المستثمرين.
وفيما يتعلق بـ”التمويل”، أكد شعيب أن عديداً من المشروعات تعتمد بشكل كبير على الموارد الذاتية دون وضع رؤية واضحة لكيفية استثمار التمويل أو إدارة الاقتراض. وأشار إلى أن هذا الخطأ يمكن أن يؤثر بشكل كبير على قدرة المشروع على الإنجاز، خاصة في المجتمعات ذات الاقتصادات الناشئة والتي تتسم بتغيرات اقتصادية سريعة، مثل تقلبات أسعار الصرف. لذلك شدد شعيب على أهمية وضع جدول زمني محدد ورؤية اقتصادية واضحة للممولين، سواء كانوا من حقوق الملكية أو البنوك.