وانتقل عشرات الآلاف من الإسرائيليين في الشمال للإقامة في فنادق في أعقاب الهجمات الصاروخية اليومية التي تشنها جماعة حزب الله اللبنانية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر.

ويشمل قرار زيادة الميزانية أيضا سكان البلدات المتاخمة لقطاع غزة والتي يسميها مجلس الوزراء الإسرائيلي “مناطق الصراع”.

وقالت وزارة المالية إن 525 مليون شيكل من إجمالي الميزانية عادت إلى خزائن الدولة بعد تخفيضات سابقة في الإنفاق في حين سيتم تخصيص 200 مليون شيكل أخرى لتمويل قوات الاحتياط في الجيش.

قطاع السياحة يعاني

في البلدة القديمة بالقدس، تم إغلاق جميع متاجر الهدايا التذكارية تقريبا. أما في سوق السلع المستعملة في حيفا فيقوم التجار الذين أصابهم اليأس من ظهور مشترين بتلميع وترتيب بضاعتهم في الشوارع الخالية. كما قامت شركات الطيران بإلغاء رحلات، وتوقفت الأعمال، وبات نصف غرف الفنادق الفاخرة شاغرا.

بعد مرور نحو 11 شهرا على الحرب ضد حماس، يعاني الاقتصاد الإسرائيلي بينما يمضي قادة البلاد قدما في هجومهم الذي لا يظهر أي علامة على النهاية، بل ويهدد بالتصاعد إلى صراع أوسع نطاقا.

ويسعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تهدئة المخاوف من خلال تصريحات مفادها أن الأضرار الاقتصادية مؤقتة فقط. لكن الحرب الأكثر دموية وتدميراً على الإطلاق بين إسرائيل وحماس ألحقت الضرر بآلاف الشركات الصغيرة، وأضعفت ثقة العالم الخارجي في اقتصاد كان ينظر إليه يوما ما على أنه محرك وقاطرة ريادة الأعمال. ويرى بعض الاقتصاديين البارزين أن وقف إطلاق النار هو أفضل وسيلة لوقف نزيف هذا الضرر.

فمثلا، تقول كارنيت فلوغ، المحافظة السابقة للبنك المركزي الإسرائيلي، إن “الاقتصاد يعاني حاليا من حالة واسعة من عدم اليقين، ويرتبط الأمر بالوضع الأمني، أي بمدى استمرار الحرب، وقوتها، وما إذا كان سيكون هناك المزيد من التصعيد”. وهي تشغل حاليا منصب نائبة رئيس قسم الأبحاث في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مركز أبحاث في القدس.

تعافى الاقتصاد الإسرائيلي في السابق من صدمات، شملت حروبا قصيرة ضد حماس. لكن هذا الصراع الأطول أمدا خلق ضغطا أكبر، بما في ذلك تكلفة إعادة الإعمار، وتعويض أسر الضحايا، واستدعاء جنود الاحتياط، وإنفاق عسكري هائل.

القتال الذي طال أمده والتهديد بمزيد من التصعيد مع إيران وحزب الله كان لهما تأثير سلبي بشكل خاص على قطاع السياحة. فرغم أن السياحة ليست محركا رئيسيا للاقتصاد الإسرائيلي، إلا أن الحرب ألحقت أضرارا بآلاف العاملين والشركات الصغيرة.

قطاع التجارة 

كان ميناء حيفا يعج بالنشاط سابقا، فقد كان مركزا رئيسيا للاستيراد والتصدير، وتتوقف به سفن الحاويات الضخمة في كثير من الأحيان، فأصبح الآن ساكنا تماما.

ومع تكرار هجمات جماعة الحوثي في اليمن على السفن المارة عبر البحر الأحمر، تخلى العديد منها عن التوقف في الموانئ الإسرائيلية، بحسب مسؤول في الميناء، تحدث شريطة تكتم هويته لأنه كان يكشف عن معلومات داخلية.

وأضاف أن الموانئ الإسرائيلية شهدت انخفاضا في الشحن بنسبة 16 بالمئة في النصف الأول من العام، مقارنة بنفس الفترة من عام 2023.

كما علقت شركات الطيران الكبرى رحلاتها من وإلى إسرائيل.

خسائر فادحة

قال جاكوب شينين، الخبير الاقتصادي الإسرائيلي ومستشار رؤساء وزراء إسرائيليين ووزارات على مدار عقود، إن التكلفة الإجمالية للحرب قد تصل إلى 120 مليار دولار، أو 20 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.

ومن بين الدول الأعضاء الـ 38 في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، شهد الاقتصاد الإسرائيلي أكبر تباطؤ في الفترة من أبريل نيسان حتى يونيو، حسبما ذكرت المنظمة يوم الخميس.

وكان المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي الإسرائيلي بنسبة 3 بالمائة عام 2024، بينما يتوقع بنك إسرائيل المركزي الآن معدل نمو قدره 1.5 بالمائة – في حال انتهت الحرب هذا العام.

كذلك خفضت وكالة فيتش تصنيف إسرائيل من إيه بلس إلى إيه في وقت سابق من الشهر، بعد تخفيضات مماثلة من وكالتي ستاندرد آند بورز، وموديز. وقد يؤدي خفض التصنيف إلى رفع تكاليف الاقتراض الحكومي.

وحذرت وكالة فيتش في مذكرتها لخفض التصنيف من احتمال “إنفاق عسكري إضافي كبير، وتدمير البنية التحتية، والمزيد من الأضرار المستمرة للنشاط الاقتصادي والاستثمار”، مضيفة أنه “من وجهة نظرنا، يمكن أن يستمر الصراع في غزة حتى عام 2025”.

وفي إشارة أخرى مثيرة للقلق، اعلنت وزارة المالية هذا الشهر أن العجز في البلاد خلال الأشهر الاثني عشر الماضية ارتفع إلى أكثر من 8 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، وهو تجاوز أكبر بكثير من نسبة عجز بنسبة 6.6 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي توقعتها الوزارة لعام 2024.

وبلغ عجز الموازنة نحو 4 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.

أدى خفض التصنيف الائتماني والعجز إلى تكثف الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء الحرب وخفض العجز، ما قد يتطلب اتخاذ قرارات لا تحظى بشعبية، مثل زيادة الضرائب أو خفض الإنفاق.

لكن نتنياهو بحاجة إلى الإبقاء على ائتلافه قائما، كما يطالب وزير ماليته المتشدد، بتسلئيل سموتريتش، باستمرار الحرب حتى القضاء التام على حماس.

وقالت فلوغ، محافظة البنك المركزي السابقة، إن الوضع الحالي غير قابل للاستدامة، وإن الائتلاف سيضطر إلى تقليص الإنفاق، مثل الدعم الذي لا يحظى بشعبية لمدارس اليهود الحريديم، الذي ينظر إليه الكثير من الإسرائيليين على أنه إسراف.

وأضافت فلوغ “سيواجه الإسرائيليون صعوبة في قبول الأمر إن لم توضح الحكومة أن خطورة الوضع تجبرها على التخلي عن بعض الأمور المحببة إليهم”.

وصرح سموتريتش بأن الاقتصاد الإسرائيلي “قوي” وتعهد بتمرير “موازنة مسؤولة تستمر في دعم جميع احتياجات الحرب، مع الحفاظ على الأطر المالية، وتعزيز محركات النمو”.

وقال شينين إن معدل البطالة انخفض إلى ما دون مستويات ما قبل الحرب إلى 3.4 بالمئة في يوليو، مقارنة بـ 3.6 بالمئة في يوليو 2023. ولكن عند وضع الإسرائيليين الذين أجبروا على الخروج من سوق العمل في الاعتبار، ترتفع هذه النسبة إلى 4.8 بالمئة، وهي نسبة لا تزال تعتبر منخفضة في معظم الدول.

في غضون ذلك أغلق العديد من الشركات الصغيرة أبوابه بعد استدعاء أصحابها وموظفيها للخدمة العسكرية كجنود احتياط، بينما يعاني الباقون وسط تباطؤ الاقتصاد.

أفادت شركة المعلومات التجارية الإسرائيلية كوفاس بي دي آي، أن حوالي 46000 شركة أغلقت أبوابها منذ بداية الحرب، 75 بالمئة منها شركات صغيرة.

وقال جيريمي بيركوفيتز، الذي يمثل مالكي الفندق، إن حتى فندق أميركان كولوني الشهير في القدس، ومن نزلائه سياسيون ودبلوماسيون ونجوم سينما، قام بتسريح عمال ويبحث خفض الأجور.

وأضاف “فكرنا في مرحلة ما في الإغلاق لبضعة أشهر، لكن هذا يعني بالطبع إقالة جميع الموظفين، كما يعني إهمال الحدائق التي قمنا بتطويرها على مدار عشرات الأعوام، وتركها دون عناية”.

وقال شينين إن أفضل طريقة لمساعدة الاقتصاد على التعافي هي إنهاء الحرب، مستطردا ومحذرا “لكن إذا عاندنا وواصلنا هذه الحرب فلن نتعافى”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version